أب ونجله.. خرجا لتشييع جثامين شهداء القرية فاستشهدا
في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الشامل على قطاع غزة، وجرائم الإبادة التي ترتكب بحق أبناء الشعب هناك، عبر قصف عشوائي للمنازل والأبراج السكنية والمنشآت المدنية، وقطع للمياه والكهرباء والوقود والغذاء، يشترك المستعمرون المدججون بالأسلحة في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وممتلكاته في الضفة الغربية، في ظل غياب المساءلة الدولية والمحاسبة على تلك الجرائم.
وتطلق دولة الاحتلال العنان لمستعمريها، بحماية شرطتها وجنودها، ليقتلوا المواطنين الفلسطينيين، ويدنسوا مقدساتهم، ويحرقوا بلداتهم وقراهم ومركباتهم، ويقطعوا أشجارهم ويدمروا محاصيلهم، ويقطعوا الطرق.
وفي آخر جرائمهم التي لا تتوقف، أقدم مستعمرون على إطلاق الرصاص على المواطن إبراهيم أحمد محمود وادي (62 عاما) ونجله أحمد (25 عاما)، ما أدى إلى استشهادهما، وذلك خلال هجوم على موكب تشييع جثامين أربعة شهداء من قريتهم، قصرة، جنوب نابلس، ارتقوا الأربعاء، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال والمستعمرين.
وهاجم المستعمرون موكب التشييع، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند مفترق قريتي قبلان والساوية، جنوب نابلس.
ويروي رئيس مجلس قصرة هاني عودة لـ"وفا" بأن موكب تشييع الشهداء الأربعة الذين ارتقوا الأربعاء، خلال مواجهات مع الاحتلال والمستعمرين في القرية، كان من المقرر أن يمر من قرية ياسوف إلى زعترة، من ثم يسلك طريق بين قريتي قبلان واللبن الشرقية.
ويضيف: بعد إخبارنا بوجود المستعمرين في زعترة جنوب نابلس، اضطررنا لتغيير الوجهة وسلوك طريق آخر، لنتفاجأ عند مفترق قرية قبلان بإغلاق المستعمرين للطريق بالحجارة والإطارات المطاطية، قبل أن يهاجموا موكب التشييع بإطلاق الرصاص صوب المركبات بشكل عشوائي، ما أدى إلى إصابة المواطن إبراهيم وادي ونجله أحمد بجروح حرجة، قبل الإعلان عن استشهادهما متأثرين بإصابتهما.
المواطن وادي، عضو سابق في إقليم حركة "فتح" في نابلس، وناشط في المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والتصدي لهجمات المستعمرين في قرية قصرة، حسب ما أكده الكثير من أهالي القرية.
عبد العظيم وادي، شقيق الشهيد إبراهيم، يقول إن إبراهيم حاصل على شهادة البكالوريوس في الكيمياء من باكستان، ولديه 11 من الأبناء، وهو يحمل تاريخا حافلا بالدفاع عن أرضه، منذ الانتفاضة الأولى وحتى صباح اليوم وهو آخر يوم في حياته، حيث شكّل خلايا للدفاع عن الأراضي في قرية قصرة، وكان ناشطا في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، واعتقله الاحتلال عدة مرات، حيث أمضى فترات متفرقة في سجون الاحتلال منها ثلاث سنوات، وثمانية أشهر، وآخرها مع أحد أبنائه وخرج بكفالة مالية.
"لم يغب عن المقاومة الشعبية للاحتلال أبدًا، وأصيب أكثر من مرة خلال دفاعه عن الأراضي في قريته قصرة، وكانت آخرها إصابته بالرصاص بالرأس، رقد بعدها لفترة في المستشفى"، يضيف عبد العظيم.
ويتابع: "أما نجله الشهيد أحمد، يدرس في سنته الأخيرة في كلية القانون، وكان ناشطا في لجان الحراسة والحماية الليلية في القرية لسنوات، وأصيب أيضا أكثر من مرة خلال التصدي لهجمات المستعمرين والاحتلال".
وأشار إلى أنهما استشهدا الخميس، أيضا خلال دفاعهما عن أبسط حقوقهم وهي دفن شهدائهم بما يليق بهم.
وخلال وداع جثماني الشهيدين وادي في مستشفى رفيديا، قال نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول: "جنازة لتشييع شهداء، يُطلق النار على المشيعين ما يؤدي إلى مزيد من الشهداء، هذه هي سمة الاحتلال ودولته ومستعمريه، التي تهدف إلى إبادة شعبنا".
ولم يكتف المستعمرون بإطلاق الرصاص وقتل الأب وابنه، بحماية جنود الاحتلال، بل اعتدوا على جثمان الشهيد أحمد وحاولوا سحله على الشارع، حيث تظهر آثار الكدمات واضحة على وجهه ورأسه، بحسب عبد العظيم.
وتشهد قرى وبلدات جنوب نابلس، تصاعدًا في هجمات المستعمرين المسلحين على المواطنين ومنازلهم وأراضيهم، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تشترك معهم أحيانًا في الجرائم، أو توفّر لهم الغطاء والحماية لتنفيذها.
"الهجمات الأخيرة هي الأشرس من بين سابقتها، فالهدف واضح منها وهو القتل المباشر"، قال رئيس مجلس قروي قصرة.
وفا