قانون الجرائم الالكترونية وحق حرية التعبير والرأي
كتب المحامي مصطفى محمد نصرالله *
قانون الجرائم الالكترونية الذي أثار جدلا ونقاشا وصل حتى طلب رد القانون، أصبح نافذا، مما يتوجب الالتزام بما جاء فيه من قواعد وأحكام ، ولا يعني ذلك عدم مواصلة العمل والجهد والضغط لتعديل مواد القانون التي يرى فيها الكثير من المتابعين انها تشكل تجاوزا واضحا على حق حرية التعبير وتعدٍ واضح على احكام الدستور الذي كفل ذلك الحق.
الى ذلك الوقت الذي يتنبه أصحاب القرار الى ضرورة مراجعة احكام القانون والعمل على تعديل بعض مواده بما يتوافق واحكام الدستور سيتم تطبيق القانون على الأفعال التي يتم ارتكابها بعد نفاذه وتشكل هذه الأفعال جرائم استناداً للقانون .
ان التطبيق العملي للقانون من خلال القضاء سواء باستخدام النيابة العامة سلطتها بتحريك الشكوى او من خلال صاحب المصلحة التي منحه القانون حق تحريك الشكوى، سيكون القضاء الذي هو محل -الثقة والاحترام - محط الأنظار، ومراقبة من قبل المتابعين والمهتمين من جميع الأطراف ، سواء كانت رسمية التي سعت بكل جهد لإقرار هذا القانون على الشكل الذي أقرّ فيه، أو من مؤسسات المجتمع المدني الحقوقي التي سيكون عليها عبئ كبير في متابعة ما يصدر من قرارات ولتقوم بواجبها في مناقشة القرارات والتعليق عليها بمهنية وقانونية ورصد أي تجاوز او خروج على قواعد الدستور التي منحت المواطن حق التعبير، وكذلك في عدم التوسع في تفسير نصوص القانون .
وسيكون من المراقبين الذين ينتظرون ما سيتم تطبيقه من احكام باهتمام كبير الإعلاميين والنشطاء وأصحاب المؤسسات والإصلاحيين والمنصات الالكترونية والمواقع الإخبارية وأصحاب الحسابات الخاصة لتلمس مناط المخالفات والمسؤولية القانونية التي يمكن ان يتحملونها في حال تم مخالفة قواعد القانون عبر صفحاتهم او منصاتهم او مواقعهم .
ويثور السؤال هل القانون يجرم ويمنع حرية الرأي ؟
ان الإجابة على هذا السؤال تحتاج الى بحث أكثر ، ولايتسع المقام في هذا المقال لبحثه بالتفصيل ، ولكن باختصار ، اعتقد انه يوجد في القانون مساحة وان كانت قليلة يستطيع أي مواطن ممارسة حقه في ابداء رأيه فيما يتعلق بالشأن العام ، وان ابداء الرأي والنصح والتوجيه وانتقاد أفعال دون التطرق للأشخاص لا يقع في مناط التجريم وهو فعل مباح وحق لكل مواطن بموجب الدستور والقانون لا بل هو واجب وطني وأخلاقي وقيمي على كل أحد من المواطنين ممارسته والقيام به .
ان رصد ما يقع من أفعال إثارة النعرات وما يمس الأخلاق العامة وأي فعل او قول يسيء للأديان وغيرها يستطيع المصلحون وأصحاب الآراء تسليط الضوء عليها وانتقادها دون اية مسؤولية أو ملاحقة قانونية ، وأكثر من ذلك يمكن تقديم الشكوى بحق من يخالف القانون ويتجرأ على ارتكاب هذه ألافعال التي تلحق الأذى بالمجتمع .
هذا ما استقر عليه القضاء الأردني بأعلى درجاته الذي قال قول الفصل ان "نقد عمل المسؤولين وليس شخوصهم دون الحط من الكرامة هو نقد مشروع ويدخل ضمن حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور".
فلا يجوز للمواطن الاردني أن يتنازل عن حقه في حرية التعبير وانما يتوجب التكيف ايجابيا مع هذا القانون الذي يستحق التعديل من باب التطوير والتحسين القانوني.
* باحث دكتور في القانون العام