الاردنيون مستعدون.. الناقل الوطني اليوم قبل الغد
مواقف الأردن الرسمية والشعبية تجاه الحرب المستعرة والتي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بدأت تداعياتها السياسية والاقتصادية تفرض واقعاً جديداً في التعامل مع هذا الكيان وهذا بدوره يتطلب قرارات استراتيجية جريئة وتحديداً في ملف الطاقة والمياه والتوجه نحو الاعتماد على المصادر الطبيعية المحلية والعربية بغض النظر عن الكلف المادية في المرحلة الأولى لنكون قادرين على الغاء او تجميد الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل وعدم التوقيع على أي اتفاق جديد لمواجهة تداعيات التصعيد السياسي والاقتصادي و ربما العسكري اذا لزم الامر وحسب مجريات الاحداث القادمة.
في ملف المياه فالناقل الوطني هو الخيار الأمثل لتوفير اكثر من ٣٠٠ مليون متر مكعب من المياه للاردنيين والاستغناء بشكل كامل عن المصادر الخارجية وتحديداً إسرائيل حيث توافق الأردن وإسرائيل و الامارات العربية المتحدة على اعلان نوايا (الكهرباء مقابل الماء) والذي بموجبه سيقوم الأردن بتزويد إسرائيل من محطات الطاقة الشمسية بامل يقرب ٦٠٠ ميغاواط مقابل ان تقوم إسرائيل بضخ ما يقرب ٢٠٠ مليون متر مكعب من المياه المحلاة ولكن وفي ضوء استمرار إسرائيل في حربها على ألشعب الفلسطيني اعلن وزير الخارجية ايمن الصفدي عن عدم التوقيع على هذه الاتفاقية وعليه اصبح علينا البحث عن البديل وهو مشروع الناقل الوطني ولكن هذا المشروع يحتاج تمويل مالي يكفي للبدء بتنفيذه على ارض الواقع وهناك دول عديدة بادرت في المساهمة بتمويل هذا المشروع والاردنيون وفي هذه المرحلة بالتحديد على استعداد للمشاركة ايضاً في تمويل هذا المشروع السيادي والحيوي اذا تتطلب الامر عبر اصدار سندات خاصة لحساب هذا المشروع فقط ليكون واجباً وطنياً يساهم الأردنيون في انشاءه والذي سيعزز الإنتاجية ويرفع معدلات النمو الاقتصادي لدى العديد من القطاعات الحيوية .
اما في ملف الطاقة والغاز الاسرائيلي فلا بد من العودة للتركيز على مصادرنا وثرواتنا الطبيعية بغض النظر عن فرق كلفتها المادية فانتاج الكهرباء محلياً سواء كان من الصخر الزيتي او من الطاقة الشمسية او طاقة الرياح ولنبدأ بمشروع العطارات والتوجه نحو إعادة التفاوض مع الشركات الصينية المستثمرة في هذا المشروع حول السعر العادل الذي يناسب الطرفين والبحث لزيادة الإنتاج قدر الإمكان والتوسع في انتاج الطاقة البديلة وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا المجال وتقديم كل التسهيلات اللازمة لذلك.
اما بخصوص الغاز المسال فلدينا خيارات متعددة وخاصة ان هناك دولاً عربية لديها انتاج كبير من الغاز مثل مصر و قطر والجزائر وعلينا عمل الترتيبات الازمة للتحول نحو شراء الغاز من تلك الدول بكميات اكبر والاستفادة من الباخرة العائمة في العقبة واستغلال ميناء الغاز البترولي مما يعزز من احتياطاتنا من الغاز الطبيعي .
لا شك ان اقتصادنا الوطني سيتأثر سلباً بسبب هذه الحرب وخاصة قطاع السياحة والتقل والطيران حيث تسببت الحرب بإلغاء اكثر من ٥٠٪ من الحجوزات التي كانت مقررة خلال الفترة القادمة مما سيؤثر على تدفقات العملة الصعبة وزيادة معدلات البطالة بعدما شهد العام الماضي انتعاشة كبيرة ساهمت بأكثر من ٥ مليار دينار في الناتج المحلي الإجمالي وهناك قطاعات عديدة شهدت تراجعاً كبيراً منذ بدء الحرب حتى الان بسبب التخوفات من إطالة امد الحرب لفترة طويلة و دخول جبهات قتال جديدة وهذا يفرض علينا عمل خطة اقتصادية تناسب هذه المرحلة الصعبة وتكون قادرة على إيجاد الحلول المناسبة للخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر والمحافظة على امننا الوطني وسيادة أراضيه .
* خبير اقتصادي