الاردن لن يكون بخير اذا نجح العدو؛ مطالب الشعب يجب ان لا يُنظر لها بأنها تشكيك في الموقف الرسمي
كتب طاهر العدوان *
فى مواجهة حرب الابادة والتهجير التي يشنها العدو على غزة فان اي مطالب يرفعها الاردنيون إلى دولتهم وحكومتهم من أجل نصرة المقاومة ووقف حصد الأرواح بالجملة يجب أن لا ينظر إليها بأنها تشكيك في الموقف الرسمي أو اضعاف له. مثل هذه المطالب بقطع العلاقات مع العدو ووقف التطبيع ومشاريعه او التهديد بالغاء وادي عربة هي أوراق قوة في يد الدولة لوقف هذه الحرب. لقد اعطى خطاب الملك في قمة القاهرة الدولية ولقاء الملكة مع الـ (CNN) وكلمة وزير الخارجية في الأمم المتحدة قوة سياسية واعلامية للموقف الاردني ساندها على الارض المظاهرات الشعبية الي لم تتوقف في جميع المدن الاردنية . وإذا كان هدف الابادة والتهجير هي بمثابة اعلان حرب كما قال الصفدي، فإن استنهاض واستنفار الشعب ومؤسسات الدولة كلها في المواجهة يتطلب تصليب المواقف من قبل الحكومة والبرلمان بشقيه وتبني المطالب الشعبية الحزبية وغير الحزبية وتهديد العدو بها. الصمت ليس حكمة في مثل هذا الوضع الذي يضع الاردن دولة وشعبا في دائرة اهداف هذه الحرب عاجلا ام آجلاُ.
الاردن لن يكون بخير اذا نجح العدو وإدارة بايدن في هذه الحرب والاردن لن يكون بخير وهو يرى عملية توزيع عشرات الالاف من الأسلحة الرشاشة على المستوطنين في الضفة الغربية بقيادة حليف نتنياهو بن غفير الذي يعلن جهارا بأن هدفه هو شن حرب على مدن الضفة لاجبار أهلها على النزوح إلى الاردن.
والاردن ليس بلدا ضعيفا، لا في نظامه وقوة جيشه وصلابة اهله وعنادهم ولا في الميزات الاستراتيجية الهائلة التي تضعها الديموغرافيا في خدمة القرار الاردني في اي مواجهة مع إسرائيل.
الاردنيون الذين يقضون الليل في الشوارع للتنديد بالعدو وجرائمه او يسهرون حتى الصباح قلقين أمام صور القنابل والغازات التي تنهال على غزة يحتاجون للاطمئنان بأن دولتهم تجمع كل عصيها في حزمة واحدة لمواجهة خطر نكبة ثانية في فلسطين وان يكون ذلك علنا في ميادين السياسة و المجتمع والعمل الشعبي ومنابر المساجد والبرلمان والاحزاب لتحذير العدو بأن استمراره بحربه الاجرامية وما يضع لها من اهداف لن تعطيه اية مكاسب بل انه سيواجه بالعقاب والعزلة والمقاطعة وما يقودها إلى فشل محتوم.
وهذا الصوت الاردني الهادر المطلوب على كل المستويات يجب أن تصل اصداؤه إلى إدارة بايدن التي ارسلت إلى الكونغرس طلبا ماليا بمليارات الدولارات لتغطية عملية تهجير محتملة لتوطين الغزيين في سيناء !، في تآمر قذر مفضوح ضد فلسطين والاردن ومصر والأمة كلها.
وفي ملاحظة اخيرة اقول تعليقا على موقف الرئيس السيسي من برفض توطين ملايين الفلسطينيين في سيناء واقول انه موقف قوي لكن قوله بأن إسرائيل اذا أرادت ان تهجر اهل غزة فلماذا لا ترسلهم إلى النقب ! هو قول متسرع لان إسرائيل التي تخطط لقيام دولة يهودية على كل فلسطين هي تسعى للقضاء وتهجير السكان المدنيين وليس الى القضاء على حماس فقط .انها تسعى لتهجيرهم من كل ارض فلسطين لانها تدرك ان وجودها آيل للانهيار مع تزايد عدد الفلسطينيين في وطنهم . ان القول بالنقب كخيار اخر غير سيناء هو في المخطط الصهيوني سيكون خطوة لتهجيرهم إلى الجنوب الاردني وهو امر ذكر كجزء من مشروع ترامب سيء الذكر لتصفية القضية الفلسطينية .
كل هذ الأخطار التي تحدق بفلسطين والاردن والأمة في أهداف الحرب الصهيونية الامريكية المعلنة ، مصيرها الفشل ببسالة المقاومة وصمود الفلسطينيين الاسطوري الذين يثبتون بكل عز وكرامة بانهم ليسوا كومة ركام يلقى بها من مكان الى آخر . انهم اهل الارض وجذورها وسنديانها وتاج هذه الامة وشرفها ، ولسان حالهم هي الأهزوجة الفلسطينية الخالدة (نموت نموت ولا نرحل) ولكن هذا التفاني الفلسطيني في طلب الشهادة يحتاج الى اسناد ودعم وفعل عربي يصنع فرقا في نتائج هذه الحرب لصالح صمود الشعب الفلسطيني وحقوقه وحريته. عاشت فلسطين حرة عربية والمجد للمقاومة في غزة و الضفة سلمت أيديكم. لقد غيرتم طريق هذا الصراع الوجودي وأمتكم لن تخذلكم ان شاءالله .
* وزير إعلام أسبق