مالك ابن الريب .. ايقونة النضال والتضحية و الدفاع عن الجياع
كتب محرر الشؤون الثقافية - تابعت المسلسل التاريخي مالك ابن الريب الذي انتجه بمنتهى الابداع والحرفية المركز العربي الذي سبق عصره في انتاج المسلسلات التاريخية الخالدة ، وشارك به جيل الكبار من الممثلين الاردنيين ايقونات الابداع الذين عرفهم العرب من المحيط الى الخليج ..
في الحقيقة رغم انه انتاج قديم نسبيا ٢٠١٧ ، ورغم مواظبتي على متابعة احدث الاعمال العربية و التركية التاريخية ، الا انني وجدت نفسي منبهرا و منجذبا لمتابعة المسلسل من الفه الى ياه ..
عن الفارس والشاعر مالك ابن الريب سنكتب ، هذا العربي، المختلف، الصعلوك الذي قطع الطريق ليطعم الفقراء ، هذا المقاوم المعارض الذي ارهق سلاطين عصره واتعبهم و قوض طمأنينتهم ، الفارس الهمام الذي مات وحيدا في ذات القفار التي جابها شاهرا سيفه لاطعام الجياع في اطراف المدن التي كلما ازدادت ازدهارا و ثروة ، أزداد شقاء ومعاناة قاطني الحواضر الطرفية . ما اشبه الامس باليوم ..
بطل المسلسل المرحوم ياسر المصري نجح نجاحا استثنائيا في تجسيد شخصية مالك ابن الريب ، وكاني به قد اعاد لنا مالكا واستحضر مكنونات شخصيته الآسرة .
ابن الريب تبنى مقولة الامام علي بن ابي طالب كرم الله جهه :عجبت لمن لم يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهرا سيفه ، واعتمدها مرجعا فكريا في نشاطه ضد قوافل كبار التجار ، ليس طمعا بثروة او جاه و سلطان و انما سعيا لاطعام الجياع ..
ابن الريب الذي استحضر تجربة الصعاليك وشبّه ب عروة ابن الورد ، ظل في صراع دائم مع نفسه ، وبقي قلقا مترددا خائفا من ان يوصم بانه فتاك و قاطع طريق ، ورغم هذا الصراع الذي لازمه و اتعبه و ارهقه ، الا ان انين الجياع و صرخات الاطفال و النساء ، كانت بالنسبة له اولى بالاستجابة .. اختار ان يضحي بنفسه وطمأنينته وسلامه الشخصي و يصطدم مع سلطة الخليفة معاوية ابن ابي سفيان و امرائه ، ويمضي حياته شريدا طريدا من اجل اطعام الفقراء و المحتاجين..
البطولة التي اظهرها ابن الريب والشجاعة منقطعة النظير التي واجه بها ما اعترضه من تحديات وعقبات جسام ، خلقت منه حالة خلدها التاريخ وتناقلها الناس جيلا تلو اخر ، مشاركته في الفتوحات الاسلامية ايضا وما اظهره فيها من اقدام و حنكة جعلت منه ايقونة نضال عز نظيرها .
ويبقى ان نسأل : كم مالكا نحتاج اليوم ، و كم مدافعا عن الفقراء والمحتاجين نريد ، وقد اتسعت الفجوة بين الاغنياء والفقراء وتركزت الثروة والسلطة بايدي قلقة قليلة ترفل بالعز والجاه ، واغلبية مطلقة من الذي يصارعون الجوع والمرض والقهر والجهل … رحم الله مالكا و غفر له …