هل هو نهج جديد في اتخاذ القرار؟ وهل سيبقى المواطن يدفع فواتير "الحيتان"؟




كتب أنس ضمرة - 

على أحد البرامج الاذاعية الصباحية، اتصل مواطن من محافظة المفرق ليروي معاناة الأردنيين هناك بانقطاع المياه عنهم لفترة تزيد عن ٣ أشهر. المُتصل الذي ظل منتظرا على خط الاذاعة لأكثر من ٤٠ دقيقة، اشار الى انه منذ ثلاثة أشهر وهو يدفع الحد الأدنى لفاتورة المياه، لعدم وصول المياه وبالتالي عدم دوران العداد في منزله طيلة هذه الفترة.

الملفت كان موافقة المتصل المسبقة على رفع أسعار المياه شريطة استئناف تزويدها: "يا عمي ارفعوا المي، بس خلوها تيجي ونقدر نشرب"، الأمر الذي توقفت عنده للتفكير مطولا، وأثارت تساؤلات قد تبدو بديهية في ذهني.

هل كانت موافقة المتصل على رفع أسعار المياه هي نتيجة مستهدفة منذ البداية؟ هل هذه الانقطاعات كانت مبرمجة مسبقا للوصول إلى موافقة الأردنيين على رفع أسعار المياه مقابل انتظام التزويد؟.

من حق الحكومة استخدام سياقات مختلفة للحصول على موافقة المواطنين على قرارات غير شعبية، لكن اذا افترضنا جدلا بأن هذا السيناريو صحيح، وان الحكومة برمجت هذه الانقطاعات للترويج لقرار رفع أسعار المياه ل "تنتظم عمليات التزويد المياه للاردنيين" فان هذا النهج يثير العديد من القضايا الأخلاقية، بالشفافية والمصداقية، وإشراك المواطنين في اتخاذ القرار.

منذ سنوات ونسمع عن "خسائر" قطاع المياه، وأقول هنا خسائر واتحفظ على اعتبارها خسائر حتى وان كانت الدولة تدعم أسعار المياه باعتبار ان هذا من واجبات الدولة، ولكن على فرض أن هذا القطاع يكبد الحكومة كلفا مالية مرتفعة ويجب عكس هذه الكلف على فواتير الأردنيين، اليس من حق الناس أن يتم المكاشفة معهم وإشراكهم في اتخاذ القرار؟

أليس من حق الأردنيين أن يعرفوا ما هي الجهود التي بذلتها إدارة ملف المياه في الأردن على مدار آخر ١٠ سنوات في تخفيض الفاقد المائي الذي يصل الآن إلى نسب تتجاوز ال ٥٠٪؟

لطالما تحدث نواب ومسؤولين حكوميين عن "حيتان" لا يدفعون أثمان المياه لمنازلهم ومزارعهم، من حق الناس ان تعرف بعد رفع أسعار المياه كيف ستوقف الحكومة هذه السرقات، أو مكاشفتنا باننا سنبقى ندفع فواتيرهم إلى الأبد!

أخيرا ما هي مؤشرات الأداء التي يمكن للأردنيين تقييم الاستراتيجية الوطنية للمياه 2023- 2040 بناء عليها؟ وما هي الضمانات تنفيذ هذه الاستراتيجية؟

لا يمكن بقاء فلسفة "الخسائر" و"الأرباح" في قطاع المياه بعيدا عن حق الناس في الوصول إلى "مياه نظيفة" وهو واحد من أهداف التنمية المستدامة. ايضا قرار رفع المياه يأتي كغيره من القرارات الحكومية الأخيرة دون اي مشاورات أو ممارسات الشفافية والتشاركية مع الأردنيين.