على من يكذب الكيان الصهيوني هذه المرّة؟



بعد جريمة الحرب الجديدة التي ارتكبها الكيان الصهيوني باقتحامه مجمع الشفاء الطبي بغزّة، وما سبقها من تهويل وتمهيد..


وبعد قطع الاتصالات مع مجمع الشفاء الطبي وعزله عن العالم..

وبعد مرور نهار كامل على الاقتحام بدون أن يرى العالم "ما يُفترض" أن يراه داخل المجمّع ومرافقه و"أقبيته" و"أنفاقه"..

واضح أنّنا على موعد خلال الساعات القادمة مع وجبة جديدة من أكاذيب وفبركات الكيان الصهيوني، والتي يُفترض أن تكون محبوكة و"مشدشدة" أكثر قياسا بفيديو "مستشفى الرنتيسي" الذي يستثير السخرية.

غالبا سنرى جثثا لشهداء من طواقم المستشفى ونزلائه وذويهم والنازحين أرداهم الكيان ليدّعي أنّهم مقاتلون حاولوا مقاومته عند اقتحامه للمستشفى..

وسنرى أشخاصا آخرين مكبّلين ومقيّدين ومعصوبي الرؤوس باعتبارهم مقاتلين نجح الكيان في إخضاعهم وإلقاء القبض عليهم..

وسنرى آثار "المعارك" التي جرت في مرافق وأقبية المستشفى السفلية، التي تمت "ديكورتها" لتبدو مقارّا ومراكز عمليات للمقاومة، أو حتى ورشا لتصنيع الأسلحة..

وغير مستبعد أن نرى شهادات حيّة لأشخاص لا نعرف "قرعة أبوهم من وين"، يتحدثون وقد تم تمويه وجوههم وأصواتهم، لاعتبارات أمنية طبعا..

وربما لا نرى ذلك كلّه أو قد نرى أكثر منه بكثير، فالكيان عوّدنا أنّ يدهشنا بكذبه، وبصفاقته وغطرسته في ممارسته لكذبه!

ولكن السؤال: هذه المرّة تحديدا الكيان يكذب على مَن؟

من هو "جمهوره المستهدف" ممّا سيبثه من أكاذيب حول اقتحامه الإجرامي لمجمع الشفاء الطبي؟

بالنسبة للمقاومة وأنصارها وأهالي غزة لا توجد هناك كذبة يمكن أن يكذبها الكيان وتجعلهم ينهارون، أو يختانون أنفسهم، أو يغيرون آراءهم وقناعاتهم ومواقفهم.

بل لو بثّ الكيان حقائق دامغة وليس أكاذيبا، فلا شيء سيغيّر من حقيقة أنّ هذا كيان صهيوني استعماري عنصري إحلالي غاصب، وأنّ ما يقترفه هو جريمة إبادة جماعية مُمنهجة، تُفضي إلى مخطط مُبيّت لتهجير أهالي غزّة وتفريغ القطاع تمهيدا لإعادة إحتلاله وضمّه وتصفية القضية الفلسطينية.

وفي المقابل، مؤيدو الكيان وحلفاؤه ومريدوه من عربان وغير عربان ليسوا بحاجة لكلّ هذه الأكاذيب والفبركات حتى يحظى بتأييدهم على طول الخط، وحتى يحظى بضوئهم الأخضر و"مباركتهم" لجرائمه على طول الخط!

إذن على مَن يكذب الكيان هذه المرّة؟

الكيان يكذب على "شعبه"، على جبهته الداخلية، على أهالي الأسرى لدى المقاومة، على كلّ كبير وصغير و"مقمّط بالسرير" داخل الكيان ينهشه الرعب، وتزداد قناعته شيئا فشيئا أنّ "نتنياهو" وعصابة حربه ويمينه المتطرّف يجرّونهم إلى حافة الهاوية.

الكيان يريد أن يعطي "شعبه" إحساسا زائفا بالإنجاز، وبأنّ أساليبه على الأرض تجدي، وبأنّها قد بدأت تؤتي أُكلها، وبأنّ تحرير الأسرى والقضاء على المقاومة ممكن إذا استمر على نفس النهج والوتيرة.

وقد استبقت عصابة الحرب الصهيونية أكاذيبها المرتقبة بمنشورات وإدراجات عبر الفضاء التواصلي تتهدّد قادة حماس أنّ ساعتهم قد اقتربت!

بل لن يكون مستغربا لو أنّ الكيان قد نجح فعلا في وقت سابق في إلقاء القبض على أحد قيادات المقاومة أو الإجهاز عليه، هذه حرب والحرب سجال، وهو يدّخره لمثل هذا الظرف لينسج عليه أكاذيب وسيناريوهات وأفلاما محروقة!

مرّة أخرى ماذا سيغيّر هذا بالنسبة للمقاومة وأنصارها، هم لا يتبنون أساسا هذا النمط للقيادة الهرمية، وهم لا يتبنون هذا النمط من "عبادة الأشخاص".

عصابة الحرب الصهيونية تكذب على "شعبها"، وكذبها على شعبها هو مظهر لكذبها على نفسها، ليس فقط للتغطية على إخفاقاتها التي تتناسب طرديا مع حجم إجرامها ومجازرها، ولكن لتطرد عن نفسها الرعب، رعب الذي تورّط، ويعلم أنّه تورّط، ويشعر بالخناق يضيق عليه شيئا فشيئا، ولا يرى أمامه مخرجا من هذه الورطة إلاّ أن يكون هو "كبش الفداء" التالي، أو أن يُغرق الجميع معه على طريقة أنا ومن بعدي "الطوفان"!