مركز "حريات": حياة الأسرى الفلسطينيين في خطر داهم وحقيقي



أفاد مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" بأن مصلحة السجون الإسرائيلية، ومنذ تاريخ 7/أكتوبر الماضي قامت باتخاذ مجموعة من الإجراءات فيها تهديد مباشر لحياة الأسرى، حيث أفادت محامية "حريات" الأستاذة ليندا العبادي، بعد زيارتها لمعتقل عوفر، ومقابلتها لمجموعة من الأسرى، بأن إفاداتهم تؤشر على خطر حقيقي ومباشر يهدد حياتهم، وأن سلطات الاحتلال تتعمد، وضمن سياسة ممنهجة، الحط من كرامتهم، وكسر إرادتهم بحرمانهم من أبسط أساسيات الحياة داخل المعتقل، عدا عن قيام مصلحة السجون بتعريض الأسرى للتعذيب والعزل ولإشكال أخرى من المعاملة السيئة، أقلها تجريدهم من كل مقتنياتهم، بما فيها الملابس، حيث يضطر الأسير إلى غسل ملابسه وارتدائها وهي لا زالت مبلولة، بحكم أن ليس لديه غيار آخر.

وأجمع الأسرى الذين قام مركز "حريات" بزيارتهم على أن الوضع داخل معتقل عوفر سيئ جداً ولا يطاق، وإذا ما استمر هذا الحال من حيث المعاملة القاسية واللاإنسانية، فإن الأوضاع داخل المعتقلات ستنفجر ولا أحد يعلم تبعات هذا الانفجار على الأسرى، حيث تتبع مصلحة السجون سياسة انتقامية بحق الأسرى قائمة على التنكيل والعقاب بهدف كسر إرادة الأسرى، وإعادة الأوضاع في المعتقلات إلى ما كانت عليه في بدايات الاحتلال عام 1967.

كما أكد الأسرى الذين تمت زيارتهم بأن مصلحة السجون قامت بعزل الأقسام داخل المعتقل بعضها عن بعض، وبعزل الغرف داخل القسم الواحد عن بعضها، عدا عن القمع الوحشي، والتفتيش اليومي، وإطلاق النار، ورش الغرف داخل الأقسام بالغاز من مسافة صفر، وما يتنج عن هذا الفعل من تعريض حياة الأسرى بشكل مباشر للموت أو الإصابة.

وافاد الأسرى بأن مصلحة السجون لم تكتفي بسحب الملابس والغيارات البديلة من الأسرى، بل سحبت أيضا الوسائد، والأغطية، وأبقت على غطاء خفيف جداً لكل أسير، وبالتوازي قامت بتعرية نوافذ الغرف، مما يتسبب بمعاناة إضافية للأسرى ناتجة عن البرد الشديد أثناء الليل تحديداً، وبخاصة لأصحاب الامراض وكبار السن والأشبال.

كما قامت بسحب كل أدوات المطبخ (البلاطة، السخان، ... الخ)، ومنعت المشروبات الساخنة، والسجائر، وكذلك فإن جودة الطعام المقدم رديئة جداً وكميته قليله، ويتم تأخير تقديم الوجبات حيث تُقدم الوجبة الأولى للأسرى أحياناً بعد الساعة الرابعة مساءً.

ووصف أحد الأسرى الحياة داخل معتقل عوفر بأنها تشبه زنازين التحقيق أو العزل الانفرادي من حيث الظروف والأوضاع والمعاملة، فنحن كما يقول؛ منقطعين عن العالم الخارجي بشكل كامل، بحكم أن مصلحة السجون سحبت الراديوهات، والتلفزيونات، وصادرت الدفاتر والأقلام والكتب، ومنعت عنا كل وسائل النظافة، بما فيها أدوات الحلاقة ومعجون الأسنان، وتمنع الأسرى من التنقل بين الغرف في القسم الواحد، ومنعت التقاء الأشقاء ببعض داخل المعتقل، ويتم قطع التيار الكهربائي منذ العدد الصباحي وحتى العدد المسائي، وبعدها يتم اضاءة لمبة واحدة في كل غرفة، كما تم تقليص مدة الفورة لتصل بحدها الأقصى إلى (25) دقيقة، وتكون لكل غرفة على حدى، وبمعزل عن غرف الأسرى الأخرى.

ومن الملاحظ بأن الأسرى الذين تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر الماضي يصلون إلى معتقل عوفر بحالة يرثى لها جراء التنكيل والضرب الذي يتعرضون له أثناء الاعتقال والتحقيق، ويواجهون صعوبة كبيرة بالتكيّف مع حياة المعتقل بعد قدومهم إلى الغرف، بسبب الأوضاع المزرية، فهي على حد وصف أحد الأسرى حياة أشبه بالموت. وأفاد أحد الأسرى بأنه وأثناء اعتقاله تم تصويره (فيديو) من طرف جيش الاحتلال وهم يقومون بضربه والتنكيل به، وأيضاَ تم تصويره بملابسه الداخلية، في إجراء يتنافى مع أبسط المعايير الإنسانية والحقوقية.

وكانت محامية "حريات" الأستاذة ليندا العبادي قد زارت يوم الخميس الموافق (09/11/2023)، أربعة أسرى في سجن عوفر، وهم عمر نمر عساف، ونضال أبو عكر، وباسل ناصر اللحام، وسالم عثمان زهران. ويعتبر الأسير الناشط السياسي عمر عساف واحد من أكبر الأسرى سناً حيث يبلغ من العمر (73) عاماً، وتم اعتقاله من منزله على خلفية مشاركته في فعاليات وطنية وجماهيرية، والتدوين على وسائل التواصل الاجتماعي، علماً بأن عساف يعاني من عدة أمراض مزمنة، وهو بحاجة إلى علاج دائم، وبخاصة أنه وقبل عدة أيام من اعتقاله أجريت له عملية "قسطرة".

وعلى صعيد آخر، ومن خلال المتابعات اليومية لـــــ "حريات" فإن حملات الاعتقال اليومية التي تشنها القوة القائمة بالاحتلال في الضفة الغربية، منذ 7/أكتوبر الماضي وحتى تاريخه طالت ما يزيد عن (2600) مواطن، من بينهم نساء وأطفال وكبار السن ومرضى، ويرافق هذه الحملات عمليات تنكيل وضرب مبرح، ليس فقط للمعتقل وإنما تطال أيضاً عائلته، حيث تم توثيق العديد من هذه الحالات، بالإضافة إلى تخريب الممتلكات، كما أنه ومنذ التاريخ المذكور زاد عدد الأسرى الخاضعين لأحكام إدارية سواء تجديد لهذه الاحكام أو فرض أحكام جديدة، في حين ارتفع العدد الكلي للأسرى إلى ما يزيد عن (7800) أسير/ة.

وبناءً على الواقع الحالي للأسرى، فإن "حريات"، في الوقت الذي تحذر فيه من مألات ما يحدث، فإنها تدعو كافة المؤسسات ذات الاختصاص والعلاقة بقضايا الأسرى إلى البدء فوراً بالتحضير لعقد مؤتمر وطني بهدف تبني استراتيجية وطنية لحماية الحركة الأسيرة والحد من معاناتها.