المقاومة .. فكرة مشروعة تواجه دولة لقيطة

 

المقاومة بكلِ أجنحتها وصقورها ، في غزةَ ، وفي الداخلِ المحتلِ ، وسميَ ما شئتُ من مقاومةٍ شعبيةٍ ، ومقاومةُ كفاحٍ مسلحٍ ، وحركةُ حماسَ ( كتائب القسامْ ) ، وحركةُ الجهادِ الإسلاميِ ، سرايا القدسِ ، فإنَ عيونَ الشعوبِ الحرةِ اليومِ ترنو إليها ، بل وتتعاطفُ معها ومعَ الشعبِ الفلسطينيِ الذي يعاني كلُ يومٍ على امتدادِ 75 عاما من التنكيلِ والنكباتِ والتشريدِ والتهجيرِ القصري على يدِ الكيانِ الصهيونيِ ، الذي يديرُ ظهرهُ لكلِ العالمِ ، وينفذَ جرائمهُ بكلِ وحشيةٍ وقسوةٍ .
ومقاومةُ غزةِ اليومِ تنتصرُ لقضيتها ، وقضيةُ أمةِ بكاملها ، وهيَ تذودُ وتدافعُ لعلها الصحوةُ ؛ فتكون نقطةُ الانطلاقِ لترميمِ العلاقاتِ ، والدفاعُ عن خريطةٍ عربيةٍ ممزقةٍ ، فرضت فيها الحدودُ والتقطيعُ والتقسيمُ ، وكرست سايكس بيكو القديمِ والحديثِ ، لبقاءِ هذهِ المنطقةِ الثريةِ والغنيةِ بالمواردِ الطبيعيةِ في حالةِ استسلامٍ لإرادةِ القوى المهيمنةِ ذاتِ النفوذِ ، وفرضَ إرادتها وقراراتها عليها ، ونهبَ واستثمارَ خيراتها من نفطٍ وغازٍ ومالٍ ، خدمةٌ لمصالحِ الكيانِ الصهيونيِ المزروعِ في العمقِ العربيِ ، وخدمةٌ لمصالحِ الأنظمةِ الإمبرياليةِ في العالمِ .
المقاومةُ اليومِ شكلت رأيا عاما عالميا جديدا ، اخترقَ قوةَ الماكينةِ الإعلاميةِ الصهيونيةِ التي يديرها اليهودُ في العالمِ خدمةً لمصالحهم ، باستبدالِ الحقيقةِ بالافتراءِ والكذبِ والتعتيمِ ، لما يجري من قهرٍ وظلمٍ وإبادةٍ وتنكيلٍ ودمارٍ يتعرضُ لهُ شعبُ فلسطينَ على أرضهِ المغتصبةِ ، والمحتلةَ من دولةٍ مارقةٍ وباغيةٍ وظالمةٍ ، لا ترعى إلا ولا ذمةً ، تكونت بوعدِ الاستباحةِ من بلفور ، لشرذمةٍ ممقوتةٍ عانى الغربُ ودولُ أوروبا من خرابهم وخبثهم ومكرهم ، ليكونَ لهم أرضُ تجمعهم من شتاتهم في دولِ أوروبا وبقاعٍ أخرى من العالمِ ، لتأسيسِ دولتهم ، يرسخونَ فيها فكرهم وثقافتهم التلموديةَ السوداءَ المزورةَ ، وتكريسَ بروتوكولاتِ حكماءَ صهيونَ في سياساتها بما تملكُ من قوةٍ إعلاميةٍ وعمالاتيه ، بطمسِ إرثِ لهُ قداسةُ وعقيدةُ متوارثةٌ علَى هذهِ الأرضِ منذُ فجرِ التاريخِ.
المقاومةُ اليومِ قد تكونُ المفتاحَ لبوابةِ العالمِ ، لتكونِ يدِ الأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ هيَ العليا إذا تحالفت وتوحدت على رأيٍ واحدٍ ، طريقا لإسقاطِ جدارِ الانحناءِ والانكسارِ لأنظمةِ الهيمنةِ الصهيونيةِ الغربيةِ ، بما حققتهُ من تعريةٍ لمنْ صنعوا الدواعش ، ومنْ صنعوا الوحشيةُ وشريعةُ الغابِ ، ومن صنعوا الدمارُ والقتلُ ، وتنكروا لكلِ المواثيقِ والنظمِ الدوليةِ ، التي تنادي بحقوقِ الإنسانِ ، وحقوقَ الشعوبِ في حياةٍ آمنةٍ .
فالمواثيقُ الدوليةُ تقرُ بحقِ الشعبِ الفلسطينيِ بالمقاومةِ ، وليسَ هناكَ ما يدينُ شرعيةَ الدفاعِ عن الأرضِ ؛ واقرؤوا ما شئتمْ منْ القراراتِ الأمميةِ ، واتفاقيةُ لاهاي ، والنظامُ الأساسُ للمحكمةِ الجنائيةِ الدوليةِ ، وغيرها، التي تؤكدُ ذلكَ ، أما ما شهدناهُ ونشهدهُ اليومِ من انزياحٍ لأنظمةِ الغربِ ورؤسائها وحكامها إلى جانبِ الكيانِ الصهيونيِ بحجةِ أنهُ يحقُ لإسرائيل الدفاعَ عن نفسها ، فإنَ هذا انقلابٌ على المواثيقِ والقراراتِ التي صدرت تباعا وانتصرت لشرعيةِ المقاومةِ الفلسطينيةِ ، وليسَ هذا فحسب ؛ ففي كلِ اعتداءٍ على الشعبِ الفلسطينيِ لم نجدْ قانونا عادلاً عالميا يحاكمُ إسرائيلَ على أفعالها الوحشيةِ ، والاستيطانيةَ ، وما تمارسهُ من تطاولٍ على المقدساتِ ، لا قبلَ 7 أكتوبرَ ولا بعدهُ ، وتحديدا ما يشهدهُ العالمُ منذُ سبعةِ وثلاثينَ يوما من قصفٍ في سماءِ غزةَ على المدنيينَ والأبرياءِ في مساكنهم ، وشوارعُ القطاعِ ومستشفياتهِ جميعها التي لم تسلم من الدمارِ ، والقتلُ ، والإبادةُ ، والأشلاءُ ، والجرحى ، والحرمانُ من مقوماتِ الحياةِ نتيجةَ الحصارِ الضاغطِ ؛ فلا ماءً ولا كهرباء ولا وقود ولا خبز .
وأصبحَ الكلُ يدركُ ويعلمُ أنَ المقاومةَ ولدت وتنامتْ في ظلِ تهميشٍ لحقوقِ شعبٍ بأكملهِ ، بمخططٍ صهيونيٍ وضعِ أقدامِ عصبةٍ منحرفةٍ على أرضِ فلسطينَ ، فكانَ النضالُ الوطنيُ هوَ الأداةُ التي يمكنُ منْ خلالها مقارعةُ المحتلِ لتحقيقِ التحررِ من براثنِ حكمِ الإسرائيليِ الصهيونيِ وسياستهِ العنصريةِ البغيضةِ ، تبناها الأحرارُ لأجلِ محاربةِ طمسِ الهويةِ للأرضِ المحتلةِ السليبةِ ، والاضطهادُ الذي يعانيهُ الإنسانُ الفلسطينيُ المطاردُ في حقهِ المشروعِ ووجودهِ ، ويرفضَ أن يكونَ ذليلاً أوْ أن يعيشَ الانكسارُ والخنوعُ .
إنَ اتهامَ المقاومةِ بالتطرفِ وتصنيفها على أنها إرهابيةٌ أوْ داعشية هوَ محضٌ افتراءِ واتهامِ مردودٍ على من صنعوا الإرهابُ وأوجدوا جيوشَ الدواعش ومولوها بالمالِ والسلاحِ والأهدافِ ، لإعمالِ الخرابِ والدمارِ في أوطانِ العربِ والمسلمينَ ، وبأدواتهم ووسائلهم نجحوا في إقناعِ العالمِ أنَ هذهِ فرقٌ طائفيةٌ إسلاميةٌ متطرفةٌ ، بعدُ أنْ ألبسوها ثوبَ الإسلامِ وعمائمِ الشيوخِ ، لتنطليَ الفكرةُ على الشعوبِ غربيها وغربيها ، تكريسا لقلبِ الأفكارِ ، وإثارةُ الحقدِ والضغينةِ لكلِ ما هوَ عربيٌ أوْ مسلمٍ؛ فتقديمُ هذهِ الخلطةِ العصريةِ للعالمِ أربكت دولاً وأنظمةً ، وعانت الأمرينِ ، واليومُ يتمُ توصيفَ المقاومةِ كمصطلحٍ يتساوى معَ مصطلحِ الإرهابِ والدواعش، فما هذا إلا تجن يسقطهُ الغربُ بخبثٍ عبرَ أبوابِ سياستهِ وإعلامهِ ومحافلهِ الصهيونيةِ ، والأيدي الخفيةُ في الجمعياتِ السريةِ حولَ العالمِ ، التي تلعبُ ألاعيبها لإقناعِ الشعوبِ أنَ المقاومةَ حاضنةٌ للمخربينَ والدواعش والإرهابيينَ ، وإنكار للحقيقةِ الدامغةِ التي تقولُ إنَ المقاومةَ فكرةً فطريةً جاءتْ امتدادا لثورةٍ شرعيةٍ بدأت دفاعا عن الأرضِ ، ودفاعا عنْ الشرعيةِ التي تغتالُ كلَ يومٍ .
ستبقى المقاومةُ هيَ الصوتُ الذي يسمعُ العالمُ صوتا وصورةٌ ، فعلاً لا قولاً ، والحقيقةُ على واقعها ومرها ، أمامَ كلِ تجاوزاتِ الكيانِ الصهيونيِ وآلتهِ العسكريةِ الظالمةِ ، وسيبقى الصراعُ قائما وستظلُ المعركةُ تتجددُ في ظلِ الإنكارِ والهيمنةِ والعقليةِ التلموديةِ اليهوديةِ التي تسكنُ حكوماتِ تلِ أبيبَ .