التطبيع و سراب التنمية
يشكل التطبيع مع العدو الصهيوني أحد أبرز المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي برمته في وقتنا الحاضر و تعبيرا صارخا عن حالة التهافت و الانهيار التي يمر بها النظام الرسمي العربي في هذا الوقت العصيب من القرن الحادي و العشرين .
قد يتوهم بعض الساسة العرب أنهم بتطبيع علاقاتهم مع الكيان الغاصب يساهمون بشكل ما أو بآخر في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة المستدامة في أقطارهم عبر إزالة عوائق مفترضة تقف حجر عثرة كأداء في وجه انفتاحهم على الغرب ، لكن من المؤكد أن أية قرارات سياسية لا تحظى بالقبول و الشعبية لدى الشارع العربي هنا و هناك ستفضي إلى نتائج عكسية كارثية تتلاشى معها الاحلام العريضة التي قدمت للجماهير على شكل وعودا خلابة بالرخاء و الازدهار عبر بوابة الاعتراف بالدويلة العبرية المسخ .
إن الوعود التي قدمت في السابق على شكل احلام وردية بخصوص إمكانية تحقيق التعايش السلمي مع الورم السرطاني الخبيث المزروع في قلب الوطن العربي الكبير لم تلبث أن تحولت إلى كوابيس مزعجة تقض و تأرق مضاجع المواطن العربي المقهور المحروم من أبسط حقوقه الأساسية في الديمقراطية و الرفاهية و الذي لو اتيح له المجال أن يصدح بصوته الحر الاصيل عاليا لما تردد لحظة واحدة في رفض كافة مخرجات التسوية مع العدو الغاصب انطلاقا من كامب دايفيد مرورا بأوسلو و ليس انتهاءً بوادي عربة ، لذا فإن النخب المثقفة الطبيعية مدعوة اليوم إلى رفع عقيرة صوتها و تجريد اقلامها لتعبئة الشارع العربي ضد كل الدعوات الرامية إلى كسر حاجز العداء مع الكيان الصهيوني صنيعة الإمبريالية العالمية .