اسرائيل خطر وجودي يتهدد الاردن.. والوجه الشيطاني للاحتلال وداعميه انكشف


الدفاع عن غزة وعموم فلسطين ليس فقط فريضة دينة وواجب قومي والتزام أخلاقي وإنساني.. بل هو أيضا "حتمية" يمليها "الخطر الوجودي" الذي يتهدّد الأردن وجميع العرب تاليا على مستوى الدول والأنظمة والشعوب!

من بركات "طوفان الأقصى" أنّه أسقط القناع عن الوجه الشيطاني الدميم للحاكمين بأمر الكيان الصهيوني وحلفائهم الغربيين، وفضح مكنونات صدورهم المملوءة بالحقد والسواد، وحقيقة نظرتهم العنصرية للمحيط الذي يعيشون فيه، وعلاقة "التابع" و"المتبوع" التي يردون أن تربطهم بدول وشعوب المنطقة شريكها قبل خصمها!

الأردن أعلن منذ وقت طويل اتخاذه "السلام" خيارا إستراتيجيا، فهل حكومة الحرب الإسرائيلية الحالية ويمينها المتطرّف وماكينة حربها هي الشريك المناسب والموثوق للسلام الموصوف؟ وهل أميركا بدعمها وإنحيازها المُطلقين لإسرائيل هي الراعي الموثوق لهذا السلام؟

والأردن يتحدّث منذ وقت طويل عن جلب "الرخاء" و"الازدهار" لشعوب المنطقة، فأيّ رخاء وازدهار منقوع بالدم هذا الذي سيُبنى على أنقاض غزة وأشلاء أبنائها؟

والأردن أعلن منذ سنوات حربه على "الإرهاب"، فأيّ إرهاب أكبر من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي اللذين يقترفهما الكيان الصهيوني بشكل يومي مُمنهج قبل 7 أكتوبر وبعد 7 اكتوبر؟

والاردن أعلن حربه على "الفكر المتطرّف"، فأيّ تطرف أكبر من العقائد القبالية الحلوليّة الماديّة التي يعتنقها "نتنياهو" وتيّاره وعصابة حربه، وهي العقائد التي لا تمانع من جرّ العالم كلّه إلى الحرب والدمار والهلاك أملا بتسريع عودة "الماشيح" وإقامة الهيكل؟

حتى أعتى الأفكار السلفيّة التكفيريّة تبدو ساذجة مع مثل هذا التفكير الشيطاني العنصري المتطرّف، وهو مايشي أنّ كلا الفكرين يصدران من سخام واحد!

مرّة أخرى، ليس فقط باسم الفريضة الدينية والواجب القومي والالتزام الأخلاقي، بل أيضا من أجل "السلام" و"الرخاء والازدهار" ومحاربة "الإرهاب" و"الفكر المتطرّف".. فإنّ الأردن مُلزم باستنفاد الوسع والطاقة من أجل الذود عن غزة وفلسطين، وكفّ يدّ ماكينة القتل والدمار والتهجير الإسرائيلية قبل أن تجرّ الجميع إلى الهاوية.

وما يسري على الأردن يسري على جميع الدول العربية؛ فهم حين يقولون "حيوانات بشرية" فإنّهم يقصدون كلّ العرب وكل "الأغيار"، وهم حين يلوّحون بالقنبلة النووية فإنهم يلوّحون بها في وجه كلّ العرب وكلّ الأغيار.

عندما يستشعر المواطن الأردني "العادي" المنتمي الموالي بإحساسه الفطري هذا "الخطر الوجودي" الداهم الذي يتهدد وطنه ودولته وأمّته وقضيته المركزيّة فلسطين، ويخرج بعفوية من أجل المطالبة بنصرة غزة، وطرد السفير الصهيوني، وقطع العلاقات مع الكيان، وإلغاء معاهدة وادي عربة أو على الأقل تجميدها، وإعادة تدريس القضية الفلسطينية، وإعادة "خدمة العلم"، ومقاطعة البضائع والماركات الداعمة لإسرائيل.. الخ، يجد هناك مَن يتصدّر له ويهاجمه ويلومه وينتقده ويزاوِد عليه!

هؤلاء المهاجمون والمزاودون هم غالبا إمّا أرباب أموال وأعمال متكسّبون من الـ "بزنس" الذي يقيمونه مع الكيان الصهيوني وشركاته ومستثمريه، أو يأملون بالتكسّب جرّاء بركات مشاريع "السلام الاقتصادي" الموعود..

وإمّا نُخَب متغرّبة مفتونة بحضارة الصهيوني والغربي الخدّاعة والمزيفة أكثر من افتتان الصهاينة والغربيين أنفسهم بها..

وإمّا موظفون في منظمات مموَّلة يمارسون العمل الإنساني بحكم الوظيفة والراتب، ويردّدون مقولات وشعارات برّاقة على طريقة "حافظ مش فاهم" من دون أن يعوا التضمينات السياسية والاجتماعية والثقافية الخطيرة لما يرددونه..

وإمّا أحزاب وتيارات سياسية تريد تقديم أوراق اعتمادها للأمريكان والسفارات الغربية وحجز حصة لها في أي ترتيبات قادمة..

والحجة الأثيرة التي يحلوا لهؤلاء إشهارها في وجه الآخرين هي "الأمن القومي" و"المصلحة الوطنية العليا"، علما أنّ الأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا هما ما يُملي على الأردن وجميع الدول العربية الوقوف في وجّه إسرائيل.

ثمّ ما الذي يريده هؤلاء المهاجمون والمزاودون من المواطن الأردني والعربي وهو يرى إخوانه في فلسطين يُبادون وغزّة تُمسح عن وجه الأرض؟

هل يريدونه أن يقف متفرجا ولا يفعل شيئا؟

حسنا، ها قد وقف جميع الأردنيون والعرب ساكنين.. ها قد أقفلوا على أنفسهم أبواب بيوتهم.. ها قد تركوا الشوارع لهؤلاء.. ها قد تركوا الأرصفة.. ها قد تركوا الساحات والميادين.. ها قد تركوا وسائط النقل.. ها قد تركوا محطات الوقود.. ها قد تركوا المدارس.. ها قد تركوا الجامعات.. ها قد تركوا الأسواق.. ها قد تركوا الدوائر والمؤسسات.. ها قد تركوا المكاتب والمزارع والمصانع.. ها قد تركوا وظائفهم وأعمالهم وأشغالهم.. ها قد سحبوا مدخراتهم من البنوك.. واشتروا مؤونة من أساسيات المعيشة.. وجلسوا جميعا في بيوتهم لا يفعلون شيئا سوى الصوم تضامنا مع أهل غزة.. والتعبّد والتهجّد والدعاء لأهل غزة..

ماذا سيفعل هؤلاء المهاجمون والمزاودون؟

ها هما "الأمن القومي" و"المصلحة الوطنية العليا" بين أيديهم تماما، ماذا سيفعلون بهما؟! وكيف سيحافظون عليهما؟!

مرّة ثالثة ورابعة وخامسة، الذود عن غزة هو ليس دفاعا عن فصيل بعينه أو جهة بعينها أو عن حقّ الشعب الفلسطيني فقط بـ "المقاومة" و"التحرير"..بل هو دفاع عن سائر الأمّة وعن الأردن وعن جميع الدول والشعوب العربية من المحيط إلى الخليج وحقّها بالمقاومة والتحرير والتخلّص من "الهيمنة" و"التبعيّة".