متفوقو "التوجيهي".. هل يختارون تخصصات المستقبل؟
بين ميول ورغبة طفولية بدراسة تخصص جامعي، وقراءة مستقبلية لمتطلبات الوظيفة المقبلة، يضع طلبة أنهوا مرحلة الثانوية العامة "التوجيهي" بتفوق، معايير ومتطلبات سوق العمل كأساس لاختيار التخصص الجامعي، مع قناعات متفاوتة بضرورة الابتعاد عن تخصصات مشبعة وراكدة.
وعلى ما يبدو، فإن المرحلة القادمة بعد "التوجيهي"، هي الأكثر حساسية بالنسبة للطلبة وذويهم، والتي تفرض حسن الاختيار، في حين بات التأني السيناريو الأكثر حضورا في الوقت الراهن.
في مقابلات لعدد من الطلبة المتفوقين، تقاربت وجهات نظرهم فيما يخص اختيار التخصص، بعد أن أبدى الغالبية وعيا وإدراكا كبيرين بأهمية الابتعاد عن التخصصات الراكدة والمشبعة والذهاب نحو التخصصات المطلوبة لسوق عمل.
الطالبة دانا الحموي الحاصلة على المركز الثاني على مستوى المملكة بالفرع الأدبي بمعدل 99.55 % تقول بهذا الصدد، "لغاية اللحظة لم أقرر ما أدرسه، ولكن لدي طموح بدراسة اللغات".
وتبين الحموي، أن هذه الفترة يفضل فيها البحث بتأن عن التخصصات المطلوبة لسوق العمل والتي ستمكنها مستقبلا من ايجاد وظيفة مناسبة.
أما الطالب أحمد درويش الحاصل على المركز الثاني على مستوى المملكة في الفرع العلمي بمعدل 99.75 % فيقول "أطمح بدراسة تخصصات متعلقة بالتكنولوحيا، لغاية الآن لم أحسم أمري، مع ذلك فإن خياري لن يكون خارج تخصصات العلوم الطبية والهندسية والتكنولوجية التي أرغبها".
ويضيف، عند الاختيار لا بد من مراجعة التخصصات الراكدة والمشبعة والتخصصات المطلوبة لسوق العمل والتي تميل جلها للتخصصات التكنولوجية، مشيرا إلى أن قراره النهائي سيكون متوافقا مع احتياجات السوق من أجل مستقبله.
ويشاركهما بالرأي، الطالب بالفرع العلمي سيف الرشدان الحاصل على معدل 97.55 %، الذي قال "لغاية اللحظة لم أتخذ قرارا نهائيا بشأن التخصص الذي سأدرسه، ولكني أرغب في دراسة تخصص الأمن السيبراني أو هندسة حاسوب".
ويوضح الرشدان أن ميوله لدراسة أحد هذين التخصصين نابع من حبه لهذه التحصصات وكونها مطلوبة لسوق العمل في المرحلة المقبلة.
ويعتقد الرشدان أن الطالب سيبدع في دراسته إذا التحق بتخصص يرغب به، خاصة إذا كان عليه طلب في سوق العمل.
الطالبة بالفرع الأدبي ديالا مجدي الحاصلة على معدل 85.45 % تقول إنها "ترغب بدراسة تخصص اللغة العربية".
وتبين أن دراسة تخصص اللغة العربية سيمكنها من تحقيق حلمها في أن تصبح كاتبة محتوى كابنة عمها التي تعمل في هذا المجال منذ 9 أعوام في إحدى شركات الدعاية والإعلان.
وتشير مجدي إلى أن والدها اطلع على التخصصات المشبعة والراكدة ودعمها في التوجه نحو تخصص اللغة العربية كونه يعد من التخصصات المطلوبة لسوق العمل بالمرحلة المقبلة.
وكان ديوان الخدمة المدنية أطلق مؤخرا دراسة واقع العرض والطلب على التخصصات العلمية لحملة المؤهل الجامعي والدبلوم الشامل لكليات المجتمع في الخدمة المدنية للعام 2022 - 2023.
وبين رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد مؤخرا أن المتمعن في هيكلية البيانات الخاصة بالمتعطلين عن العمل ووفقا للبيانات والمعلومات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة يلاحظ أن البطالة تتركز بشكل أساسي بين حملة المؤهلات الجامعية وحملة الثانوية العامة فما دون.
يشار إلى أن قائمة التخصصات المطلوبة والتخصصات المتوقع إيقاف استقبالها سندا لأحكام المادة (40 ب) في نظام الخدمة المدنية رقم (9) لعام 2020، وفق دراسة العرض والطلب التي يطلقها ديوان الخدمة المدنية، هي: أولا: بكالوريوس ذكور (علوم سياسية، معلم صف/ تربية وتعليم، علوم مصرفية ومالية، آثار، لغات أجنبية، فلسفة، اقتصاد، بيئة ودراسات بيئية، تربية ابتدائية وطفل، علوم إدارية)، ثانيا: بكالوريوس إناث (علوم سياسية، علوم مصرفية ومالية، علم اجتماع، لغات أجنبية، آثار، فلسفة، اقتصاد، بيئة ودراسات بيئية، مكتبات، إدارة أعمال، نظم معلومات إدارية)، ثالثا: دبلوم ذكور (جميع التخصصات في المهن التعليمية)، رابعا: دبلوم إناث (جميع التخصصات في المهن التعليمية، علوم مصرفية ومالية).
فيما أظهرت نتائج الدراسة لهذا العام التخصصات المطلوبة في الخدمة المدنية، على مستوى المملكة، وفقا لمجموعة المهن في الخدمة المدنية من الجامعيين الذكور وهي:
المهن الطبية: (تخدير وإنعاش، الطب (مع ضرورة الانتباه والأخذ بالحسبان أعداد الطلبة على مقاعد الدراسة داخل المملكة وخارجها والتي تزيد على 30 ألف طالب وطالبة)، المهن الهندسية: هندسة الطاقة المتجددة/ المستدامة، هندسة إنترنت الأشياء، هندسة الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية، المهن التعليمية: اللغة العربية وآدابها، تربية مهنية، رياضيات، شريعة، دراسات إسلامية، فيزياء.
أما بالنسبة للمهن الإدارية فلا يوجد، وكذلك المهن التجارية والمالية.
وبالنسبة للمهن الأخرى فتتوزع على: (إحصاء، تخصصات مرتبطة بالتغيرات المتسارعة على مستوى العالم وتحديدا في الجانب الرقمي (الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي والروبوتات، الرسم الحاسوبي والرسوم المتحركة، الواقع الافتراضي، أمن المعلومات والفضاء الإلكتروني، التحقيقات الجنائية الرقمية، التسويق الرقمي أو الإلكتروني، أمن المعلومات والأدلة الرقمية، علم البيانات والذكاء الاصطناعي) وغيرها من مهن المستقبل.
وبالنسبة للتخصصات المطلوبة على مستوى المملكة وفقا لمجموعة المهن في الخدمة المدنية من الجامعيات الإناث، فهي (المهن الطبية: التخدير والإنعاش، تمريض الطب، مع ضرورة الانتباه والأخذ بالحسبان أعداد الطلبة على مقاعد الدراسة داخل المملكة وخارجها والتي تزيد على 30 ألف طالب وطالبة).
المهن الهندسية: هندسة الطاقة المتجددة، المهن التعليمية: لا يوجد، المهن الإدارية: لا يوجد، المهن التجارية والمالية: لا يوجد، المهن الأخرى: تخصصات مرتبطة بالتغيرات المتسارعة على مستوى العالم، وتحديدا في الجانب الرقمي (الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي والروبوتات، الرسم الحاسوبي والرسوم المتحركة، الواقع الافتراضي، أمن المعلومات والقضاء الإلكتروني، التحقيقات الجنائية الرقمية، التسويق الرقمي أو الإلكتروني، أمن المعلومات والأدلة الرقمية، علم البيانات والذكاء الاصطناعي) وغيرها من مهن المستقبل.
أما التخصصات المطلوبة على مستوى المملكة وفقا لمجموعة المهن في الخدمة المدنية من دبلوم كلية المجتمع الشامل للذكور فهي: المهن الطبية: تخدير وإنعاش، صحة عامة، تعقيم، أشعة (تصوير إشعاعي)، والمهن الهندسية: جميع التخصصات التقنية على مستوى الدبلوم الشامل كونها تخصصات تقنية وفنية وتطبيقية يحتاج لها سوق العمل، المهن الإدارية: إدارة لوازم ومستودعات، المهن الأخرى: لا يوجد، المهن التعليمية: لا يوجد.
وأشار إلى التخصصات المطلوبة على مستوى المملكة وفقا لمجموعة المهن في الخدمة المدنية من دبلوم كلية المجتمع الشامل للإناث وهي: المهن الطبية: أشعة (تصوير إشعاعي)، قبالة. المهن الهندسية: جميع التخصصات التقنية على مستوى الدبلوم الشامل كونها تخصصات تقنية وفنية وتطبيقية يحتاج لها سوق العمل، المهن التعليمية: لا يوجد، المهن الإدارية: لا يوجد، المهن التجارية والمالية: لا يوجد، المهن الأخرى: لا يوجد.
ويرى وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي أن عملية التحول في تفكير الطلبة للتوجه نحو التخصصات التقنية والمطلوبة لسوق العمل أمر مبشر.
وأضاف السعودي لـ"الغد" أن الطلبة يجب أن يتوجهوا للتخصصات المناسبة لهم بحدود كفاياتهم التي يمتلكونها بغض النظر عن المعدل الذي حققوه في امتحان الثانوية العامة (التوجيهي).
وبين السعودي أن هذا التحول في نمط التفكير المجتمعي يعد مؤشرا ايجابيا، لافتا إلى أن هذا الوعي جاء نتيجة لأرقام البطالة المتزايدة والفقر.
وأكد أن هذا الأمر يجب أن تستغله وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بحيث يتم توجيه الطلبة نحو التخصصات المناسبة لقدراتهم الحقيقبة بعض النظر إن كانت راكدة أو مشبعة أو مطلوبة.
وأوضح السعودي أن المفهوم الآن تغير فلم يعد الطالب في انتظار الوظائف الحكومية فبإمكانه أن يفتح مشروعه الخاص أو أن يلتحق بالقطاع الخاص.
ولفت إلى أن المؤسسات المعنية مطالبة الآن بتوجيه الطلبة نحو التخصصات المناسبة لهم والتي سيجدون فرص عمل مستقبلا فيها.
وتنسجم جزئية للسعودي ركز فيها على أن الطلبة يجب أن يتوجهوا للتخصصات المناسبة لقدراتهم الحقيقية بغض النظر إن كانت راكدة أو مشبعة أو مطلوبة، مع ما يراه الطالب محمد الكوفحي الحاصل على معدل 99.4 %، من مدرسة نموذجية اليرموك في إربد.
ورغم أن الكوفحي لم يحسم أمره لغاية الآن وهو في مرحلة المفاضلة بين دراسة تخصص هندسة البرمجيات أو الطب، إلا أنه ميوله لدراسة البرمجيات هو الأرجح.
ويضيف أن اهتمامه منذ الصغر كان يتركز على تخصص الحاسوب، معتبرا أن الحكم على أن التخصص يشهد ركودا في سوق العمل يرجع للشخص نفسه، حيث أن إبداعه وتميزه في تخصصه هو الأهم، وبإمكان الشخص أن يسوق نفسه سواء داخليا أو خارجيا.
وأشار إلى أن العمل في مجال الحاسوب تطور كثيرا، ويمكنه العمل مع الشركات من داخل منزله، ويحقق مصدر دخل.
وترى الأولى على محافظة العقبة في الفرع العلمي وحصلت على معدل 99.55 %، نبال إبراهيم حمدان أن رحلة البحث عن تخصص جامعي بدأت منذ لحظة إعلان النتائج.
وتشير حمدان إلى أن ميولها في اختيار التخصص ينصب على المجال الطبي، وبالأغلب الطب البشري أو دكتور صيدلي، لافتة أن اختيارها للفرع العلمي جاء برغبة منها ودعم من أسرتها.
في حالة أخرى تعكس تعلق طلبة متفوقين بميولهم، بغض النظر عن معدلاتهم مدفوعين بثقتهم بأن يكونوا مبدعين، قررت الطالبة إسلام بني مصطفى الأولى في الفرع الأدبي على محافظة جرش بمعدل 99 دراسة تخصص الصحافة والإعلام، وهو التخصص الذي تطمح بدراسته منذ نعومة أظفارها، وفق تعبيرها.
وقال والد إسلام الدكتور محمد بني مصطفى إن رغبة إسلام بدراسة الفرع الأدبي بالتوجيهي لحبها وشغفها بتخصص الصحافة والإعلام الذي يتناسب مع شخصيتها وطموحها بغض النظر عن الشواغر وفرص العمل المتوفرة في هذا المجال وبغض النظر عن الجامعة.
وبين أن الطموح الأول كان هو تحقيق مرتبة على مستوى المملكة ولم يحالفها الحظ على مستوى المملكة وحصلت على ترتيب الأول على محافظة جرش والهدف الآخر هو دراسة التخصص الذي تطمح له أما خيار الوظيفة يبقى حسب سوق العمل لا سيما وأنها ستتابع كافة مراحلها الدراسية العليا وهي تعتمد على حبها وشغفها بالتخصص فإذا كانت ترغب بالتخصص ستكون قادرة على الحصول على وظيفة مناسبة في المستقبل.
وتقول رغد جهاد الدولات من مدرسة بيت يافا الأساسية المختلطة بمحافظة إربد، والحاصلة على معدل 99.5 %، والسادسة على مستوى المملكة في الفرع الأدبي، إنها تعتزم دراسة تخصص الأدب الإنجليزي في جامعة اليرموك بغض النظر ما إذا كان التخصص من التخصصات الراكدة في سوق العمل أم لا.
وأشارت إلى أن حلمها أن تدرس تخصص الأدب الانجليزي وأن تصبح معلمة يراودها منذ الطفولة، وأن فرص العمل متاحة في أكثر من مجال.
الطالبة إيمان محمود عارف العواملة التي حصدت المرتبة الأولى على محافظة البلقاء، والمرتبة الثانية على مستوى المملكة، في الفرع العلمي، بمعدل 99.75 %، تقول وبشأن التخصص الذي تنوي دراسته في الجامعة، "أفكر مبدئيا بدراسة الطب البشري، مع عدم استبعاد دراسة تخصص آخر، لا سيما مع ازدياد التوجه والطلب على التخصصات التقنية، بالنهاية سأستخير وأقرر".