خلل بنيوي في تركيبة مجلس استثمار أموال الضمان
كتب موسى الصبيحي -
لم يُراعِ المُشرِّع مع الأسف المبدأ التشاركي المتوازن الذي أنُشئت عليه المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي كمؤسسة ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، حتّم أن يكون مجلس إدارتها ثلاثي التشكيل ليكون ممثّلاً للأطراف الثلاثة التي تُشكّل المؤسسة في إطار منظومتها التأمينية الاجتماعية؛ الحكومة والعمال وأصحاب العمل، حيث جاء القانون متوازناً في ممثلي كل من الأطراف الثلاثة المذكورة؛ خمسة أعضاء بمن فيهم الرئيس يمثلون الحكومة، وخمسة يمثلون العمال، وخمسة يمثلون أصحاب العمل. فيما لم يُراعِ المشرِّع هذا التمثيل المتوازن في تشكيلة مجلس آخر مهم للغاية هو مجلس استثمار أموال الضمان المكون من (9) أعضاء بمن فيهم الرئيس، فقد أخلّت تركيبته بالتوازن الثلاثي المذكور إخلالاً كبيراً، حيث سبعة أعضاء يمثلون الحكومة(مدير مؤسسة الضمان ورئيس صندوق الاستثمار وخمسة بمن فيهم رئيس المجلس يعينهم مجلس الوزراء)، فيما يمثل العمال عضو واحد فقط ويمثل أصحاب العمل عضو واحد فقط.
هذه التركيبة تؤشّر إلى إمكانية الهيمنة الحكومية على قرارات صندوق استثمار أموال الضمان الذي لا تحتاج قراراته إلى موافقة مسبقة ولا حتى لاحقة من مجلس إدارة مؤسسة الضمان، كما أن العلاقة بين الصندوق ومجلس إدارة المؤسسة تشوبها الضبابية، ويكاد الصندوق يكون مستقلاً في الواقع عن المؤسسة، وهذا مخالف تماماً لقانون الضمان، حيث تنص الفقرة "ج" من المادة ( 8 ) منه على: (لغايات استثمار أموال المؤسسة يُنشأ فيها صندوق يسمى "صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي….الخ) فهو وإن كان يتمتع باستقلال إداري محدود إلا أنه غير مستقل مالياً عن المؤسسة، كما أنه جزء لا يتجزّأ من المؤسسة ولا يجوز فصله عنها (لاحظوا عبارة يُنشَأ فيها).
أعود إلى تركيبة مجلس الاستثمار، وحيث أن الصندوق جزء لا يتجزّأ من المؤسسة، فيجب أن يكون التمثيل في مجلس الاستثمار عادلاً متوازناً ممثّلاً للأطراف الثلاثة التي يتشكّل منها مجلس إدارة المؤسسة ذاتها بعدالة وتوازن، وهذا ما يُفترَض أن يتم في أول تعديل قادم على قانون الضمان لنضمن أولاً اتخاذ قرارات استثمارية أكثر مراعاة لمصالح المؤسسة وجمهورها ومستقبلها، ولنضمن أيضاً نطاقاً أوسع وأكثر تحديداً للمسؤولية والمساءلة عن نتائج القرارات الاستثمارية التي يتم اتخاذها.
هذا خلل يجب أن يُصوّب في أول تعديل قادم على قانون الضمان.