كيف ستنتهي الحرب على غزة؟ ألوية وخبراء يتحدثون عن سيناريوهات الحرب البرية
•اجتياحات برية متدرجة للقطاع بعد تمهيد جوي يغير أرض المعركة
•الحرب البرية حاجة "وجودية" لإسرائيل بعد زلزال السابع من أكتوبر، وبالنظر لأهداف الحرب التي تتخطى تصفية المقاومة إلى تصفية القضية
•إيران لن تدخل الحرب، وحزب الله سيدخلها إن فرضتها إسرائيل عليه، والوضع العربي يحول دون توسع نطاق الحرب، وواشنطن لا تريدها
•إسرائيل قد تقضي على مقدرات حماس، لكن المقاومة فكرة وعقيدة ومشروعاً لن تنتهي، بل ستكتسب زخماً جديداً وأشكالاً أخرى
نظّم مركز القدس للدراسات السياسية "جلسة عصف ذهني" شارك فيها عددٌ من الضباط الكبار المتقاعدين من القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، تركزت على محورين اثنين: الأول؛ احتمالات قيام إسرائيل بشن حرب واسعة على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، سيناريوهات هذه الحرب وأشكالها، حدودها ومدياتها، في انصب المحور الثاني على مناقشة احتمالات توسع الحرب على غزة إلى حرب إقليمية بدخول حزب الله وإيران إلى ساحة المواجهة العسكرية المباشرة...وشارك في الورشة كل من اللواء الركن محمود ارديسات واللواء الركن محمد فرغل واللواء الركن عبد السلام الحرازنة، واللواء الدكتور المهندس هشام خريسات، واللواء الركن الدكتور ياسين المواجدة، واللواء الدكتور صلاح القضاة والعميد الركن محمد الحبيس والعميد الدكتور راكز الزعارير، وقدّم للورشة وأدارها عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية.
الحرب البرية ... خيار لا بد منه
أجمع المشاركون في الجلسة على أن إسرائيل تجد نفسها مرغمة على تنفيذ اجتياح بري لقطاع غزة، بعد كل ما أصاب صورتها الردعية ومكانة جيشها من ضرر وتهشيم، إثر هجوم حماس المباغت والواسع على قواتها المرابطة حول القطاع وفي مستوطنات الغلاف المحيطة به، وعزوا ذلك إلى جملة عوامل منها:
•إن إسرائيل بحاجة "وجودية" لترميم صورتها الردعية، واسترداد بعض من هيبتها، سيما وأن هذه الحرب وقعت ابتداء داخل "الخط الأخضر" لأول مرة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، حيث جرت العادة أن تكون أراضي الدول العربية هي ساحة المعركة، وتلكم مصلحة إسرائيلية عليا، فضلاً عن كونها مصلحة للحلف الدولي – الغربي بزعامة الولايات المتحدة، الداعم بلا تحفظ لإسرائيل.
•إن الأهداف المعلنة والمضمرة، التي وضعتها إسرائيل لحربها على غزة والرد على "طوفان الأقصى"، لا يمكن تحقيقها بالقصف الجوي و"الاستهداف عن بعد"، وتاريخ الحروب يبرهن أن كسب الحروب متعذر من دون الإمساك بالأرض، مؤقتاً أو لآجال زمنية أبعد مدى.
•أن توقف الحرب بعد تنفيذ ضربات جوية، حتى وإن كانت مدمرة باعتماد القصف السجادي والأرض المحروقة، ومن دون دخول بري إلى عمق القطاع، يعني من ضمن ما يعني، فوز حماس والمقاومة في هذه المواجهة، وفي أقل تقدير الوصول إلى معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، وهذا آخر ما تريده إسرائيل وحلفاؤها.
الأهداف الأبعد للحرب:
توسع المشاركون في الجلسة في الحديث عن أهداف الحرب المعلنة والمضمرة، والتي تتخطى استرداد الردع وترميم صورة "الجيش الذي لا يقهر" ورفع المعنويات وإعادة بناء جسور الثقة المنهارة بين الإسرائيليين وجيشهم ومنظومتهم الاستخبارية التي سجلت فشلاً ذريعاً، لا يقل فداحة عن فشل الجنود والوحدات العسكرية، ومن ضمن أبرز ما جاء في مداخلاتهم، ما يلي:
•إسرائيل لم تخف هدفها بتصفية حماس وتدمير بنية المقاومة العسكرية، وإسقاط سلطتها ومنظومة الحكم التي أقامتها في العقدين الأخيرين
•على أن لإسرائيل أهدافاً أبعد من هذا الهدف، تطال قطاع غزة ومصير 2.3 مليون فلسطيني من أبنائه وبناته، وهنا تشكل ما يشبه الإجماع على أن تهجير أهل غزة، والقذف بهم إلى سيناء، تحت ضغط القصف التدميري المنهجي المنظم والعشوائي، وكنتيجة لسياسات التجويع والتعطيش، وقطع الماء والطاقة والغذاء والدواء عن الكافة، وتحويل قطاع غزة، إلى مجال حيوي أمني ملحق بها.
•إسرائيل وهي تخوض أشرس المعارك ضد البشر والشجر والحجر في غزة، تظل عينها على الضفة الغربية، فنجاحها في اقتلاع شوكة من خاصرتها، سيعطي زخماً لمشاريعها في ضم الضفة الغربية وتسريع سياسات الأسرلة والتهويد، من ضمن مخطط أوسع لتصفية القضية الفلسطينية بحلها خارج في فلسطين، في الأردن ومصر، وعلى حساب أمنهما القومي واستقرارهما، وهو مخطط يشكل تهديداً وجودياً للأردن، وطناً، وكياناً، وهوية.
•الحرب ستكون طويلة، ونتائجها مرتبطة بتداعياتها، وأهداف إسرائيل من ورائها، سيقررها الميدان والتداعيات والتدخلات، ويصعب من الآن، المجازفة بتقديم إجابات تفصيلية على أسئلة الحرب الجوهرية.
سيناريوهات الحرب ومدياتها وتأجيلها المتكرر
• الإجماع على ترجيح سيناريو الحرب البرية بين المشاركين، بل والقول بأنها ممر إجباري لإسرائيل لتحقيق أهدافها، لم يخف تفاوت نظرات المشاركين في تقدير مساراتها والتكتيكات التي ستتبع لخوضها، وحدودها ومدياتها.
•هي ليست حرب إسرائيل وحدها، وتل أبيب لن تخوضها منفردة، بل على بتعاون لصيق أو بشراكة كاملة مع الولايات المتحدة، ولذلك ربما تتأثر سيناريوهات الحرب ومدياتها، بالحسابات الأمريكية، الأوسع والأشمل من الحسابات الإسرائيلية، وحاجة المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل للثأر والانتقام واسترداد التوازن
•إسرائيل فقدت عنصر "المفاجأة الاستراتيجية" لكنها لم تفقد القدرة على تنفيذ مفاجآت تكتيكية وعملانية (ميدانية)، لذلك يصعب التكهن بسيناريو واحد فقط، لكن المؤكد أنها حرب ستشترك فيها جميع قطاعات الجيش الإسرائيلي من جوية وبحرية وبرية...إسرائيل ستعتمد "نظرية الكماشة" في مهاجمة المقاومة بضربات مزدوجة ومتعددة الجبهات والأدوات والأسلحة.
•من المرجح أن تأخذ الحرب، شكل سلسلة متصلة من العمليات المحدودة والواسعة، لاختراق الأطراف ثم العودة عنها ومن ثم تسجيل اختراقات في العمق، وبصورة متكررة ووفقاً لتكتيك "القضم المتدرج"، الذي يستهدف إرباك المقاومة وإرهاق مقاتليها وتدمير مقدراتها، وجمع المعلومات الاستخبارية، وإخضاع وحدات الجيش والاحتياط التي تم استدعاؤها للتدريب بالنار، قبل أن تحين لحظة الاجتياح الكبير، وفي هذا السياق سيكون للقوات الخاصة وقوت النخبة، دوراً بارزاً في ساحة المعارك البرية.
•على أن إسرائيل ستبدو مستميتة لتحقيق بعض الأهداف في عمليات الاختراق المتنقلة من بينها قتل أو أسر قادة من المقاومة أو تحرير بعض الرهائن، أو غير ذلك من أهداف تندرج في سياق "سيكولوجيا الحرب النفسية والإعلامية"...أما الأنفاق – على أهميتها وخطورتها على الطرف المهاجم – إلا أن "تكنولوجيا الحروب الحديثة" لن تجعل منها عقبة عصية على الاختراق
أما عن أسباب التردد الإسرائيلي في خوض غمار هذه الحرب، والتأجيل المتكرر لموعد انطلاقتها، فقد أورد المشاركون في الجلسة، القراءات التالية:
•إن إسرائيل تنجح في إشغال العالم بالحرب البرية وتوقيتاتها وصرف أنظار العالم عن حربها الجوية المجنونة التي تشنها على مدار الساعة ضد القطاع، والتي حوّلت القطاع المحاصر، إلى رقعة منكوبة
•الأعداد الكبيرة من الأسرى والمحتجزين العسكريين والمدنيين، الإسرائيليين والغربيين والأجانب، الذين بحوزة حماس وفصائل المقاومة الأخرى، تشكل عقبة في طريق الاجتياح البري الواسع، وتعرض المستوى السياسي في إسرائيل، لضغوط من قبل حلفائه وداعميه، وتدفع للتردد والتأجيل والتأخير المتكرر، بانتهاء تسوية هذه القضية، بالمفاوضات أو بوسيلة عسكرية محتملة العواقب...لو ترك الأمر لإسرائيل وحدها، لما اكترثت بمصير الأسرى والمحتجزين.
•إسرائيل تعمد بالقصف الجوي الكثيف غير المسبوق، واستخدام أحدث الأسلحة والقنابل والصواريخ المضادة للأنفاق والتحصينات، إلى تغيير "أرض المعركة" التي مهدتها المقاومة، وأقامت فوقها شبكة دفاعاتها، وتدمير الروح المعنوية للمدنيين والمقاومين الفلسطينيين على حد سواء، مع أن المعلومات ما زالت شحيحة عن نتائج القصف الجوي على قدرات حماس العسكرية ومنظومة الأنفاق والشبكات "التحت – أرضية".
•التباين الحاصل بين المستويين السياسي والعسكري داخل مؤسسات صنع القرار الإسرائيلي، وبين إسرائيل من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، من شأنه إطالة أمد النقاشات حول توقيت الحرب ومدياتها، مع التشديد على أن هذا التباين لن يكون سبباً في إلغائها.
•صدمة السابع من أكتوبر، وما تكشفت عنه المقاومة من قدرات على ممارسة "الخداع الاستراتيجي" و"التعمية" و"التمويه"، جعلت إسرائيل غير قادرة على تقدير ما لدى المقاومة وما في حوزتها من مقدرات ... الخشية من المجهول، والحرص على جمع أكبر قدر من المعلومات الاستخبارية، بالتنسيق مع الحلفاء، لعب ويلعب دوراً في التأجيل المتكرر لموعد الحرب
•القوات النظامية التي منيت بصدمة السابع من أكتوبر، وقوات الاحتياط التي جرى استدعاءها بمئات الآلاف، بحاجة لفسحة زمنية لتنظيم صفوفها واسترداد معنوياتها، وربما لإخضاعها لما يمكن تسميته بـ"عمادة النار"، حتى تصبح قادرة على خوض غمار الحرب البرية، في وجه مقاتل فلسطيني أكثر عزماً وتصميماً، مدرب ومدجج بالعقيدة القتالية، ويتوفر على "روح استشهادية"، لا تتوفر لدى الجندي الإسرائيلي.
الحرب الإقليمية...لا أحد يريدها:
المحور الثاني الذي تناولته "جلسة العصف الذهني"، انصب على مناقشة احتمالات تحول الحرب على غزة والمقاومة والشعب الفلسطيني، إلى حرب إقليمية، أوسع نطاقاً، تبدأ بدخول ميليشيات وفصائل محسوبة على إيران إلى ساحة المعركة، وتتطور مستدرجة إيران إلى أتونها، وهنا ظهرت آراء عديدة وسيناريوهات مختلفة، نجملها على النحو التالي:
•شبه إجماع المشاركين انعقد على استبعاد فرضية دخول إيران المباشر في الحرب، باعتبار أن الحرب على غزة، "ليست حرب إيران"، وإن كانت من أكثر المتأثرين بنتائجها، سلباً أو إيجاباً، وفقاً لتطورات الميدان ومآلات المواجهة.
•غالبية المشاركين استبعدوا مشاركة حزب الله في الحرب (باستثناء مشارك واحد رأى أن الحزب مجبر على الدخول لتفادي خسارة مصداقيته وصورته كفاعل رئيس في محور المقاومة)، مع إشارة إلى أن الحزب لن يتخطى الالتزام بـ"قواعد الاشتباك" المعمول بها منذ حرب 2006، ولم يستبعد المشاركون حدوث مناوشات وعمليات إشغال تنفذها الفصائل الموالية لإيران في هذه الساحة أو تلك، وقد يشرك معه أطرافاً فلسطينية ولبنانية أخرى، ومن ضمن لعبة "توجيه الرسائل".
•في كلتا الحالتين/الاستبعادين، عزا المشاركون الأمر، إلى التهديدات الأمريكية (الغربية) التي لا يبدو أنها ستتوقف عن الحدود اللفظية، بعد إقدام واشنطن على حشد القوات والأساطيل وحاملتي الطائرات وإرسال رسائل لا تقبل التأويل لكل من يهمه الأمر، في طهران وبيروت، إضافة بالطبع، إلى الوعود التي يمكن أن تكون قد قطعت للأطراف، من ضمن سياسة "العصا والجزرة" التي طالما لجأت إليها واشنطن في تنفيذ مرامي سياستها الخارجية.
•هدف إيران إحكام سيطرتها على الدول العربية التي تتمتع فيها بنفوذ قوي، وهدف حزب الله الإمساك بلبنان ودعم النظام في دمشق، ولا أحد من هذه الأطراف يريد المخاطرة بهذه المكاسب، وقد تكون هناك تسويات ومقايضات في سوريا ولبنان، تفضي بنتيجتها إلى ترك حماس والمقاومة وحيدة في الميدان، وربما تقديم رأس حماس قرباناً لهذه التفاهمات.
•ذكّر مشاركون بأن حماس لم تدخل حرب تموز 2006 إلى جانب حزب الله، للإشارة إلى الحزب لن يجد نفسه مرغماً على غمار حرب أكتوبر 2023 إلى جانب حماس، وهذه الإشارة تفتح باباً للنقاش حول طبيعة العلاقة بين هذه الأطراف، ومستويات التنسيق فيما بينها، والمسافة بين "التبعية" و"الاستقلالية" في صنع قرار كل منها، وهو أمر متروك لبحث لاحق
•الدول العربية ليست في وارد الدخول على خط المواجهة بأكثر مما فعلته في أول أسبوعين من الحرب، شجب، إدانة ومناشدات وحراك دبلوماسي، مع استبعاد احتمالات تطور الموقف العربي الرسمي بصورة تكفي لقلب المشهد
•لم يستبعد مشاركون أن تبادر إسرائيل، وليس حزب الله، إلى فتح الجبهة الشمالية، مستفيدة من حالة الدعم والإسناد الدولي غير المسبوق لها، للخلاص من المقاومة الفلسطينية في غزة، ومن حزب الله على الجبهة الشمالية، ومن هذه البوابة، بوابة الدفاع عن النفس والوجود، يمكن لحزب الله أن يدخل الحرب...مشاركون لم يسقطوا احتمال دخول حزب الله الحرب، حال وجد أن تطورات الميدان ستفضي إلى "تصفية المقاومة الفلسطينية".
•والعامل المهم الآخر، الذي يكبح الانزلاق إلى حرب إقليمية، أن الولايات المتحدة لا تريدها ولا ترغب بها، وربما غير جاهزة لها، وهذا يلتقي مع رغبة إيرانية في تفادي الانزلاق إلى هذا السيناريو، وهناك مصلحة في عموم الإقليم بدوله وحكوماته، وبعض العواصم الغربية، لمنع توسيع نطاق الحرب.
ما بعد الطوفان.. كيف ستنتهي الحرب؟
لم يكن الحديث عن "ما بعد الطوفان" أو سيناريوهات نهاية الحرب وما بعدها، مدرجاً على جدول أعمال "جلسة العصف الذهني"، لكن مداخلات المشاركين، استبطنت بعضاً من العناوين والأفكار التي يمكن إدراجها تحت هذا العنوان على النحو التالي:
•قدّر المشاركون أن الحرب على غزة، بحكم طبيعة أهدافها، والسياق الذي جاءت فيه بعد "زلزال السابع من أكتوبر"، ستكون طويلة، وأنها لن تنتهي كسابقاتها، بعودة الوضع القديم على قدمه، فالتغيير الذي سينجم عنها، وإن كانت ملامحه غير متضحة حتى الآن، سيكون من طبيعة استراتيجية طويل الآجال.
•طرح مشاركون أربعة سيناريوهات لنهاية الحرب: انتصار حماس، انتصار إسرائيل، لا غالب ولا مغلوب، الانزلاق إلى حرب إقليمية ... أجمعوا على استبعاد الأخير، لأسباب تتعلق برغبة مختلف الأطراف لتفاديه، وبالذات واشنطن وطهران، فضلاً عن حالة الضعف العربي التي لا تسمح بالتفكير باغتنام الفرصة التي وفرتها المقاومة في غزة، للدول العربية لاستحداث الانقلاب في ديناميات القوة وعلاقاتها
•في تعريف النصر والهزيمة، لا يمكن "الكيل بنفس الميزان"، النصر بالنسبة لإسرائيل هو سحق حماس والمقاومة، وإعادة احتلال قطاع غزة، وتهجير سكانه أو إخضاعهم لمنظومة أمنية وسياسية بديلة لحكم حماس المقاومة، أما النصر بالنسبة لحماس، فهو الصمود وإلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو، وإسقاط سيناريو "بيروت 1982" وخروج القيادات والمقاتلين إلى دولة ثالثة، ومنع تهجير الغزيين
•ميّز المشاركون بين قدرة إسرائيل على تصفية مقدرات حماس والمقاومة العسكرية والمؤسسية من جهة، باعتباره احتمالاً غير مستبعد، ومرجحاً عن البعض الآخر، وتصفية حماس والمقاومة، باعتبارهما فكرة ومشروع وإيديولوجيا، لن تنطفئ شعلتها طالما ظل الاحتلال والظلم قائمين ... قد تخسر حماس قواعدها ووجودها في غزة، ولكن مقاومة الفلسطينيين ستربح تأييد وتعاطف شعب فلسطين وشعوب عربية وإسلامية.
•سيناريو "لا غالب ولا مغلوب"، يعادل من وجهة مشاركين، فوزاً لحماس ونصراً لها، فمثل هذا السيناريو قد يندرج في معادلة "رابح – رابح" عندما يتعلق الأمر بصراع بين دول متكافئة في القوة والاقتدار، أما حين تكون الحرب بين دولة مدججة بالسلاح وجيش من أقوى جيوش العالم، مدعوم بالمطلق من الولايات المتحدة والغرب، من جهة، وفصائل مقاومة في غزة المحاصرة منذ عقدين من الزمان من جهة أخرى، فلا يمكن أن تكون المعادلة "رابح – رابح".
•عبّر مشاركون عن اعتقادهم بأن انتصار إسرائيل في هذه الحرب، هي هزيمة للدول العربية، أكثر من كونها لحماس، وقال آخرون بأنها هزيمة لمحور "المقاومة والممانعة" وضربة في الصميم لشعاراته وسردياته ومصداقيته وكرامته...وأشار متحدثون إلى توافق دولي-إقليمي على "تصفية حماس"، وإن وجودها في غزة قد بات مراحله الأخيرة.
•أتى مشاركون على بعض الخلاصات: إسرائيل لا تحترم معاهدة أو اتفاقاً، والمعاهدات المبرمة معها، لا تحفظ أمناً ولا تصون سيادة الدول التي أبرمتها، وأشار مشاركون أن الدروس التي يمكن استنباطها من لجوء إسرائيل لقطع الماء والطاقة والكهرباء والدواء عن أهل غزة، برغم تنديد العالم بجرائم الحرب هذه، يجب أن تكون حاضرة في التفكير الاستراتيجي للدول العربية التي تقيم علاقات أو أبرمت معاهدات مع إسرائيل، بمن فيها الأردن.
•مخطط التهجير، تهجير الغزيين إلى سيناء، إن قُدّر له أن يمر، سيكون "بروفة" لما يمكن أن يحدث في الضفة الغربية، وسيُحي رهانات الاحتلال على تهجير سكانها إلى الأردن، وذلكم تهديد وجودي، يتخطى الأمن والاستقرار، إلى الكيان والوطن والهوية، وهو بمثابة إعلان حرب، وليس خرقاً للمعاهدة، أو اجتيازاً لخط أحمر فقط.
•يتعين الوقوف مطولاً أمام طوفان الحراك الشعبي العربي المؤيد للمقاومة، والتمعن في الأثر الذي يمكن أن تستحدثه الفجوة بين مواقف الحكومات والشعوب العربية على مستقبل العلاقة بين الدولة والمواطن وحالة الاستقرار في محيطنا العربي.
•تحدث مشاركون عن "السياق الدولي" للحرب على غزة، بوصفها تجهيزاً لمسرح عمليات المواجه الدولية حول طبيعة وهوية النظام العالمي الجديد، وأشاروا إلى ثلاثة مسارح يجري تجهيزها لما وصفوه بالحرب العالمية الثالثة: المسرح الأوكراني بالأمس، وغزة اليوم، وتايوان في الغد، وربما تكون عملية التجهيز متزامنة ومتوازية.