رئيس الوزراء يوضح بخصوص الآليات العسكرية الأردنية المتجهة نحو الاغوار

قال رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة إن الموقف الأردني بخصوص الحرب على غزة ارتكز على محددات وتنبيهات متكررة ، حددها وأكد عليها جلالة الملك عبدالله الثاني على الدوام وفي كل المناسبات بأن غياب الأفق السياسي المفضي إلى تجسيد حل الدولتين الذي تقوم بمقتضاه الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967وعاصمتها القدس الشرقية لتحيا بأمن وسلام إلى جانب شعوب دول المنطقة بما فيها إسرائيل، سيبقي المنطقة في دوامات متتالية ومتصاعدة من العنف والقتل والعدوان والاعتداء.

وأضاف رئيس الوزراء في مقابلة خاصة مع قناة "العربية" أجراها مدير مكتب القناة في الأردن الزميل عماد العضايلة، أن غياب الحل السياسي سينقلنا من دوامة عنف إلى دوامة عنف أسوأ ومن فترة وقف للقتال إلى دوامة عنف أسوأ ومن ثم إلى انفجار أكبر " وهذا ما حصل، والدليل ما شاهدناه في هذه الحرب الأخيرة على قطاع غزة ".

وتابع الخصاونة بأن جهد جلالة الملك منصب على وقف الحرب والعدوان الغاشم الذي وصل عدد ضحاياه في غزة إلى 13 ألف شهيد، من ضمنهم 5 آلاف طفل " ولأجل المفارقة اليوم هو اليوم العالمي لحماية الطفل وفقدنا خلاله 5 آلاف طفل غزي خلال 40 يوماً من العدوان الذي لم يميز بين طفل وامرأة وشيخ ومدني.

وأشار الخصاونة إلى أن الموقف العربي الأخلاقي عبر عنه قرار مجلس جامعة الدول العربية الاستثنائي، والذي أكد أن العالم العربي يدين استهداف المدنيين، لافتا إلى أن الموقف العربي موقف أخلاقي لأنه ارتكز على إدانة استهداف المدنيين بغض النظر عن جنسياتهم أو عرقهم أو ديانتهم أو أعمارهم.

وتابع الخصاونة: "الدم الفلسطيني، والطفل الفلسطيني والمدني الفلسطيني، حياته ليست أقل من حياة أي مدني آخر ولا من حياة أي طفل آخر، وهذا هو الموقف الذي ارتكز إليه حراك جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اللحظة الأولى للعدوان ".

وأكد الخصاونة أن جلالة الملك عبدالله الثاني ارتكز على مخاطبة الضمير العالمي في هذا الصدد بخطاب قانوني يقوم على عدم تجزئة القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقواعد الحرب خصوصاً فيما يتعلق بالحماية التي يجب أن تؤمن إلى المدنيين والمؤسسات المدنية والصحية التي جرى قصفها وانتهكت هي وكوادرها رغم أنها محمية بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية".

وأضاف الخصاونة يقول: "وكأن هناك حصانة ممنوحة لإسرائيل لكي لا تلتزم وتخرق منظومة القوانين الناظمة للعمليات العسكرية والحرب والتي تعبر عنها المعاهدات والاتفاقيات الدولية".

وقال الخصاونة: "سبحان الله بخلاف دول العالم إن ارتكبت شيئاً من هذه المخالفات انبرى العالم للتصدي لهذه الخروقات، أما عندما أتى هذا الأمر للممارسات الإسرائيلية وكأن إسرائيل لديها حصانة من تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

وأكد الخصاونة أنه وصلنا إلى تطور في مساع قادها جلالة الملك عبدالله الثاني وأدت إلى تغير تدريجي في مواقف الكثير من الدول الوازنة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأفضت إلى تبني قرار في مجلس الأمن الدولي بأنه يجب أن يصار الى تأسيس هدن إنسانية وعمليات لتبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة والطارئة التي يحتاجها قطاع غزة بشكل عاجل.

وأشار الخصاونة إلى أن الجهد سيؤسس إلى قرار مستدام بوقف إطلاق النار للانتقال بعدها مرى أخرى إلى إعادة إنتاج الاشتباك السياسي الذي يوحد وفق عمليات السلام التي انطلقت عام 1991 نواة الدولة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية لتقوم هذه الدولة الفلسطينية الناجزة والمستقلة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأوضح الخصاونة "أنه بغياب الحل السياسي لن يقودنا إلى شيء إلا إلى عبثية تكرار ما يحصل في غزة بالوقت الحالي وبصورة أسوأ وبعد سنوات من الجمود وغياب هذا المسار والأفق السياسي الذي تتحمل إسرائيل مسؤولية كبيرة منه سواء في إضعاف شريكها الاستراتيجي الممثل بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية".

وقال اليوم هذا النموذج أدى الى وجود نموذج آخر له اتباع يرى بأن هناك عبثية في هذا الطرح ونحن نرى أنه لا يوجد عبثية والحل يجب أن يكون بإعادة إحياء هذا المسار وفق ضوابط زمنية محددة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة تضم الضفة الغربية وغزة .

وأكد الخصاونة أن الموقف العربي ليس أخلاقياً فقط وإنما موقف أخلاقي وقانوني، حيث أن من أحد قرارات القمة العربية والإسلامية التي استضافتها الرياض كان تشكيل لجنة سباعية من وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية لتبدأ جولاتها على الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ويشارك فيها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ايمن الصفدي وبالفعل بدأت من الصين ومن ثم روسيا والمملكة المتحدة، وذلك للتأسيس لإزالة الحصانة القانونية عن إسرائيل بالاستمرار في الانتهاكات والاعتداءات السافرة والجرائم التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والتي تؤسس إلى فجوة ما بين أجيال ستؤدي إلى دوامات عنف أخرى إذا لم يكن الأفق السياسي حاضراً مباشرة وبعد وقف فوري وسريع لاطلاق النار وإيصال المساعدات".

وأوضح الخصاونة أن كل ما ذكر يجب أن يكون مصحوباً بالضرورة بالابتعاد عن أي تصعيد بالضفة الغربية التي يشكل العنف من قبل المستوطنين أو المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية خطاً أحمر للأردن لن نسمح به، مؤكدا أن انتاج مثل هذه الظروف التي تفضي إلى التهجير القسري من قبل إسرائيل هو بمثابة إعلان حرب على الأردن لأنه يشكل خرقاً مادياً لاتفاقية السلام.

وأوضح الرئيس الخصاونة فيما يتعلق بإعلان الحرب ، قائلاً إنه عند تلك المرحلة سيستخدم الأردن كل الوسائل المتواجدة أمامه لمنع تحقق مثل هذا السيناريو الذي يفضي إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلى الإضرار بالأمن القومي للمملكة الأردنية الهاشمية.

وقال الخصاونة إن الأردن لا يضع هذه الخيارات اليوم مباشرة قائمة الاستعدادات الأردنية، مؤكدا أن السلام بالنسبة إلى الأردن مؤسس على الحق وإحقاق الحق وهو خيار الدولة الاستراتيجي، ولكن عندما يتعلق الأمر باختراقات مادية للإطار التعاقدي لاتفاقية السلام من قبل إسرائيل بشكل قد يؤسس إلى هذه المخاطر على الأمن القومي الأردني عندها كل خياراتنا ستكون موجودة على الطاولة وهي متاحة.

وقال الخصاونة إن الأردن اتبع ومنذ اليوم الأول منهجية متدرجة مع تسارع الأحداث في غزة، وهذه المنهجية المتدرجة هدفت إلى إعطاء الأردن المجال لتوقيف آلة التقتيل وتوقيف الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، مؤكداً أن هذا التدرج سيستمر به الأردن في إطار من الالتزام من السلام كخيار استراتيجي وضمن الالتزام بمسؤولياتنا الأساسية تجاه أمننا الوطني وتجاه استحقاقات السلام التي يجب أن يراعيها الطرف الإسرائيلي بالقدر التي يراعيها الأردن.

وقال الخصاونة إن اتفاقية السلام تعتبر "أوراقا على رف يعلوها الغبار" إن لم تحترم استحقاقات معاهدة السلام وإن جرى خرقها وإن جرى خرق البنود الواردة في معاهدة السلام.

وأضاف الخصاونة إن وصل الأردن إلى مرحلة أن هناك خرقا ماديا من جانب إسرائيل في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية فعندها سنتحدث بجدية على أن هذا الخرق خرق مادي يفتح للأردن الباب واسعاً أمام احتمالات متعددة نتحدث عنها في حينه، أما التزام الأردن بالسلام هو التزام استراتيجي وهو اليوم يسمح للأردن بالتحرك على قاعدة من علو الكعب الأخلاقي والقانوني الذي يستطيع الأردن من خلاله انجاز الكثير.

وقال الخصاونة إن التهجير او انتاج ظروف من شانها ان تفضي إلى التهجير سنعتبره في المملكة الأردنية الهاشمية بمثابة إعلان حرب علينا لأنه في جوهره يشكل إخلالاً مادياً في اتفاقية معاهدة السلام من قبل اسرائيل .

وقال الخصاونة إن الأردن يتعامل مع كل مصفوفة المخاطر بشكل عام على أنها موجودة ونبني سيناريوهات للتعامل معها قبل أن تصبح حالة وماثلة بمراحلها، لذلك أطلق الأردن موقفه الواضح المعبر لمساندة الأشقاء في مصر عندما كان هناك حديث عن تهجير لأهالي غزة تجاه مصر وذات الموقف فيما يتعلق بإنتاج ظروف لتهجير الاشقاء من الضفة الغربية .

وأكد الخصاونة أن هنالك مواقف متقدمة للأردن وحالة من الاتحاد العضوي ما بين المشاعر الشعبية والمشاعر الرسمية، كما أن هناك تذكرة ماثلة أمام الأردن من خلال إصابة 7 من طواقم المستشفى الميداني الأردني المتواجد في غزة في قصف لمحيط المستشفى تعيد مرة أخرى التذكير بأن مرتبات الجيش العربي امتزجت دماؤها بدماء الفلسطينيين ، في اللطرون وباب الواد والآن في غزة.

وأكد الخصاونة أن الأردن تلقى إشعارات من الجانب الإسرائيلي بإخلاء المستشفى ولم نستجب إلى هذه المطالب ابتداءً من الأسبوع الأول من اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن القوات المسلحة الأردنية تجري تحقيقاً بظروف هذا القصف على محيط المستشفى وبعد أن تصل النتائج إلى الأردن سنتصرف على أساسه لأن استهداف المستشفيات والطواقم الطبية جرائم حرب نكراء.

وأوضح الخصاونة أن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد وصل إلى مطار العريش للإشراف على دخول المستشفى الميداني الأردني الثاني إلى غزة وتحديداً إلى خان يونس يضم حاضنات للأطفال الخدج الذي رأينا المنظر الذي تقشعر له الأبدان عندما حرموا من الحاضنات التي توفر لهم شريان الحياة.

وقال الخصاونة هناك مستشفى ميداني أردني جديد في مدينة نابلس ليسند الجهد الطبي في السلطة الوطنية الفلسطينية لأن هناك الكثير من المواد الطبية والعلاجية التي وجهتها السلطة الوطنية باتجاه غزة وهذا جهد مستمر وسيستمر الأردن القيام به بالإضافة إلى عمليات الإنزال لإسناد بقاء المستشفى الميداني الأردني الذي يعمل في شمال غزة والذي سيبقى عاملا في غزة وهو قائم منذ عام 2009.

ورداً على سؤال بخصوص الآليات العسكرية الأردنية المتجهة نحو الأغوار الأردنية وهي منطقة حدودية مع إسرائيل والهدف من إرسالها، قال الخصاونة إن الأردن يتعامل اليوم مع ما يحصل في غزة وكأنه يحصل على الحدود الأردنية وليس على بقعة أخرى من هذا الكوكب وهو واقع ومأساة واعتداء واشتباك وحرب، حيث أن غزة تبعد عن الأردن اقل من 60 كلم جواً ومن الطبيعي أن ينتشر وأن يمتد الجيش على هذه الحدود لاعتبارات متعددة للوقوف بوجه أي محاولات للتسلل قد تعرض المواطن الأردني للخطر، وللتصدي لأي محاولات قد تخطر على بال متطرف من الطرف الآخر للقدوم باتجاه الأردن، وهو أمر طبيعي يأتي في سياق المناورات ودور الجيش الأردني الطبيعي والأساسي الذي يحيا عليه في التصدي لمهامه الدستورية الأساسية في حماية حدود الوطن وسلامة الوطن.

وعن التداعيات الاقتصادية وتأثر المسارات السياسية والاقتصادية الأردنية بالحرب على غزة، قال الخصاونة إن الأردن يسير بثبات في هذا الصدد حيث أن الأردن وفي خضم الحرب الغاشمة على غزة استطاع أن ينجز مراجعة سابعة ناجحة في برنامج التسهيل الائتماني الممتد مع صندوق النقد الدولي، ووصلنا الى اتفاقية أولية مع الفريق الفني لصندوق النقد الدولي على برنامج جديد يمتد لأربع سنوات ويفتح نوافذ تمويلية بقيمة 1.2 مليار دولار أميركي للأردن، كما أن الأردن حافظ على تصنيفه الائتماني من منظمات التصنيف الدولية كاملة رغم أن أغلب دول المنطقة والدول المستوردة للنفط تم تخفيض تصنيفها بما في ذلك إسرائيل .

وقال نخطط على الدوام لبدائل مرتبطة بسلع أساسية نحتاجها بما في ذلك وبمنتهى الوضوح إن وصلنا إلى مرحلة انقطع فيها الغاز الذي يأتي من حقل "ليفياثان" لم نر ما يؤشر بأن هذا الانقطاع سيحصل، لكن إن حصل يوجد لدينا اتصالات مع الكثير من الدول وبالتحديد مع دولتين شقيقتين على الأقل لتوفير هذه البدائل سريعا للمملكة الأردنية الهاشمية، ستكون بدائل ذات كلف مالية أعلى لذلك الأردن يحضر دوما لمثل هذه السيناريوهات وان كنا لا نراها ماثلة أمامنا اليوم .

وفيما يتعلق بموضوع المياه والاتفاقية الموقعة مع الجانب الإسرائيلي والبدائل المتاحة، قال الخصاونة، إن الأردن من أكثر الدول فقراً بالمياه، والأردن بصدد الانتهاء من متطلبات طرح العطاءات المتعلقة بالناقل الوطني للمياه من خليج العقبة إلى شمال الأردن، وفي 4 كانون الأول المقبل نأمل أن نصل إلى مرحلة نستطيع فيها فتح العروض ليتم العمل بهذا المشروع الوطني الذي سيغطي احتياجات الأردن من المياه على الأقل حتى عام 2043.

وقال الخصاونة إن القضية ليست قضية " عملية سلام شامل" بل "سلام شامل"، مؤكداً أننا مقيدون بمسار عملية ابتدأت عام 1991 نظرياً، لأنه لدينا الكثير من العملية والقليل من السلام، لذلك يجب الانتقال من مسار سياسي جاد وملتزم من قبل إسرائيل ومن قبل كل الأطراف إلى المسار السياسي المحدد بجداول وأطر زمنية الذي نستطيع من خلاله في أطر زمنية محددة وواضحة أن نجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة والناجزة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب كل دول وشعوب المنطقة بما فيها إسرائيل لأن هذا هو الحل الوحيد للصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولإطلاق الطاقات الكامنة لمنطقتنا والتأسيس لتعاون اقليمي .

وأكد أن هذا هو التزامنا وخيارنا الاستراتيجي الذي نتحرك في اطاره والذي أثبتت دوامات العنف المتتالية التي يتخللها هدن وغيرها والمحاولات التي سعى إليها بعض الساسة في اسرائيل إلى تكريس الانفصال بين الضفة وغزة وإلى اضعاف الأطر الفلسطينية التي كانت شريكة في هذا الجهد إلى عبثيتها وأنها لا تنتج استقرارا أو سلاما وبأن هذا الأمر لا يمكن القفز عليه.

وختم " اليوم لا يزال العالم الذي تتشكل غالبيته ممن يحكِّمون العقل ولا يرون العالم من منظور خطابات تحريضية تهدد بالنووي على غزة ولا من منظور خطابات تحريضية لبعض الوزراء العاملين في الحكومة الاسرائيلية الذين يشجعون على انتاج ظروف متعلقة بتهجير قسري في خطاب يخرق القانون والأخلاق والقيم الإنسانية والعقيدة .

وقال "خطابنا انساني وقانوني مرتكز إلى حق أبلج وإلى منظومة قيمية عالية والتزام استراتيجي بالسلام المؤسس على الحق ".

--(بترا)