المطلوب ايصال المساعدات الى محتاجيها.. لا انتظار ان يأتوا هم إليها



تقوم فكرة "الإغاثة" في حالة الكوارث على إيصال المساعدات والمواد الإغاثية إلى محتاجيها.. لا انتظار أن يأتوا هم إليها.

فما بالنا ونحن نتحدث عن شعب يتعرض لحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي هدفها تهجيره، واجتثاثه من أرضه، وإزالة مدينته عن الخريطة كما يحدث الآن في غزّة.

الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال الوقود والمستلزمات الطبية والغذائية، وإعادة تشغيل كافة المستشفيات والمراكز صحية، وإقامة مستشفيات ميدانية على غرار المستشفى الأردني، وفي ضوء مجريات الأحداث طرأت حاجة لوسائل اتصال غير مرتبطة بالشبكة المحلية المعرضة للدمار والانقطاع في أي لحظة.

هذا ما يحتاجه أهالي غزة بشكل ملح وفوري حاليّا، وهذه هي "الإغاثة" المطلوبة، وما دون ذلك فهو محاولة لذرّ الرماد بالعيون، أو محاولة لابتزاز أهالي غزة باسم "الإغاثة".

أنتَ تغيثني بما أحتاجه، لا بما تفرضه أنتَ علي، سواء من حيث طبيعة المواد الإغاثية المطلوبة، أو طريقة إيصالها.

هناك حديث ظاهره الرحمة وباطنه العذاب عن تأمين ممرات آمنة لخروج الجرحى والمصابين، ومخافة أن تتحوّل هذه الممرات إلى طرق للخروج ونقطة، تخدم هدف الحرب التهجير.

وحتى بالنسبة لـ "معبر رفح"، فإنّ الإبقاء على المعبر مفتوحا كان وما يزال مطلبا ثابتا منذ اليوم الأول، ولكن مفتوحا باتجاه الدخول، من أجل إيصال المساعدات والمواد الإغاثية إلى أهالي غزة أولا بأول، ومن أجل الإبقاء على شريان حياة يحول دون خنق غزة بالكامل.. وليس من أجل "الخروج" كما تطالب المناشدات والدعوات الحالية لفتح المعبر.

هناك آلاف الأطنان من المواد الأغاثية المُرسلة من جميع أنحاء العالم، والمُكدّسة في مطار العريش في سيناء بانتظار وصولها إلى أهالي غزة، فما هو المطلوب مرّة أخرى، أن يخرجوا هم إليها؟

هناك هتاف غير رياضي يردّده بعض مشجعي كرة القدم المتعصّبين عندما يقوم أحد لاعبي فريقهم بمخاشنة لاعب من الفريق المنافس: "كسّر وإحنا بنجبّر"! غالبية البدائل التي يتم طرحها حاليا من أجل إغاثة غزّة، خاصة من قبل الدول الغربية، ينطبق عليها وصف "كسّر وإحنا بنجبّر".

المسألة لم تعد مسألة فنّيات ولوجستيات..

إيصال الإغاثة إلى أرضها، وتقديم الإغاثة في أرضها، أصبحت أولوية ملحّة للتخفيف من وطأة القصف الهمجي والإبادة الوحشية.

فكرة السماح بخروج مستشفيات غزة عن العمل تباعا، وفكرة خروج الجرحى بدلا من توفير سبل علاجهم في الداخل، وفكرة إقامة مستشفيات بديلة خارج حدود القطاع عائمة أو غير عائمة.. هي ضوء أخضر جديد فوق الضوء الأخضر الحالي من أجل قيام "الكيان الصهيوني" بقصف مستشفيات غزّة وكافة المرافق العامّة المشابهة، ومن أجل إطلاق اليد لجنون الكيان وسعاره في قصف ودكّ غزة ومَن يرفض الخروج من أهل غزة وصولا إلى إبادتهم عن بكرة أبيهم!

فكرة الإغاثة هي الإغاثة، لا أن تحتاج لمن يغيثك وينقذك من هذه الإغاثة!