بين شهيد وفاقد.. غزة تنعى أبناءها
أتمت الحرب على غزة الشهر، ورائحة الموت لا تفارق كل شبر في القطاع، والمجازر تتواصل على مرأى ومسمع العالم الصامت، أو الداعم لسفك المزيد من الدماء.
وأسفرت الحرب حتى اليوم، عن استشهاد أكثر من 10 آلاف مواطن، نحو 70% منهم من النساء والأطفال، وأكثر من 26 ألف جريح.
وفي غزة ارتدت عرائس أكفناً بدلاً من فساتين الزفاف، وفارق آباء وأمهات أبناءهم أو العكس، بل وبيدت عائلات بأكملها عن الوجود، إذ ارتكب الاحتلال 1050 مجزرة بحق عائلات، أبيد معظمها بالكامل ومحيت من السجل المدني.
حكايا موجعة
وتروي صحفية من غزة، قصة أم تمسكت بيد طفلها ونفضت عن نفسها الركام والغبار، بعد قصف أحد المحال التجارية أثناء تواجدهم بداخله، لتتفاجأ أنها تشبثت بيده فقط وما تبقى منه ظل تحت الركام.
وقصف الاحتلال طوابير من عشرات النساء والأطفال والشيوخ، تجمعوا أمام المخابز لشراء بعض الخبز الذي يبقيهم على قيد الحياة، فاختلط الخبز بالدم، ورحل الناس جياعاً.
فراس سعيد وشاح من مخيم البريج وسط القطاع، كان يحفر بيديه العاريتين بحثاً عن أطفاله تحت جبل الركام، بعدما فقد شقيقه ووالده في أول أيام الحرب، وهم أربعة من أصل 2660 مواطناً من المفقودين تحت الأنقاض، بينهم 1270 طفلاً.
ورحل الناجي الأخير بعد مجزرة أبادت عائلته بأكملها، ليجتمع بهم بعد أيام قلائل، ويستشهد الطفل موسى عبد الله موسى زعرب (8 سنوات) من رفح، ليلتحق بوالديه وشقيقيه محمد وإبراهيم، ولتمسح العائلة بأكملها من السجل المدني.
وقُصف الجريح والطبيب والصحفي والمسعف، لا حصانة لأحد فالكل مستهدف والكل تحت نار الاحتلال ينتظر ساعته اليوم، وربما غداً أو بعد غد.
واختلط الناس بين ميتٍ وفاقد، حيث لا تجد مفارقة بين الحياة والموت، يغادرها أبناؤها إلى السماء، وهناك يلتقي الأهل والأصدقاء.
الناجي ينعى الشهيد
ينعى الناجون في غزة عائلاتهم فرادى أو بالعشرات، من بينهم خالد الرملاوي، الذي ينعى 19 فرداً من عائلته استشهدوا، أصغرهم ابنته ألينا ذات الثلاث سنوات.
ويعلن حمزة الانتهاء من دفن 40 فرداً من جيرانه عبر صفحته على "فيسبوك"، مضيفاً "خمس عائلات تستيقظ في قبورها، منهم الحبيب مازن ابن الست والثلاثين سنة وزوجته وأبناؤهم الأطفال، عبد الرحمن، ورهف، وأروى ورفيف.."
وتحكي لورين زيداني قصتها التي لم تدم طويلاً، مع طفلتها الشهيدة يمنى، التي تبلغ من العمر 5 شهور فقط، راحت ضحية قصف الاحتلال لمنازل المدنيين في غزة.
وكتب أحمد أبو رتيمة نعياً ابتدأه بعنوان "مجزرة عائلتي"، وهي قصة واحدة من بين آلاف قصص الإبادة التي ارتكبها الاحتلال في غزة.
وقال في منشوره "استشهد عبود وهو ملتصق بي، واستشهدت ابنة أخي الطفلة جود ذات العشرة أعوام، واستشهدت أمي الثانية زوجة أبي، وعماتي الاثنتين وابنة عمتي.. كنا قد احضرنا عمتي التي استشهدت إلى بيتنا بعد يوم واحد من استشهاد ابنها وأحفادها الثلاثة..".
وينعى الصحفي طارق مصطفى شقيقته أحلام وخاطبها عبيدة، اللذان استشهدا إلى جانب عدد من أفراد العائلة في قصف لمنزلهم، ويقول "كان الزفاف جميلاً في السماء بحضور أمي، أبي، أخي معاذ، وأختي أحلام، وأختها إلهام، وأخي أحمد وعمي رياض، و33 فرداً من أفراد العائلة الذين ارتقوا شهداء في القصف الغادر لبيت العائلة".صفا