على الحكومة إنفاذ القانون أو الرحيل..
كتب موسى الصبيحي -
أتقدّم بهذه الشكوى إلى مقام جلالة الملك على حكومة الدكتور بشر هاني الخصاونة لأمرين:
الأمر الأول:
أنها تراجعت عن إنفاذ قرار صادر بموجب القانون إبّان الحكومة التي سبقتها، وهو القرار الصادر عن اللجنة الثلاثية لشؤون العمل بموجب المادة (52) من قانون العمل بتاريخ 24-2-2020 والمنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (5687) تاريخ 31-12-2020 ومضمونه زيادة الحد الأدنى للأجور بما يعادل نسبة التضخم المسجلة في المملكة لعام سابق وذلك لكل من السنوات 2022، 2023, 2024.
وبموجب ذلك القرار الذي مرّ بكافة مراحله الإدارية والقانونية وأصبح واجب النفاذ من مطلع العام الجاري، كان يُفترَض أن تلتزم الحكومة الحالية بزيادة الحد الأدنى للأجور بمقدار (11) ديناراً فقط اعتباراً من 1-1-2023 كون نسبة التضخم المسجلة في المملكة لعام 2022 بلغت (4.22%)، وبالتالي يُفترض رفع الحد الأدنى للأجور تلقائياً من (260) ديناراً إلى (271) ديناراً بناءً على القرار السابق المشار إليه والمنشور في الجريدة الرسمية والذي يُفتَرَض أنه واجب التطبيق اعتباراً من بداية العام لكن الحكومة الحالية يا جلالة الملك تراجعت عن ذلك القرار الصادر بمقتضى القانون والواجب النفاذ، وسارعت من خلال وزير العمل إلى دعوة اللجنة الثلاثية إلى اجتماع عاجل قرّرت فيه إلغاء القرار السابق رغم مروره بكافة مراحله القانونية وأصبح محصّناً من الإلغاء أو التراجع عنه، وأبقت على الحد الأدنى للأجور كما هو (260 ديناراً) رافضة ربطه بنسبة الارتفاع بكلف المعيشة كما ينص قانون العمل، ما يُعدّ مخالفة صريحة للقانون، حيث أن الفقرة "ب" من المادة "52" من قانون العمل تلزم بأخذ معدل الارتفاع بتكاليف المعيشة "التضخم" بعين الاعتبار عند إقرار رفع الحد الأدنى للأجور.
لقد وجّهتم جلالتكم كل حكوماتكم للعمل على تحسين معيشة المواطن وتعزيز الحماية الاجتماعية للناس والإسهام في إعلاء سيادة القانون والعدالة الاجتماعية في مملكتنا الحبيبة وعملاً بتوجيهات جلالتكم الحكيمة بأن نضغط ونصدع بكلمة الحق وندافع عن حقوق المواطنين، فإنني وللمرة الثانية أشكو إليك حكومتك في هذا الموضوع بالذات دفاعاً عن حقوق العمّال الضعفاء وأناشد جلالتكم التدخل وتوجيه الحكومة للعمل على إنفاذ القانون فوراً في هذه المسألة التي تعود بالنفع على أكثر من (155) ألف مؤمّن عليه أردني يعملون بأجور تعادل تماماً الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ (260) ديناراً، وهو ما لا يكفي للحد الأدنى لعيشة الكفاف لعامل أردني واحد فضلاً عن أسرته..!
الأمر الثاني:
أن الحكومة لا تزال تخالف القانون والقرارات القضائية بإحالة موظفيها على التقاعد المبكر دون طلبهم، علماً بأن التقاعد المبكر هو خيار للموظف المؤمّن عليه بالضمان، يلجأ إليه بمحض إرادته، ولا أحد يملك أن يُلزمه به، لكن الحكومة تصر وبانتقائية غير مفهومة ودون الاستناد إلى أسس ومعايير واضحة وعادلة وشفافة على إنهاء خدمات آلاف الموظفين العموميين المستكملين لشروط التقاعد المبكر دون طلبهم، وفي هذا مخالفة للقانون وإلحاق الأذى بالموظفين المحالين وكذلك الإضرار بالمركز المالي للضمان الاجتماعي.
هذه فحوى شكواي لجلالة الملك على الحكومة، وهذا هو ندائي ورجائي لجلالته، ولن أملّ ولن أكلّ من المطالبة بإحقاق الحق وإعلاء سيادة القانون الذي خالفته الحكومة، وسأبقى أنادي برفع الحد الأدنى للأجور وفقاً للقانون ووقف إحالة أي موظف عام على التقاعد المبكر دون طلبه، إيماناً بأن دولة القانون والمؤسسات لا تملك أن تخالف القانون كما لا تملك أن تتراجع عن قرارات اتُخِذت من مؤسساتها وفقاً لأحكام القانون، ولا أن تُخالف أحكام القضاء، أما الحكومة التي تعجز أو تتراجع عن إنفاذ وتطبيق القانون وترفض الإذعان لحكم القضاء فعليها أن ترحل غير مأسوفٍ عليها.!