الأسيرة ولاء طنجة.. استقبلت أمها بصفقة "وفاء الأحرار" واليوم تُحرر بـ"طوفان الأقصى"



بمثل هذه الأيام، وقبل 12 عاما وبذات الظروف وقفت ولاء خالد طنجة وهي طفلة لما تبلغ عامها الـ15 آنذاك، لجانب خالاتها وأقاربها عند شارع القدس قرب حاجز حوارة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بانتظار الإفراج عن والدتها الأسيرة لطيفة أبو ذراع برفقة عشرات الأسيرات اللواتي تحررن حينها ضمن صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط).

وفي أغسطس/آب 2022 اعتقلت ولاء عند حاجز "الياهو" العسكري الإسرائيلي قرب مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، وخضعت لتحقيق وعزل قاس في سجن "بتاح تكفا" الإسرائيلي لـ28 يوما، وكانت النيابة الإسرائيلية تطلب حكما بالسجن نحو 7 سنوات بتهمة إطلاق نار، لكن الحرب على غزة حالت دون صدوره.

واليوم وبعد هذه السنوات يعاد المشهد نفسه بصورته المجردة وبتفاصيله الدقيقة، وتتحرر الأسيرة ولاء وهي ابنة (27 عاما) بعد 15 شهرا من الاعتقال في سجن الدامون الإسرائيلي حيث أطلق سراح والدتها قبل 12 عاما، وبموجب صفقة تبادل أيضا.


 

ظروف إفراج مهينة
وبمشاعر فرح مختلطة بحزن عميق، بسبب الغياب قسرا لوالدتها الشهيدة وشقيقها المطارد وظروف حرب صعبة، تقول ولاء مستذكرة لحظة تحرر والدتها ولقاء الجزيرة نت بها آنذاك "رغم الانتظار الطويل، فإنني ضممت أمي حينها، والآن أفتقدها وأخي وآخرين حالت الظروف دون رؤيتهم".

وهي ظروف لا يمكن مقارنتها -كما تقول ولاء للجزيرة نت- بتلك التي تحررت بها والدتها من حيث الانتهاكات الإسرائيلية بحقهن، إذ لم تخبرهن سلطات السجن بالإفراج، وسط اقتحامها لغرفهن وتفتيشهن بشكل عار وشتمهن بأوصاف قاسية ومذلة.

وتضيف ولاء "4 دقائق فقط أمهلونا لارتداء الملابس، ولذلك خرجت معظم الأسيرات بما عليهن من ملابس خفيفة وملابس الصلاة التي ننام بها أصلا خشية أي اقتحام مفاجئ، وتم تقييد أيديهن وأرجلهن بعد تصويرهن دون حجاب، وأخذ بصماتهن وسط ضرب لمعظم الأسيرات، وأنا منهن".
 
ولم يراع جنود الاحتلال احتياجاتهن الخاصة كأسيرات، لا سيما وأن منهن أسيرة مقعدة وأخريات مسنات، ورفضوا تقديم الماء والطعام لهن، وعزلن 5 ساعات داخل زنازين سجن عوفر قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية قبل أن يفرج عنهن من هناك.

عاطف دغلس- االاسيرة ولاء طنجة رفقة قريباتها وهي طفلة قبل 12 عندما خرجت لاستقبال أمها الاسيرة المحررة ضمن صفقة وفاء الاحرار -شاليط قبل 12 عاما- الجزيرة نت4
ولاء طنجة برفقة قريباتها عندما خرجت لاستقبال أمها الأسيرة المحررة ضمن صفقة وفاء الأحرار قبل 12 عاما (الجزيرة)
تحررت حافية
ولم يكتف السجانون بضرب ولاء، بل أخرجوها مقيدة وحافية القدمين، ونقلت عبر البوسطة (حافلة السجن) وهي حافية من سجن الدامون حتى عوفر قاطعة عشرات الكيلومترات، وتقول "استقبلني الأهالي وأنا حافية وسط برد شديد وطريق نخرت وعورتها بقدمي".

وقبل الإفراج عنها استدعى ضابط السجن ولاء ليبعث لها برسالة تهديد ووعيد باعتقالها مجددا قائلا "إن نجت أمك من قبل، فإنك لن تنجي".

وبعد اعتقال 9 سنوات، ومن حكم مقدر بـ35 عاما، تحررت الأسيرة لطيفة أبو ذراع (والدة ولاء) عام 2011، ضمن صفقة وفاء الأحرار، واستشهدت بعد تحررها بسنوات متأثرة بمرض السرطان وأمراض مزمنة أخرى أصابتها بفعل الإهمال الطبي داخل سجون الاحتلال.
 
الشقيق المطارد والجريح
ولم تحرم ولاء لقاء أمها فحسب، بل حالت مطاردة الاحتلال لشقيقها محمد طنجة الملقب بـ"الزنكلوني" دون رؤيته، وهي تتخوف من أي مصير له قبل أن تراه أو تحتضنه.

وتلاحق إسرائيل محمد المعتقل سابقا مرتين منذ عامين، وتعده كأحد أبرز المطلوبين لها بمخيم بلاطة، ولاحقته محاولة اغتياله أو اعتقاله مرات عدة، وأصابته بجروح بليغة أدت اثنتان منها لإصابته بشلل شبه كامل بيده ورجله.

ومما زاد غصة المحررة ولاء ليس وحشية الاحتلال التي رافقت عملية الإفراج فقط، بل عقابه للأسيرات منذ بدء الحرب، إذ تعرضن للرش بالغاز والشتم والضرب والعزل والمنع من لقاء أحد والاتصال، وانتهاك خصوصيتهن باقتحام جنود رجال لأقسامهن دون سابق إنذار.

 
محاولة لتخفيف الحزن
وقدر المستطاع حاولت عائلة ولاء التخفيف من حزنها، فانطلقت باكرا إلى سجن عوفر قرب رام الله لاستقبالها، لكن الاحتلال نغص عليهم باعتقال أحد الأطفال واحتجازه لساعات بعد ضربه بشكل مبرح.

اعلان
وتقول ليلى شقيقة ولاء الكبرى "بطريق العودة احتجزنا جنود الاحتلال قرب حاجز زعترة جنوب نابلس، وكادوا يطلقون النار علينا، ولم نخبرهم أن ببيننا أسيرة محررة خشية قمعنا بشكل أكبر".

وأضافت ليلى أن شقيقها المطارد محمد كان يستعد لإقامة حفل استقبال كبير لولاء وسط المخيم، لكن الاقتحامات الأخيرة والشرسة لجيش الاحتلال التي وصلت لاقتحام منزلهم وتدميره أكثر من مرة والتهديد باعتقال خالتهم المسنة وتقييدها حالت دون ذلك، أو حتى رؤية محمد لولاء أو الاتصال بها.

ووفق معطيات هيئة شؤون الأسرى يعتقل الاحتلال بسجونه نحو 8 آلاف أسير فلسطيني، بينهم نحو 350 طفلا، إضافة إلى نحو 90 سيدة، 33 منهن قبل الحرب على غزة.

المصدر : الجزيرة