الى قناة الجزيرة.. رسالة الى مشاعل المهنية و الحقيقة المغيبة
كتب باسل العكور - منذ الدقيقة الاولى لعملية طوفان الاقصى ونحن متسمرون امام قناة الجزيرة، نتابع مجريات العدوان على اهلنا في قطاع غزة لحظة بلحظة عبر هذه الوسيلة الوحيدة التي اختارت ان تكون الاكثر دقة في نقل حقيقة ما يجري في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة..
نقدر عاليا هذا الجهد الكبير والاستثنائي، نعتز بكوادر هذه المؤسسة الاعلامية وبما تقدمه من تضحيات جسام من اجل نقل وتوثيق الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال البربري، ونعرف ان هناك ضغوطا تمارس على ادارة هذه المؤسسة الصحفية العريقة، وعلى حكومة الشقيقة قطر لتعطيل آلتها الاعلامية وتبني اسلوبا مختلفا في التغطية تمارسه فضائيات عربية اخرى (..) دون ادنى احترام لقواعد المهنة وجسامة الجرم المهني الذي يرتكبون في لحظة تاريخية فاصلة.
ندرك هذا كله، ولكننا مرتابون ومنزعجون من هذا الحرص غير المفهوم على تقديم الرواية الصهيونية واستضافة الساسة والمحللين والعسكريين من الجانب الاسرائيلي وسماعنا لاكاذيبهم وفبركاتهم على وسيلة اعلام عربية، في وقت نتابع به اشقاءنا يقطعون اربا جراء القصف الوحشي على قطاع غزة المحاصر !!هؤلاء مجرمو حرب لا يجوز ان يتصدروا وسائل اعلامنا …
الرواية الصهيونية تتصدر جميع وسائل الاعلام الغربية الاكثر انتشارا، وهذه الوسائل تحولت الى جوقة يحركها مايستروواحد، بروباغندا منحازة تماما للرواية الصهيونية المضللة لا تسمح لنفاذ ومرور ما يناقضها دون تشويه وتشكيك وتفكيك من قبل رموز اعلامية تنازلت عن مهنيتها وموضوعيتها وحيادها لصالح دولة الاحتلال.. هذا الانحياز الغربي السافر للرواية الاسرائيلية لا يجوز ان يقابله محاولة توازن غير مبررة مهنيا واخلاقيا في وسيلة اعلامية عربية تنقل معاناة اهلنا الذين يقتلون بمنتهى الوحشية، وسيلة اعلام عربية ذائعة الصيت تنقل ما يقاسيه اشقاؤنا في غزة من ويلات جراء القصف والحصار غير الانساني، مستشفيات ومرافق حيوية بلا ماء وكهرباء ودواء ووقود منذ اسبوعين على مرأى ومسمع من العالم المتحضر (..).
نعرف ان الجزيرة تسعى للالتزام بالمعايير المهنية في التغطية، بمعنى ان تفسح المجال لجميع الاطراف، ولكن هذا لا يجوز ان يستمر في ظل تنازل الاعلام الغربي بكليته عن هذه المبادئ، وانفضاح ما يمارسونه من تضليل وتزييف وتشويه، وفي ظل ما يرتكب من جرائم وانتهاكات تجاوزت كل الحدود، ونحن هنا نتحدث عن اكثر من ٥ الاف شهيد من بينهم اكثر من الفي طفل..
لا ندعي باننا اكثر مهنية من الزملاء في قناة الجزيرة، او اننا اكثر حرصا منهم على نصرة الاشقاء في قطاع غزة، او اكثر منهم مساهمة في حماية المدنيين والتعبير عنهم وعن مسألتهم وعما يعانون على الارض، لا احد يستطيع ان يزاود على دورهم وما يقدمونه من تضحيات وجهد مضني، حكومات عربية بكل امكاناته لا تقدم عُشر ما تقدمه هذه القناة المهنية المقدرة، ولكنها ملاحظة او رسالة لمراجعة هذا الامر في ضوء التطورات وحجم الدمار والوحشية التي تمارس على الارض من قبل قوات الاحتلال وحلفائهم الغربيين..