مجمع الشفاء بين الخداع والإلهاء



الكيان الصهيوني وأميركا يقتحمان مجمع الشفاء الطبي!

انتظروا المزيد من "حفّاظات الأطفال"!

هذه المرّة سيكتشفون سلاحا سرّيا جديدا داخل المستشفى: ميكروكروم!

أظنّ هذه المرّة، بما أنّ أميركا قد دخلت على الخط، فيديوهات المتحدث باسم جيش الكيان ستكون متقنة أكثر، ستأتيه مباشرة من "هوليوود"!

الكيان وحلفاؤه بلغوا مرحلة ما بعد الاستفلاس، سواء في بحثهم عن نصر موهوم، أو في فبركة الأكاذيب!

بما أنّ اقتحام "مجمع الشفاء" هو على حد زعم الكيان بناء على معلومات استخباراتية أمريكية، لماذا لم يقوموا بمباغتة الجميع وتنفيذ إنزال في المجمع منذ وقت مبكر بدلا من انتظار كلّ هذا الوقت؟

أسمج مبرر يمكن أن تسمعه هنا: حقنا للدماء!

عسكريا، اقتحام "مجمع الشفاء" والسيطرة عليه لا تقدّم ولا تؤخّر من جهة إضعاف المقاومة، أو من جهة السيطرة على كامل مدينة غزة التي يقع "الشفاء" على جهتها الغربية وليس في وسطها..

واقتحام "مجمع الشفاء" والسيطرة عليه لا تلغي حقيقة الورطة التي يعاني منها الكيان الصهيوني في شوارع غزة، والخسائر الفادحة التي يُمنى بها مع كل متر من زحفه البطيء، أو حتى في صفوفه الخلفية..

ولكنّها حرب الدعاية النفسية والأكاذيب!

كلّ هذا اللغط الذي تثيره أميركا والكيان الصهيوني حول استخدام المقاومة للمستشفيات والمرافق العامة يسمّى في علم الاتصال "إلهاء" أو "تشتيت" (destraction).

هم يريدون أن يلهوا الناس والسياسيين ووسائل الإعلام في الحديث عن هذه المسألة: المقاومة تستخدم.. لا تستخدم.. الفيديوهات صحيحة.. غير صحيحة.. انظر هذه اللقطة.. لاحظ هذا المشهد.. الخ.

إلهاء هدفه تشتيت التركيز ولفت الأنظار عن القصف الهمجي والمجازر الوحشية التي لم تتوقف لحظة، والتي أصبحت أخبارا "باهتة" و"عادية" وجزءا من "يوميات الحرب"..

وإلهاء هدفه تشتيت التركيز ولفت الأنظار عن أنّ الكيان الصهيوني هو الذي يستخدم أهالي غزّة حاليا "دروعا بشرية" لآلياته وقوّاته، ويريد استخدام المستشفيات نقاط تمركز وتجميع وانطلاق لعملياته الحربية..

وإلهاء هدفه تشتيت التركيز ولفت الأنظار، وهو الأخطر، عن الصورة الأعم والأوسع، أنّ إخراج المستشفيات والمرافق العامّة عن الخدمة تأتي في سياق مخطط الكيان الصهيوني المُعلَن منذ اليوم الأول: التهجير.

لا طعام.. لا شراب.. لا كهرباء.. لا وقود.. لا مساكن.. لا أماكن آمنة للإيواء.. والآن لا علاج ولو في حدّه الأدنى.. بحيث لا يبقى هناك خيار أمام سكان غزّة المدينة ومحيطها سوى النزوح!

كلّ من تباطأ وتراخى في إيصال الوقود والمساعدات إلى مستشفى الشفاء وغير الشفاء هو شريك في الجريمة.

وكلّ المنظمات الأممية والدولية التي تخلّت عن مستشفيات غزّة هي شريكة في الجريمة.

وكلّ من ساعد في المماطلة وشراء الوقت للكيان الصهيوني هو أيضا شريك في الجريمة.

والأخطر، أنّ الكيان باقتحامه للمستشفيات، والأكاذيب والفبركات التي سينسجها على ظهر هذا الاقتحام.. سيمنح نفسه ضوءا أخضر مسبق للقيام بالمثل، وتكرار نفس سيناريو الإبادة والدمار وقطع سبل العيش واستهداف المستشفيات مباشرة في بقية أنحاء القطاع، وصولا لإجبار آخر فلسطيني على النزوح والخروج من غزّة كلّها!

ولكن هنا تحديدا الورطة الأكبر التي تواجه وستواجه الكيان الصهيوني: كيف سيقنع أهالي غزّة بالنزوح؟

بسبل عيش أو بدون سبل عيش، البطل الحقيقي وعامل القوة الحقيقي في غزّة لغاية الآن هم الناس، وصمودهم الأسطوري، ورفضهم التخلي عن مساكنهم ومناطقهم وكشف ظهر المقاومة رغم القتل والدمار.

الكيان الصهيوني سيحتاج إلى تخصيص جندي لكل مواطن فلسطيني في غزّة من أجل إجباره على النزوح!

لغط وأكاذيب وفبركات كثيرة سنسمعها خلال الساعات القادمة على خلفية اقتحام الكيان الصهيوني مجمع الشفاء الطبي بغزّة.

ولكن الدرس الذي تعلمناه ونحفظه غيبا في التعامل مع الكيان حتى ما قبل "طوفان الأقصى": لا تصدّق العدو وحلفاءه حتى لو حلفوا لك على الماء فجمد!

ودائما وأبدا عند المقاومة وعند المتحدثين باسمها الخبر اليقين.