الجامعات والتوجيهي والإرشاد والتوجيه المهني… !
مع ظهور نتائج الثانوية العامة، نبارك لمن حالفهم النجاح من أبنائنا الطلبة، ونقول لمن لم يستكملوا متطلبات النجاح.. الأمل أمامكم بمزيد من المثابرة والإجتهاد، ولا ننسى الإرهاصات التي حدثت في سير الإمتحان والشكاوي التي أثيرت على اسئلة بعض المباحث، ومعالجة الوزارة لذلك وربما للنتائج ككل..! وهذا يحدث لاي امتحان عام بأعداد كبيرة.
ويبدو أن سياسة إختفاء وتخفيت وهج التوجيهي قد بدأت… وربما كان اوللها عدم ظهور الوزير في المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج..!، وفي السنوات القادمة بانتظار آلية الامتحان الجديدة على سنتين، لعل وعسى أن نخرج من مؤرق وبعبع وطني أسمه التوجيهي..!.ونتمنى أن تنجح الوزارة بذلك وتحافظ على جودة الامتحان وأن تصل السياسات إلى أسس قبول جديدة في الجامعات لا ترتكز فقط على التوجيهي.
تتجه أنظار الطلبة والأهالي حاليا نحو المرحلة القادمة، القبول الجامعي والتخصص المأمول، في ظل طرح أكثر من 500 تخصص لمستوى البكالوريوس في جامعاتنا الوطنية، وفي ظل غياب أي دور إرشادي حقيقي للطلبة ( غير إرشادات تعبئة الطلب) تتبناه وزارة التعليم العالي أو تابعها القبول الموحد، وهذا لا يكون فزعه بل يجب أن يكون مخطط له، ورافق الطلبة في المرحلة المدرسية، فالإرشاد والتوجيه المهني يبدأ من المدرسة إلى كل مراحل التعليم اللاحقة العليا ومن ثم إلى التدريب ما قبل التوظيف أو التشغيل ثم المساعدة في الإستخدام والتشغيل ومن ثم التكيف مع العمل، عبر مراحل أربعة هي؛ الإختيار المهني ثم التدريب قبل العمل، ثم المساعدة في التوظيف أو الإستخدام، وبعد التشغيل او التوظيف التكيف مع العمل، وقد يمتد للتكيف في مرحلة التقاعد، والإرشاد والتوجيه المهني ببساطة هو ربط الفرد مع العمل من خلال ربط الميول والإتجاهات والقدرات للفرد مع متطلبات المهنة أو العمل، من خلال تحليل علمي لشخصية الفرد وتحليل للمهنة، بحيث نضمن أن الفرد ذهب لمهنة أو عمل أو تخصص يناسب خصائصه وقدراته وميوله واتجاهاته، وهذا ينعكس على بيئة العمل والإنتاج إيجابياً، ومن ثم على الإقتصاد الوطني، وعلى الفرد نفسه… هكذا تفعل الدول المتقدمة… !
وفي حالتنا يتم الإختيار للناجحين ومن ينطبق عليهم شرط المعدل فقط، من خلال التخصص الذي ستحمله نتائج القبول الموحد وهو المُحدد لتخصص الطالب في الجامعة ودراسته المستقبلية وبالتالي مسيرته المهنية والحياتية، إذا عرفنا أننا نَدرس في الجامعات لنتمكن من تحصيل وظيفة أو عمل فيما بعد، وهنا يجب التنويه إلى تقصير جامعاتنا في قضية إرشاد الطلبة للتخصصات التي تطرحها؛ أي الإرشاد الأكاديمي والمهني، إذ نجد إعلانات تركز على أسعار الساعات وما يتوفر من تخصصات، دون أي تلميح أو تصريح يصب في خانة التوجيه والإرشاد الأكاديمي والمهني كما أسلفت.
الجامعات وبالذات الحكومية لا تقوم بتسويق تخصصاتها وشرحها وتوضيح كل ما يخص هذه التخصصات للطلبة، إذ لا يكفي إعلان أسماء التخصصات..!، ولا تقوم بعمل ورش تثقيفية إرشادية للناجحين في حرمها الجامعي أو أي مكان ولا تصل للطلبة قبل تعبئة نموذج القبول الموحد، وتكتفي كل عام بتزويد التعليم العالي ولجنة القبول الموحد بأعداد المقاعد المتاحة لديها لكل تخصص، وترمي بالثقل على الطلبه والاهالي وعلى لجنة القبول الموحد، لأن قبول وتهافت الطلبة على المقعد الجامعي تحصيل حاصل، والقضية لا تعدو تعبئة شواغر لديها، وحساب مالي… ! وهذا مفهوم خاطئ ولا يبرره أن القبول للطلبة على التخصصات المختلفة يحدده معدل الثانوية العامة فقط، فإذا علمنا أن علم الإرشاد والتوجيه المهني كما أسلفت؛ يرتكز على ركيزتين رئيسيتين أولاهما الفرد وشخصيته وميوله واتجاهاته وقدراته، وثانيهما العمل وتحليله وخصائصه ومتطلباته، حيث يساعد الإرشاد والتوجيه المهني والأكاديمي الرصين على أن يمتهن الفرد مهنة تتناسب مع ميوله واتجاهاته وقدراته وسماته الشخصية، وعكس ذلك ذهاب الأفراد والطلبة إلى تخصصات لا تتناسب مع ميولهم واتجاهاتهم وقدراتهم، وهذا له مردود سلبي جدا على الفرد والمجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم انعكاساته، أفراد يفتقدون للطموح في مهنهم وتخصصاتهم، إنتاجهم متدني، محبطين، ليس لديهم طموح لتطوير ذاتهم وأعمالهم، وينعكس كل ذلك على منتجهم أو خدماتهم التي سيقدمونها عند انخراطهم في العمل بعد التخرج، ويتسبب أحيانا بضياعات وفواقد اقتصادية بحسابات اقتصاديات التعليم بسبب ترك المهن والتخصصات التي تم تأهيلهم لها وتعطيل الإنتاج، وانتقالهم إلى أعمال أخرى بسيطة غير التي تم تأهيلهم لها، وهذا يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد ال…