الأردن في مواجهة العاصفة: دبلوماسية الصمود ورهانات السلام في عين الصراع العربي-الإسرائيلي

 
 
في ظل التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يتجدد بين الحين والآخر، يجد الأردن نفسه في قلب معترك سياسي وعسكري شائك، محملًا بأعباء جسام تتجلى في جوانب أمنية، واقتصادية، وعسكرية، ترتب عليه ضغوطات متعددة الأوجه.

تحت وطأة هذه التطورات، يعيش المجتمع الأردني حالة من الاضطراب العام، حيث يملأ المواطنون الشوارع بأعداد تعد بالآلاف، معبرين عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومعارضتهم للعنف الذي يتعرض له. تحمل هذه التجمعات الجماهيرية الأجهزة الأمنية الأردنية مسؤولية مضاعفة في الحفاظ على الأمن الداخلي وضمان سلمية المظاهرات، وكذلك الوقاية من أي محاولات للتسلل أو الإخلال بالنظام العام من قبل عناصر قد تسعى لزعزعة استقرار المملكة.

من الناحية العسكرية، يقف الجيش العربي الأردني، بكتائبه وفرقه، على أهبة الاستعداد على طول الحدود الأردنية، متحديًا ظروفًا صعبة ومعقدة. في الشرق، تواجه المملكة تحرشات من ميليشيات تتلقى الدعم من إيران تدعي أنها تقف لدعم القضية الفلسطينية، بينما تخفي أجندات خاصة ومخططات مكشوفة. وعلى الجبهة الشمالية، يزداد الضغط مع تنامي الخطر الناجم عن الميليشيات المتطرفة التي قد ترى في التوترات الراهنة فرصة لتوسيع نفوذها.

على الصعيد الاقتصادي، يتحمل الأردن وحده تكاليف مادية وبشرية ضخمة نتيجة هذه التوترات. السياحة، وهي قطاع حيوي في الاقتصاد الأردني، تواجه تهديدات جدية قد تقود إلى انكماش نتيجة للأوضاع المتقلبة في المنطقة.

رغم هذه التحديات، يستمر الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، في الدفاع عن القضية الفلسطينية بكل ما أوتي من قوة وثبات. يتمثل الدور الأردني في الحفاظ على مواقف دبلوماسية حازمة وعنيدة تكشف عن التزام عميق بالقضية الفلسطينية. وهو يواصل لعب دوره كصوت للاعتدال في المنطقة، حاملًا راية العدالة ومناصرًا لحقوق الشعب الفلسطيني.

يتجسد الدور الأردني في محافل الأمم، حيث يحرص الأردن على تبني سياسة خارجية تسعى للتأثير بفاعلية في مسارات السياسة الدولية، مستغلاً علاقاته التاريخية مع القضية الفلسطينية للدفاع عن الحق والعدالة. ومع أن هذه المعركة الدبلوماسية لا تخلو من المخاطر والتحديات، إلا أن المملكة تثبت في كل مرة قدرتها على الصمود والتأثير.

من جانبها، تراقب إسرائيل هذا النفوذ الأردني بحذر، وغالبًا ما تسعى لوضع العراقيل أمامه للحد من تأثير الأردن السياسي الذي يمتلك القدرة على تحويل الرأي العام الدولي لصالح الفلسطينيين.

المعادلة الأردنية فيما يخص القضية الفلسطينية تتسم بالتعقيد والحساسية الشديدة. فالمملكة، التي تنشد دومًا تحقيق الحقوق الفلسطينية، تجد نفسها ملزمة بالموازنة بين هذا الهدف وبين الحفاظ على مصالحها الوطنية وأمنها القومي. وفي هذه المهمة، يظل الأردن، بقيادته وشعبه، ملتزمًا بمواصلة نضاله بكل عزم وصلابة، واضعًا في الاعتبار مسؤوليته التاريخية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية ومستقبل المنطقة بأسرها.