فنانون عالميون يوثقون مأساة الحرب على غزة

حين يأخذ الفنان المغربي عبد العالي بنشقرون ريشته، ويقف أمام بياض صفحة لوحة جديدة، يشعر أن الحبر الذي يرسم به قد تحجر كما الدموع في عينيه، وهو يتابع أخبار الشهداء الذين يرتقون يوميا في فلسطين

 
 

ويدعو بنشقرون في حديث لـ "الجزيرة نت" كل ضمير حي للتعبير عن تضامنه مع فلسطين بكل الأشكال الممكنة، وهو نداء أطلقه من مراكش الحمراء إلى جانب مواطنه الخطاط محمد البندوري، استجاب له فنانون تشكيليون عالميون اجتمعت كلمتهم في معرض فني افتراضي، أطلقوا من خلاله صرختهم لتخترق جدار الصمت وتصل إلى العالمين، وفق تعبيره.

 

ويشارك هؤلاء الفنانون من بلدان المغرب وفرنسا وروسيا والهند والعراق ولبنان وأذربيجان وإيران -بلوحاتهم- لتوثيق تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في محنته.

 

ويؤكد رئيس جمعية حوار الفنون المعاصرة (بنشقرون) على أن الفنانين المساهمين يقدمون أنموذجا فاعلا يساهم في تلاحم الأفكار والتعبير عنها بالروح والريشة، لتشكل حلقة تواصلية عالمية هامة، على اعتبار أن الفنان له تأثير بارز في الدفاع عن القضايا العادلة.

 

ويشير إلى أن المعرض وجد تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وطلبات كثيرة للانضمام إلى المبادرة من المغرب وخارجه، وهو بمثابة تاج تفكير لما شعرت به أرواح الفنانين من مأساة بحجم الوضع وخطورته.

 

"فلسطين لم تمت" هكذا يبدأ التشكيلي الفرنسي برتراند بولون حديثه لـ "الجزيرة نت" مشيراً إلى أن المعرض بمثابة منبع طاقة للجميع، وهو يظهر تضامن موضوعيا.
 


ويضيف "على الرغم من اختلافاتنا، من المهم أن نجتمع حول القيم الأساسية للحرية والاحترام المتبادل لمعتقدات بعضنا البعض وأعراقنا وأدياننا".

 
ويؤكد بولون الأستاذ الجامعي أن السكان المدنيين هم من يدفعون ثمنا غير مقبول على جميع المستويات ويعاملون مثل الماشية، وأن الانتهاكات المتنوعة الناجمة عن الحرب ليست فقط سقوط القتلى، بل لها علاقة مباشرة مع التاريخ الماضي والمسؤوليات المتعددة التي يكشف عنها.
 
ويقول ذات المتحدث إن هناك الكثير من العمل للقيام به، وعلى الرغم من سياق الحرب، فإن المعرض فرصة حقيقية لتحريك الأمور إلى الأمام، خاتما بالقول "فلسطين تبقى في قلوبنا".

 

بدورها، تشعر الفنانة الروسية ليلى أولغا أن دماء مغربية تجري في عروقها وأن هذا البلد الذي أمدها بالحب تبادله نفس الشعور، وهي لا تملك إلا أن تكون إلى جانب قضية عادلة.

 

وترفع أولغا صوتها عاليا، وهي التي تستعمل رموزا حية في لوحاتها للتعبير عن الحياة اليومية بالمغرب، لرفض كل تهجير وإبادة للشعب الفلسطيني، والعدوان الممارس على الأطفال والنساء وكل المدنيين، مبرزة أن الجميع قلبا وقالبا متضامنون مع فلسطين المحتلة.

 

في المعرض تبرز لوحة تشكيلية، وأخرى خطيّة، مرسومة بروح أو منحوتة بعشق وشغف، يشعر فيه الزائر المتأمل أن الوجوه تصرخ في وجه العالم، تعلو فوق الألم كأنها تكسر اليأس الذي يدب في النفوس، وتحاصر المحتل ليحوله إلى فاقد للوعي والكرامة.

 

ويقف المرء مشدوها أمام فاجعة ما يقع في غزة يوميا، ويحرك فيه أحاسيس تدفعه، كما فعله هؤلاء الفنانون، إلى التضامن عبر ما يملكه من موهبة وقدرة على الإبداع يدعم به المقاومين، وقد يوازي إبداع أساليب المقاومة على الأرض. (الجزيرة)