أَنا وَالسُّلَيكُ وَشَنفرى
لَكَ اللهُ مِنْ شَعـبٍ يُبـاعُ وَيُشْتَـرى
وَلَمْ يَدْرِ ما البَلْوى وَمِمَّنْ وَما جَرى
يُؤَمِّـنُ مَـنْ خانَ البِـلادَ وَأَهلَهـا
وَيُنكِـرُ مَنْ عَـرّى الخِــداعَ وَحَــذَّرا
يَرى الفَقرَ فيْ طولِ البِلادِ وَعَرضِها
وَأَمّا اللُصوصَ الغادِريْنَ فَلا يَرى
يَرى حَرثَهُ وَالزَّرعَ باتَ مُحَطَّمـاً
وَما شاهَدَ الثَّورَ الكَبيـرَ وَأَبْصَـرا
تَمامُ العَمـىْ فَقـدُ البَصيْـرَةِ مَــرَّةً
وَلَوْ كُنْتَ بِالعَيْنيْـنِ تَنظُـرُ مُبْصِـرا
وَلَـوْ ظَـلَّ لِلأَغرابِ في الدَّارِ مِخلَبٌ
لَما كانَــتْ البَلــوىْ أشَـدَّ وَأكبَـرا
خُدِعْنـــا بِقَـوْمٍ لِلعَــدوِّ مآبُهُــمْ
فَلا الصِّدقُ أَنْجانا وَلا الدَّمُّ أَثمَرا
وَقَدْ كانَ يَخشانا المُراوِغُ حيْلَةً
فَلَمّـا تَـعَـوَّدْنـا الهَــوانَ تَنَمَّــرا
إِذا كانَ قانـونَ الجَرائِـمِ شَرْعُهُـمْ
فَشَرعيْ بِقانونِ السُّلَيْكِ وَشنفَـرى
لَعَمْرُكَ ما بالأرضِ ضيقٌ على امرئٍ
إذا شـاءَ حَقَّــاً أَن يَعيْـشَ مُحَـــرّرا
وَفي الأَرضِ مَنْأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذىْ
بِدارِ لئـامٍ إِنْ هَجاهُـمْ وأَكْثَـرا
وَأَرقَــطُ زُهْلــوْلٌ وَعَـرْفــاءُ جَيْــأَلٌ
لَأَنْقـى قُلوبــاً مِنْ وَضيْـعٍ تَوَزَّرا
بِــلادٌ يُغَشّيْهــا الفَســادَ أَميْنُهــا
وَإِنْ رُمْتَ خَيراً في الأمانَةِ لا تَرى
لِعــشريْنَ عامَــاً خَطْوُنا مُتَأَرجِـحٌ
يَقـودُ خُطانا تافِهـونَ إِلى الـوَرا
وَلَيسوا رِجالاً مُخلِصيْـنَ تَعَثّـروا
وَلَيـسَ لَهُـمْ فيْنـا أَيــادٍ فَنَعْـذِرا
فَلا الصَّبرُ مَحْمولٌ ولَوْ كُنتَ صابِراً
وَلا الخَيْرُ مأموْلٌ ولَوْ عِشتَ أَعْصُرا
لَئيْمُ السَّجايا لا يَتوْبُ عَنِ الأَذىْ
وَلوْ رُوحُهُ انْسَلَّتْ رُويْداً وغَرغَرا
هُـوَ الشَّــرُّ لا خَيــرٌ تَراهُ بِقُربِــهِ
وَمظهَـرُهُ يُغْــريْ وَقَد سَــاءَ مَخبَـرا
يُتاجِـرُ فيْ خُبـزِ الفقيـرِ ودَمعِـهِ
وَيَحسَـبُ أُردُنَّ الكَرامَـةِ مَتْجَـرا
يَبيْعُ غَـداً سُحتاً كما باعَ ماضِياً
وَلَمْ يُبقِ يابِسـاً وَلَمْ يُبقِ أَخضَــرا
وَيَكتُـمُ أنفاسَ الوُرودِ وَزَهرِهـا
إِذا السَّفحُ مِنْ شيْحانَ غَنّىْ وَأَزهرا
وَيَخنُقُ جَـذرَ السِّندِيانِ بِماحِصٍ
وَجِلعــادَ إِنْ فَـرعٌ تَعَلّـىْ وَنَـوَّرا
فماذا بَقــاءٌ يا سُلَيكُ بِمَوطِـنٍ
وَيا شَنفَرىْ مِنْ بَعدِ عَسْـفٍ تَفَجَّرا
إِذا الرِّيْحُ هَبَّتْ بالهَوانِ فَلَنْ أُرى
أُطأْطِئُ رأَسيْ أَو أَمـوتَ فَأُقْبَـرا
فَإِنْ مُتُّ مَقْهوراً طَريْداً وَمُفرَداً
كَفانيْ بأَنّيْ عِشْتُ دَهْريْ مُطَهَّرا
وَيا قَومي عُوْذوا مِنْ حُروفيْ فإنَّهُ
أَتانيْ سُـلَيكٌ بالقَصيْـدِ وَشَنْفَـرى