القصف الوحشي الاسرائيلي لا يستهدف المقاومة وانما اقناع شعب غزة العنيد بالترانسفير
كلما تسلل الإعلام المُغرِض إلى وعيك، عُد إلى يوم 7 تشرين أول، واستحضر في ذهنك تلك "المعجزة" التي صنعتها المقاومة!
ألا توافقني الرأي أنّ هذه المعجزة بسبب تسارع الأحداث، ومن ثم "همالة" الإعلام بعدها، لم تأخذ حقها من الحفاوة والإنبهار!
تعال ننبهر بأثر رجعي!
استحضر كل الظروف المحيطة بأهالي غزّة، وبالمقاومة، ثم فكّر بما استطاعوا فعله، بصبر، وصمت، وحنكة، وبما هو متاح من إمكانات وهامش حركة.. تخيّل!
ربما أنت مثلي ملوّث بهوليوود وأفلامها ومؤثّراتها الخاصة، وتقارن ما حدث بما اعتدت رؤيته على الشاشة فيبدو لك عاديا وربما باهتا!
لكن تذكّر، أفلام هوليوود خيال، لكن "طوفان الأقصى" حقيقة!
تريد أن تنبهر أكثر؟
فكّر أن هذا مستمر للآن!
الكيان الصهيوني يُقصف كلّ يوم حتى بات الأمر روتينيا، هل كُنتَ تتخيل أساسا أن تسمع هذه الكلمات مجتمعة أو أن تستخدمها في جملة مفيدة: الكيان الصهيوني يُقصف!
رغم ماكينة الحرب التي يمتلكها، ورغم الدعم الدولي غير المحدود، هو يُقصف، على الموعد يُقصف، ويشتبك معه المقاومون وكأنّهم يشتبكون بـ "هوشة" في حارة، إلى هذه الدرجة هم يستظرطون هذا الكيان.. تخيّل!
تريد أن تنبهر أكثر؟!
هنا شعب كامل، شعب كامل بأطفاله ونسائه وكهوله قد تخطّى عتبة الخوف، وما عاد يرعبه قصف أو نسف أو دمار!
هم يألمون ويحزنون مؤكّد، ولكنهم ليسوا خائفين!
نحن الخائفون، خائفون ونحن جالسون في بيوتنا ونائمون في فراشنا وهم لا.. تخيّل!
قد تجد في أي تجمّع بشري شخصا أو اثنين أو حتى عشرة يمكن أن يبلغوا هذا المبلغ.. ولكن أن تجد شعبا كاملا لا يعبأ بالموت.. إجري بهوليوود وأفلامها ومخرجيها وكتّابها كم أن خيالهم محدود!
أكبر مشكلة تواجه العدو الآن ليست أن توافق مصر على فتح الحدود أو لا توافق، ويوافق العرب على التهجير أو لا يوافقوا.. المشكلة الأعوص مَن سيقنع هؤلاء الناس بالخروج؟! ومَن سيجرؤ على الدخول لإجبارهم على الخروج؟!
كلّ هذا الدمار الوحشي ليس للقضاء على المقاومة، المقاومة لم تُمَس بعد.. كلّ هذا الدمار والقتل لإقناع شعب غزة العنيد بالخروج ، الترانسفير .. تخيّل!
الإعلام المتواطئ يريدك أن تبكي وتنتحب وتيأس وتنهار وأنت ترى مناظر الدمار والجثث والأشلاء وهي تُعرض عليك بإلحاح.
بصراحة، منذا الذي يستطيع الصمود أمام جثة مشوّهة لطفل، أو نحيب جارح لأم، أو دعاء كسير لجدّ يحتضن جثه حفيده: ما أغلى من الوِلْد إلا وِلْد الوِلْد!
هم بهذا يريدون أن يسلبونك عنفوانك وانبهارك بما فعلته المقاومة.. وربما تجنّب أن يرتفع عندك "الأدرينالين" للحظات فتفكّر باجتراح بطولة ما كتلك البطولات التي يمارسها أهل غزة كروتين يومي!
مثل هذه الحرب النفسية كان من الممكن أن تكون مقبولة لو كانت موجهة للطرف الثاني، للعدو، ولكن بالنسبة لك يُفترض أنّك تؤمن أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، وأن شهيدنا يُشفّع بسبعين من أهله، وأنّ أطفالنا طيور في الجنة لا يدخلونها إلا بعد أن يمسك كلّ واحد منهم بيدي أمّه وأبيه ويخطو بهما مباشرة نحو الحوض!
نعم، نحن نألم ونحزن ولكن لا نخاف، هكذا علمنا أهل غزة!
أو للدقة، هم يخافون، يخافون كثيرا، يخافون حدّ الرعب، وتبلغ قلوبهم الحناجر.. ولكنّهم أقوى من كلّ هذا الخوف.. تخيّل!
حتى وهم يُقتلون يعطينا أهل غزة درسا في الإيمان.. تخيّل!
كلّ هذا الإعجاز والمواجهة البريّة قد ابتدأت للتو.. تخيّل.
ومع انبلاج كلّ صبح جديد، وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، سيكون هناك المزيد من المعجزات، ولكن لا داعي لأن تتخيل، ستراها بنفسك رأي العين!