لماذا يخشى الاحتلال عودة الخليل لواجهة العمل المقاوم؟

تربعت مدينة الخليل على هرم حالة المقاومة المسلحة المشتعلة في الضفة الغربية المحتلة، بعد عملية إطلاق النار أمس قرب مستوطنة "كريات أربع" جنوبي المدينة، والتي أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة آخر بجروح حرجة.

وتشهد الضفة زحفاً للمقاومة المسلحة من شمالها وصولاً إلى مخيم عقبة جبر في أريحا وأخيرًا في الخليل بعد سلسلة عمليات إطلاق نار، وسط مخاوف لدى الاحتلال من اتساع رقعة العمليات وتأصلها.

وجاءت عملية الخليل بعد يومين من عملية حوارة في نابلس التي أسفرت عن مقتل مستوطنين اثنين، ما أثار تساؤلات عن طابع تنظيمي ينسق العمليات بين المحافظات.

وفي السياق، يقول المحلل السياسي عادل شديد إن نتائج عملية الخليل وتوقيتها يزعج الاحتلال، لأنها تمثل امتداداً لحالة المقاومة المسلحة من شمال الضفة إلى جنوبها، وتنذر باتساعها إلى مناطق أخرى يعتبرها الاحتلال هادئة.

ويضيف أن العملية أفشلت كل محاولات تحييد المدينة عن ساحة المواجهة مع الاحتلال، وتفكيك الساحة الفلسطينية عن طريق عزل المدينة عن الأحداث في شمال الضفة.

ويبيّن شديد في حديثه لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يخشى التهاب الأوضاع في الخليل نظراً لخصوصية المدينة وما فيها من احكتاك يومي بين الفلسطينيين والمستوطنين، موضحاً أن تكرر مثل هذه العمليات سيزيد التوتر في المنطقة وسينعكس بردات فعل تشعل الأوضاع على غرار ما يحدث في شمال الضفة.

فيما تنبه الكاتبة لمى خاطر إلى أن الاحتلال تنبّه إلى ضرورة تحييد جنوب الضفة الغربية (الخليل وبيت لحم) بعد هبة القدس الأخيرة، حيث كان حضور الخليل واسع ومتنوع بعمليات نوعية شكلت العمود الفقري للهبة، إلى جانب طبيعة العمل المقاوم المركز من خلايا سرية صغيرة تنفذ عمليات نوعية.

وتضيف أن الاحتلال يتقصد فرض تسهيلات في المناطق الهادئة التي لا تخرج منها عمليات، في حين يتبع سياسة العصا مع المناطق المتأججة والملتهبة ويفرض عليها عقوبات جماعية.

وتشير خاطر في حديث لوكالة "صفا"، إلى أن الخليل أغرقت بالسلاح على مدار سنوات، في محاولة لإلهاء المدينة بالنزاعات العشائرية، والتي بلغت ذروتها عام 2021.

وتؤكد على أن الفعل المقاوم في مدينة الخليل حاضر وفي تصاعد مستمر رغم كل محاولات عزل المدينة عن ساحة المواجهة مع الاحتلال، مشيرةً إلى أن المقاومة أثبتت قدرتها على القضاء على أية ظواهر سلبية في المجتمع.

وحول دلالات عملية الخليل، تقول خاطر إن توقيت العملية في ذكرى إحراق المسجد الأقصى أثبت أن قضية المقدسات ما زالت حاضرة في الوعي الفلسطيني، خاصة في مدينة الخليل التي شهدت تهويد الاحتلال للمسجد الإبراهيمي.

وتلفت إلى أن مكان تنفيذ العملية شكّل ضربة للاستيطان، الذي يمثل أبرز التحديات التي تواجه مدينة الخليل، إلى جانب حدوثها بعد يومين من عملية حوارة وفق نمط مشابه ما يعزز جدواها في تشتيت جهود الاحتلال.

وارتفع عدد قتلى عمليات المقاومة المنطلقة من الضفة الغربية والقدس منذ بداية العام إلى 34، مقارنةً مع 33 قتيلًا في العام الماضي بأكمله.