هل الاردن مضطر للبقاء بين فكي الكماشة؟




قيام الأردن باستدعاء سفيره لدى "إسرائيل"، وإبلاغه إسرائيل بعدم إعادة سفيرها.. هي خطوة كبيرة قياسا بالسياق الحالي يمكن البناء عليها.

الأردن الرسمي ليس مضطرا للبقاء بين فكّي الكمّاشة:

من ناحية هناك المشاعر الشعبية المتأججة والمطالب العارمة بطرد السفير "الصهيوني"، وقطع العلاقات مع "الكيان"، وإلغاء معاهدة "وادي عربة" والاتفاقيات الاقتصادية الموقّعة، وفتح الحدود أمام الراغبين بنصرة إخوانهم في فلسطين..

ومن الناحية الأخرى هناك جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي تقترفها ماكينة الحرب الإسرائيلية في غزة، وتزداد جنونا وسعارا كل يوم، وتضع حلفاء "إسرائيل" وأصدقاءها في موقف محرج قبل أعدائها.

الحل سهل وبسيط:

الأردن الرسمي ليس مضطرا لقطع العلاقات مع إسرائيل، كلّ إسرائيل.. ولكن يمكنه الإعلان عن قطع العلاقات فقط مع "نتنياهو" وحكومة الحرب الحالية بحجة أنّها بعنادها وتفرّدها بالقرار وجرائمها المتصاعدة ما عادت تصلح "شريكا" للسلام!

وفي حال استمرار التعنّت والغطرسة الإسرائيلية فإنّ الأردن سيجد نفسه مضطرا لتجميد العمل باتفاقية "وادي عربة" لحين توفّر "شريك السلام" المناسب لدى الطرف الآخر.

ومثل هذا القرار يمكن أن يأتي مشفوعا بديباجة منمّقة على غرار أنّ الاردن قد انحاز إلى خيار السلام إيمانا منه بحق شعوب المنطقة بالأمن والازدهار، وإنهاء عقود وعقود من الكراهية والعنف وإراقة الدماء، وأن هذا السلام وإدامته يحتاج إلى شراكة حقيقية ومساعي جادة من جميع الأطراف وصولا إلى تسوية عادلة وشاملة، ولكن عنجهية حكومة الحرب الإسرائيلية الحالية وتصرفاتها تنسف كلّ هذه المبادئ والتوافقات، وتضع كل ما تمّ إنجازه ومراكمته لغاية الآن في مهب الريح، وتهدّد بإعادة المنطقة برمّتها إلى المربع الأول!

يُفترض أنّ وزير الخارجية الأردني ووزير الاتصال الحكومي لديهما خلفية صحفية مكينة ولن يعجزهما توليف وتدبيج مثل هذا الكلام!

برفعه الغطاء عن نتنياهو وحكومة حربه لا يسهم الأردن في تخفيف الضغط الشعبي الداخلي الواقع عليه فقط، بل يسهم أيضا، وهو الأهم، في تلطيف نُذُر الحرب التي يقود نتنياهو المنطقة برمّتها إليها، والتي إن وقعت فإنّها لن تستثني أحدا، وسيكون الجميع خاسرين أيّا كانت مآلات القتال النهائية!