من قندوز إلى غزة.. المأساة في القطاع لا تنحصر بقصف المنشآت الطبية!
تؤكد الأدلة أن مستشفى المعمداني في غزة قبل استهداف الذي أودى بحياة المئات كان مكتظا بمدنيين فلسطينيين لجأوا إليه هربا من القصف الإسرائيلي العنيف.
من بين حوالي 5 آلاف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال كانوا بالمستشفى، قتل 471 شخصا، وأصيب حوالي 600 بجروح متفاوتة الخطورة.
المأساة في غزة لا تنحصر في تعرض المؤسسات الطبية للاستهداف من قبل إسرائيل، بل تمتد في هذا المجال إلى النقص الحاد في الأدوية والإمدادات الطبية، وقطع إسرائيل إمدادات الكهرباء والمياه عن القطاع ما يزيد من صعوبة مواصلة المستشفيات القليلة لعملها، ويعرض حياة الجرحى والمصابين لموت محقق، ناهيك عن تدمير الضربات الجوية الإسرائيلية المتواصلة عددا كبيرا من سيارات الإسعاف في القطاع، وعدم القدرة على إجلاء المصابين والمرضي خارج المنطقة لعدم وجود ممر آمن.
من أمثلة هذه الجريمة في العصر الحديث، الغارة الجوية الأمريكية التي استهدفت مستشفى مدينة قندوز الأفغانية في 5 أكتوبر عام 2015، وأودت بحياة 22 شخصا من بين 200 كانوا بداخله.
منظمة أطباء بلا حدود اعتبرت القصف الأمريكي للمنشأة الطبية التي تديرها في أفغانستان "انتهاكا للقانون الدولي وجريمة حرب".
مستشفى "أطباء بلا حدود" في قندوز، كان كبيرا وقد قدم خدماته في عام 2014 لـ 22 ألف شخص، وفي الأشهر الأخيرة قبل أن تدمره الغارة الأمريكية كان يستقبل في كل يوم ما بين 50 إلى 100 مريض، كما كان أعلن قبل الغارة الجوية الأمريكية بأيام قليلة بأنه مكتظ تماما.
أما أثناء الحرب العالمية الثانية، فكان من أمثلة مثل هذه الأعمال الوحشية التي استهدفت الكوادر الطبية، المذبحة التي نفذها جنود يابانيون بجزيرة بانغكا الإندونيسية في 16 فبراير عام 1942.
في تلك الحادثة الرهيبة، قصفت القوات اليابانية سفينتين في مياه الجزيرة الإندونيسية، وقاموا بأسر حوالي مئة من الركاب الذين كانوا على متنهما.
سارع الجنود اليابانيون على الفور إلى إطلاق النار على جميع الرجال، ثم استخدموا الحراب في تلك المذبحة، ولم يتبق إلا 22 ممرضة استرالية، أمرهن الجنود اليابانيون بالمضي إلى البحر، ثم أطلقوا النار عليهن من الخلف بواسطة مدافع رشاشة.
من قندوز إلى غزة
ممرضة استرالية واحدة تدعى فيفيان بولوينكل، نجت من المذبحة ولم يصب الرصاص أجهزتها الحيوية. كُتب لها عمر جديد إلى أن توفيت في عام 2000 بعد أن ناهز عمرها 84 عاما.
الممارسات الإسرائيلية الحالية في غزة تنتهك بشكل صارخ اتفاقية جنيف التي تشدد في مادتها رقم 18 على أنه "لا يمكن أن تكون المستشفيات المدنية المخصصة لتقديم المساعدة للجرحى والمرضى والمعوقين والنساء العاملات تحت أي ظرف من الظروف هدفا للهجوم، ولكنها ستتمتع في جميع الأوقات باحترام وحماية أطراف النزاع".
إسرائيل تضرب بعرض الحائط المادة 21 أيضا من اتفاقية جنيف والتي يقول نصها: "يجب أن يحظى نقل الجرحى والمرضى من المدنيين والمعوقين والنساء في العمل الذي يتم على الأرض بواسطة قوافل النقل والقطارات الصحية أو في البحر بواسطة السفن المخصصة لهذا النقل بنفس الاحترام والحماية التي تتمتع بها المستشفيات المشار إليها في المادة 18".
ما يجري في غزة يخالف بطريقة صارخة جميع مواد هذه الاتفاقية بما في ذلك المادة 23 والتي تقول إن الأطراف الداخلة في هذه المعاهدة ستوفر "حرية مرور جميع الطرود بالمواد الطبية والصحية، وكذلك المواد اللازمة للطوائف الدينية المخصصة فقط للسكان المدنيين للطرف المتعاقد الآخر، حتى لو كان الأخير عدوا. كما سيسمح بالمرور الحر لجميع الطرود التي تحتوي على الطعام الضروري والمواد المحمولة وعوامل التقوية المخصصة للأطفال دون سن 15 عاما والنساء الحوامل والنساء في المخاض".
المصدر: RT