خلاصة قمة العرب والمسلمين!
بعيدا عن كلّ "الإنشاء" الذي تخلل مجريات قمة الرياض، ما بين "عنتريات" جوفاء من ناحية، و"حياد" صفيق من ناحية أخرى..
وبعيدا عن بيانها الختامي المليء بـ "المطالبات" ويخلو من أي "إجراء عمليّ"..
خلاصة ما تمخضت عنه قمة مليار ونصف مسلم، و(400) مليون عربي، هو ما جاء على لسان مَن وصف نفسه، وكرّسته القمم السابقة، "ممثّلا شرعيّا ووحيدا للشعب الفلسطيني":
- "نريد حماية دولية"!
هذا ما سيتم "البناء" عليه، وهذا هو السيناريو الذي يمهّد له العرب والمسلمون من طرفهم للمرحلة التالية من حرب الإبادة والتهجير في غزة، ولا أحد يستطيع لومهم أو اتهامهم، هذا ما يريده "الفلسطينيون" أنفسهم، وإذا كان هناك فلسطينيون لا يعجبهم هذا الكلام "ما دحشنا".. "يصطفلوا بين بعض"!
وإذا كان هناك كذلك عرب ومسلمون غير الفلسطينيين لا يعجبهم هذا الكلام، فليعترضوا ويتحفّظوا على أيّ من مقرّرات القمة وبيانها الختامي، هذا حقّهم.. أو ها هو "الميدان" أمامهم و"يصطفلوا" هم أيضا!
الدور المطلوب من "الكيان الصهيوني" في هذه المرحلة هو "النجاح" في تحقيق "الحسم" في "شمال غزّة"، ولا يُشترط أن يكون حسما حقيقيا، يكفي أن يحقق نصرا مزيّفا في "معركة المستشفيات"..
وعندها سيهبّ الجميع فجأة لتثبيت هدنة إنسانية استعصت طوال المدة السابقة، وستسجّل هذه الهدنة نجاحا للدبلومسية والقمّة والشرعية الدولية، وذلك لإعطاء "الكيان الصهيوني" فرصة للتمركز والاستحكام، وتفريغ الشمال و"تنظيفه"، قبل أن تدخل "القوات الدولية" التي ستحمي الفلسطينيين، أو حتى على مرأى من عين هذه القوّات بعد أن تدخل لا فرق.
وبعدها سيتم البدء بالعملية السياسية على أساس "الأمر الواقع" الجديد، مع استمرار القصف والعدوان والترويع الصهيوني طبعا لبقية القطاع.
وعندها سيكون هناك من حيث المبدأ خمس خيارات أمام المقاومة:
1- أن ترفض من طرفها وقف إطلاق النار، وعندها ستُتهم بأنّها هي التي لا تريد وقف إراقة دم الأبرياء والمدنيين، وسيجيّر ذلك إلى ضوء أخضر إضافي فوق الضوء الأخضر الممنوح للكيان الصهيوني لمواصلة قصفه ومجازره وإبادته من أجل القضاء على المقاومة بكل السبل المتاحة.
2- أن توافق المقاومة "طوعا" على حلّ قوّتها العسكرية بنفسها، حتى يتم "قبولها"، ويكون لها "موطئ قدم" و"حصة" و"تواجد" ضمن أي ترتيبات وتسويات سياسية قادمة. ويُفضّل أن يكون ذلك من خلال انضوائها تحت مظلّة "منظمة التحرير الفلسطينية".
3- تأمين خروج مشرّف للمقاومة وجناحها العسكري من غزّة على طريقة "خروج الشجعان" و"مبادرة ريغان" أيام حصار بيروت سنة 1982.
4- إبرام اتفاق على غرار "اتفاق دايتون" للسلام في البوسنة والهرسك، وإن كان هذا مستبعدا لأنّ الكيان وحلفاؤه سيعتبرون ذلك بمثابة انتصار للمقاومة، وأكثر مما هم على استعداد لمنحه لها، وتثبيتا لأقدامها في غزّة.
5- لا هذا ولا ذاك، بل استغلال الهدنة والمباحثات والمفاوضات كوسيلة لشراء الوقت كي يعيد "الكيان الصهيوني" لملمة شتاته، واستجماع قوته، وحشد موارده ودعم حلفائه، وإحكام خططه واستخباراته، من أجل الشروع في المرحلة الثانية لاستكمال ما بدأه: تدمير وإبادة وتهجير ما تبقّى من قطاع غزة.
وعندها ستخرج القوات الدولية بأسرع مما دخلت، مثلما انسحبت قوات (اليونيفيل) على الحارك من جنوب لبنان!
وبالنسبة لمصر، إمّا أن يتم إقناعها بالإغراء والاستمالة و"التي هي أحسن"، أو أن تصرّ الدولة المصرية "العميقة" على موقفها الحالي، ليتم البحث عندها عن سبل بديلة لفرض خيار استقبال اللاجئين الفلسطينيين عليها بالقوة والإكراه..أو ربما البحث عن وجهة/ وجهات أخرى للاجئين من ضمنها أوروبا نفسها على غرار اللاجئين السوريين!
وكما هو الحال منذ اليوم الأول، الكلمة الفصل في كلّ هذا هي لـ "الميدان"، وللمقاومة وأهالي غزّة الذين من حيث المبدأ قد كفّوا ووفّوا، ولا يستطيع أحد أن يُزاوِد عليهم، وبذلوا في سبيل القضية أكثر مما كان يتخيّل أحد أن يُبذل بكثير.