ملاحم البطولة و الشرف الفلسطين الغزية و عربان التطبيع الإبراهيمية



 في هذه الأوقات العصيبة المريرة الجميلة المبكية المفرحة في آن واحد لابد أن نتوقف لنستفيد من الدروس و العبر التي قدمتها لنا الأحداث على مدار الخمسين يوما الماضية ، خمسون يوما من القتال المرير بين الة الحرب الإسرائيلية الظالمة الإرهابية النازية و بين ابطال فلسطين في المقاومة الفلسطينية الباسلة التي اوقفت العالم كله على قدم واحدة و بقيت ثابتة صلبة قوية لوحدها تقاتل و تنزف و تتألم و تعض على الجرح حتى سجلت في الخمسين يوما خمسين انتصارا في كل ساحات العالم و أبهرت الدنيا بتضحياتها و نضوجها و واقعيتها و استعداداتها لكل المفاجئات و صدقت في كل وعودها و اوفت بكل عهودها و قدمت النسخة الأصلية للفلسطيني الذي لا يؤمن بأوسلو و لا بوايت بلانتيشن و لا بكامب ديفيد ، الفلسطيني الذي لا يتسول السلام بصوت مرتجف ضعيف مقابل حياة مليئة بالخزي و الذل و العار.

اليوم و نحن نعيش ملحمة تاريخية عربية مجيدة سيسجلها التاريخ ، و هي الملحمة الأولى الحقيقية في تاريخ مابات يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي ، اسرائيل التي هزمت العالم العربي كله تنهزم اليوم أمام كتائب المجاهدين الأبطال العظام الذين عرفوا أن فلسطين لا تعود بمهرجانات المسخن و الكنافة بل بسواعد المجاهدين المتوضئين الذين يحملون أرواحهم على أكفهم و يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون لا يهمهم من وقف معهم و من وقف ضدهم طالما أن الله معهم.
اليوم و نحن في الأردن نرى و نشاهد كل هذه الأحداث تجري على مقربة منا و تصريحات العدو حتى وهو في اتون جحيم المعارك و صواريخ القسام تقسم الكيان الى أقسام ، يهدد هذا الكيان الغاصب الأردن بالويل و الثبور لمجرد أن ابناء هذا الشعب يقفون مع اخوانهم وابناء جلدتهم و عقيدتهم و اخوانهم الذين يموتون كل ليلة في غزة تحت الركام و ما أن تشرق الشمس في اليوم التالي حتى ينبتون و يزهرون من جديد و يلدون مجاهدين و كأنما هم يستنسخونهم مع كل دفعة قصف همجية اسرائيلية ، اليوم نتخلى في الأردن عن كل مايفرقنا ، و نتناسى او ننسى كل مآخذنا على الحكومة و الدولة في النهج و السياسات و في مواضيع الفقر و البطالة و الفساد لنقف صفا واحدا حتى لا نقول ذات يوم قريب الا اني أكلت يوم أكلت غزة و لن تؤكل غزة ان شاء الله لأن الله هناك يقف مع غزة و يسدد رمي غزة و يرفع أعلام غزة .

علينا أن نرتق ما فتق بعضنا حينما طرد قادة حماس من الأردن فقادة حماس ييسر الله لهم و قد فعل الف ملجأ يلجئون اليه غيرنا و حينما طردناهم و تباهى من تباهى بطردهم و ربما ما يزال يسر الله لهم قطر و تركيا و ايران ولبنان و سوريا و هناك دعوات لهم من عشرات الدول في شرق اسيا و جنوب امريكا و جنوب افريقيا لاستضافتهم ، ماذا جنينا من طرد قادة حماس ، لماذا نخرب بيوتنا و سياساتنا بأيدينا ، هاهو المجد كله يمر امامنا ، مواكب العزة و الشرف و الفرح الفلسطيني و العربي و كل جماهير الأمة تهتف و تتضرع الى الله أن يحفظ المجاهدين و يشكرون من قدم و احتضن و ساعد و فاوض و دعم بينما نحن واقفون نتفرج لا يذكرنا احد في كل هذه المواقف العظيمة للأمة ، " العليق عند الغارة خسارة " و التراكض لتقديم بعض المساعدات الإستعراضية لا يفيد ، و الوقوف مع قوافل التطبيع و الديانة الإبراهيمية و ابتسامات الغرب الزائفة لا يفيدنا و لا يأتي بمنفعة لنا ، الأردن يستطيع أن يحصل على كل ما يريد من أمجاد الدنيا و الآخرة لو وقف و يجب ان يقف مع ضميره العربي الإسلامي و مع ابناء الأمة المجاهدين و ليس مع المتخاذلين من أهل فلسطين و ما هم من أهل فلسطين ، ابناء فلسطين هم اولئك المجاهدين الصابرين ، ابناء فلسطين نحن أولى بهم من غيرنا ، و حينما يكون موقفنا عربيا اسلاميا باخلاص فإن كل ما نحتاج اليه و نريده سيأتينا طائعا بين ايدينا " و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب ".

المجاهدون في غزة تخطوا حاجز الحاجة الى غيرهم ولا يتوسلون لأحد بل بات كثير من الناس يتقربون منهم و يتوسلون أن يكون لهم جزءا من كعكة الإنتصار المر و لكنه انتصار ، علينا في الأردن أن نقف مع اخواننا و نترك كرازايات فلسطين ، ان نقف مع انفسنا ، و ان نقف مع الله و أن لا نكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ، فمواقف الشرف و البطولة تليق بنا و بقواتنا الأردنية المسلحة العظيمة و بشعبنا العظيم ، و وقوفنا مع ابناء فلسطين هو شرف لا يتاح للجميع .
تحية اكبار واجلال للمجاهدين الذين رفعوا اسم الأمة عاليا و صار لنا في نهاية المطاف حلما و أمل...
adnanrusan@yahoo.com