#تصريحات ايرانية متناقضة. لماذا ؟
هناك تغير واضح في اللهجة الايرانية.تخفيف متزايد الى حد القول ان ايران تتوسط للإفراج عن الاسرى . والتصريحات تقترب اكثر فاكثر من المفردات الرائجةفي اوروبا وامريكا والمكررة لدى الحكومات العربية.وكلها تكرر حاجة غزة للمساعدات والسماح بما يسمى بممر انساني واعلان هدنة انسانية.وهذه مطالب ملحة وضرورية ويطالب بها كل ذو ضمير انساني.لكنها تنزل بسقف ايران حيث كان بوسع المراقب للتصريحات الايرانية ان يستمع لقعقعة السلاح.وفتحت الباب على اتساعه لاحتمال مشاركة جبهات اخرى لاسناد غزة المحاصرة. ومن الممكن الاشارة
لتصريحات وزير الخارجية قبل ايام وخاصة اثناء زيارة بيروت والتي اوحت ان الجبهات ستفتح خلال ساعات.
هل يعكس التراجع في اللهجة الايرانية خلافا مع حزب الله على توقيت ودرجة ومستوى المشاركة في الحرب.ربما يكون هذا واردا.فبينما حزب الله امام اختبار مصيري وجودي فأن ايران تخوض واحدة من معاركها التي لا تقرر مصيرا ولا وجودا. مع انها ستقرر ابعاد النفوذ الاقليمي لايران .ورغم الاهمية السياسية للحرب الراهنة لايران الاانها تبدو في حالة من التفلت واقرب الى حوار هامس حينا وصاخب حينا آخر عن بعد مع واشنطن .
من المفهوم ان ايران لا تريد حربا اقليمية وتشاطرها واشنطن الرغبة نفسها من منطلقها وانسجاما مع مصالحها وتكيفا مع معطيات استراتيجية عالمية للدولة الاقوى عالميا.
التصريحات الامريكيه بدورها تكرر رغبة واشنطن بعدم اتساع نطاق الحرب.وحصرها في قطاع غزة.وتزايدت التصريحات الامريكيه التي تسعى للتقليل من احتمال التدخل العسكري الامريكي في الحرب مع انها فعليا شريك مباشر لإسرائيل .الامر لا يقتصرعلى تزويد اسرائيل بالسلاح والمستشارين.فالاسطول الامريكي المرابط على بعد خطوة من مسرح الحرب يبعث برسائل تهديد ووعيد لمن يحتمل انضمامهم للحرب.
لغة التهدئة ايرانية وامريكية .وبينما تعتبر المفردات الامريكية ثابتةنسبيا بهذا الاتجاه منذ بداية الحرب فان المفردات الايرانية تبدو متقلبة بوضوح.اذ انتقلت من التلميح الى التدخل العسكري من محور المقاومة الذي يعتبر حزب الله اهم عناصره الى الدعوة لوقف الحرب .وكان التهديد يربط التدخل بتواصل المذابح الاسرائيلية.وهو تهديد لم ينفذ رغم تواصل المذابح بل تزايدها.
هل التغيير في اللهجة الايرانية هو تضليل وتمويه يمهد لتدخل قادم ام انه يعبر عن توجه ايراني لايقاف الحرب عند هذا الحد للتحرر من تبعات اتساع نطاق الحرب.ولتجنب الحاق اضرار جوهرية بطموحات ايران الكبرى .
التساؤلات يمكن ان يحيب عنها خطاب الامبن العام لحزب الله يوم الجمعة المقبل.
من اللافت ايضا ان سرائيل ايضا غيرت من خياراتها العسكرية وتنتقل من خيار الاجتياح الى خيار القضم المتدرج لقطاع غزة دون ان تغير هدف الحرب الإستراتيجي وهو القضاء على الجسم العسكري لحماس وقوى المقاومةالاخرى.وهذا التغيير في كيفية الادارة العسكرية للحرب يستجيب لاحتياجات الادارة الامريكيه ذات الحسابات العالمية التي تتجاوز ضيق الحسابات الإسرائيلية المدفوعة باصرار جنوني على ابادة المقاومة لاستعادةما تظنه الهيبة والردع المضمون لجيشها الذي بعتبر حجر الزاوية لضمان بقاء اسرائيل كدولة صهيونية.كما ان التخلي عن اجتياح شامل يمكنه ان يساعد حزب الله على الابقاء على وتيرة اشتباك محدودة مع اسرائيل.وهذا ما يبقي لإسرائيل تركيزها وانفرادها بغزة .
ومع المستبعد ان تنطلي هذه المناورة على حزب الله اذا ما استمرت الحرب بمسار يضع المقاومة في موقع حرج.
من المهم الانتباه الى ما ذكرته الصحافة الاسرائيلية من رغبة وزير الدفاع الاسرائيلي بتوجيه هجوم استباقي ضد حزب الله وهو امر عارضه نتنياهو.
مثل هذه المعلومات متاحة لحزب الله ما يمكنه من استنتاج ان حربه مع اسرائيل هي امر مفروغ منه بقرار من اسرائيل او بقرار منه.والواقع ان اسرائيل لا تستطيع العيش بجوار برميل بارود يمثله حزب الله ولعل فرصتها باتت سانحة وسط دعم ومساندة مطلقة من الغرب.وهي فرصة لا تلوح كل يوم .
حزب الله امام اختبار وجودي.وفرصته الاكبر هي في الانضمام الى المقاومة في غزة .خاصة انه بخلاف غزة المحاصرة لديه خط امداد مفتوح رجالا وسلاحا يمتد من بيروت الى طهران في مرحلة اولى.واذا ما تواصلت الحرب سيكون لديه مدد تتجاوز بكثير محور المقاومة .
وفي ظل هذا المعطيات يمكن الافتراض لاعاظة لبنان واسرائيل معا الى العصر الحجري عبر قدرة الطرفين على تحقيق دمار تبادلي لكن لا يمكن افتراض خروج الحزب مهزوما فهذا لن تقبله ايران ولن يقبله حلفاء واصدقاء ايران في روسيا تحديدا والصين بدرجة اقل .
بتقديري قرار الحرب بيد حزب الله اكثر مما هو بيد ايران.حزب الله ليس تابعا تلقائيا لايران بقدر ماهو حليف قادر ان يستقل بقرار يخص وجوده ومصيره .
وفي وقت تدور فيه رحى الحرب في بقعة ارض بالغة الضآلة فانها ارض بالغة الاهمية برمزيتها الوطنية والاستراتيجية والحضارية.الشعلة في غزة قد تستحيل حريقا يغير معالم المنطقة باسرها.