عرّف القضية الفلسطينية!
قُل لي ما هو تعريفك لـ "القضية الفلسطينية" أقل لك مَن أنت!
الجميع يؤيدون "القضية الفلسطينية".
والجميع يقرّون بشرعية "القضية الفلسطينية"..
والجميع يزاودون باسم "القضية الفلسطينية"..
والجميع يطالبون بحلّ جذري وعادل وشامل لـ "القضية الفلسطينية"..
ولكن ما هي "القضية الفلسطينية"؟!
كلّ طرف لديه تعريفه الخاص وإعادة تعريفه الخاصة لـ "القضية الفلسطينية".
وكلّ تعريف يقود إلى تحليلات وتفسيرات مختلفة ومتباينة، وبالتالي إلى نتائج وأحكام ومواقف مختلفة ومتباينة.
هناك مَن يعرّف القضية الفلسطينية باعتبارها قضية "تحرير": أي تحرير كامل تراب فلسطين من البحر إلى النهر من الاحتلال الصهيوني.
وهناك مَن يعرف القضية الفلسطينية باعتبارها قضية "دولة": حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية على أساس "حل الدولتين"، وحدود خط الهدنة لسنة 1967، والقرارات الأممية الصادرة بهذا الخصوص، والمعاهدات والاتفاقيات والتفاهمات الموقّعة لاحقا بين الأطراف المعنية.
بالنسبة للذين يتبنون "التحرير" تعريفا للقضية الفلسطينية، فإنّ حلّ الدولتين هو أكبر خيانة يمكن أن تُرتكب بحق القضية بكون هذا الحل يقتضي عمليا:
- الاعتراف النهائي بالكيان الصهيوني كدولة شرعية ذات سيادة.
- تقسيم القدس إلى "شرقية" و"غربية"، وفتح الباب لـ "تدويل" مقدساتها، والإقرار بشرعية سيادة "إسرائيل" على القدس الغربية وحقّها باتخاذها عاصمة أبدية لها.
- لا يوجد شيء اسمه "المقاومة".
- لا يوجد شيء اسمه "حق العودة"، فحق العودة هنا هو مسألة إجرائية خاضعة للتفاوض و"التعويض" و"إعادة التوطين".
- لا يوجد هناك شيء اسمه "فلسطينيو الداخل" أو "عرب الـ 48"؛ فهؤلاء فلسطينيون، وقد أصبحت لديهم دولتهم الآن، فليذهبوا إليها، ولتبقَ "إسرائيل" وطنا "قوميا" لليهود فقط.
في المقابل، بالنسبة للذين يتبنون "حلّ الدولتين" تعريفا للقضية الفلسطينية، فإنّ دعاوى "التحرير" و"المقاومة المسلحة" هما "خيانة" للقضية الفلسطينية باعتبار أنّ ذلك يؤدي إلى:
- إلصاق تهمة "الإرهاب" بالقضية الفلسطينية.
- إدامة دوامة "العنف والعنف المضاد".
- إنكار حق "الشعب الإسرائيلي" بالعيش.
- تعطيل جهود "التنمية" وتبديد "فرص" السلام الاقتصادي.
- تخوين الدول والأنظمة التي ترتبط باتفاقيات سلام أو تطبيع مع "إسرائيل"، أو تحتفظ بعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية معها.
وهناك مَن يتبنى تعريفات أضيق للقضية الفلسطينية:
فهناك مَن يقيّف القضية الفلسطينية على مقاس انتمائه "السلطوي" والفصائلي..
وهناك مَن يقيّف القضية الفلسطينية على مقاس "دوره الوظيفي"..
وهناك مَن يقيّف القضية الفلسطينية على مقاس تنفّعه وتكسّبه من استمرار الوضع القائم..
وهناك مَن يقيّف القضية الفلسطينية على مقاس مبلغ التعويضات التي يمكن أن يقبضها في المستقبل..
وهناك مَن ليس لديه تعريف محدد للقضية الفلسطينية، ومفهومه عنها هو خليط هلامي هجين وغير متجانس من جميع الكلام أعلاه!
هناك تعريفات صريحة وضمنية متعددة للقضية الفلسطينية تقود إلى مواقف وأحكام ومفاعيل مختلفة ومتباينة ومتعارضة وحتى متصارعة.. فما هو التعريف الذي تتبناه أنت؟!