الفريق العدوان يكتب عن توصيات مؤتمر كامبل لتدمير الأمة العربية وصنع الكيان الإسرائيلي
عُقد مؤتمر كامبل بنرمان في لندن، بدعوة سرّية من حزب المحافظين البريطاني عام 1905 واستمر حتى عام 1907 بهدف، الحفاظ على مكاسب الدول الاستعمارية لأطول مدة ممكنة، وإسقاط نهضة الأمة العربية وزعزعة استقرارها. شاركت بذلك المؤتمر كل من الدول التالية : بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، وإيطاليا. وخرجت في نهاية المؤتمر بوثيقة سرية أسمتها " وثيقة كامبل " نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آن ذاك هنري كامبل بنرمان.
تضمنت تلك التوصيات، تقسيم العالم إلى ثلاث مساحات هي :
1. المساحة الأولى : وتتكون من الوحدات التي تقع في المنظومة المسيحية الغربية، ويجب ألا تكون السيادة على العالم خارج إطارها، فهي التي تسيطر على العالم ويظل زمام الأمور بيدها.
2. المساحة الثانية : وتشمل الحضارة الصفراء، وهي الدول التي لم تتناقض مع الحضارة الغربية من الناحية القيمية، ولا تصادم حضاري معها، ولا تشكل تهديدا عليها، ولكنها تختلف معها في حساب المصالح.
3. المساحة الثالثة : وهي المساحة الخضراء التي تحتوي على منظومة قيمية منافسة للمنظومة الغربية، صارعتها في مناطق كثيرة، وأخرجتها من مناطق كثيرة. ويتوجب على الحضارة الغربية المسيحية، منع أي تقدم محتمل لهذه المنظومة الحضارية أو إحدى دولها، لأنها تشكل تهديدا للنظام القيمي الغربي، وتشمل هذه المساحة الدول العربية والإسلامية. وتقترح وثيقة كامبل ثلاثة إجراءات رئيسية للتعامل مع هذه المساحة :
أ. حرمانها من المعرفة والتقنية أو ضبط حدود المعرفة.
ب. إيجاد أو تعزيز مشاكل حدودية متعلقة بهذه الدول.
ج. تكوين أو دعم الأقليات بحيث لا يستقيم النسيج الاجتماعي لهذه الدول ويظل مرهونا بالمحيط الخارجي.
تؤكد الوثيقة أن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار، لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب، والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والإفريقية، وملتقى دول العالم، وأيضا مهد الأديان والحضارات، يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص، شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان.
ولتحقيق سيطرة دول الحضارة الغربية المسيحية على الدول العربية والإسلامية، شكل المؤتمر لجنة سُميت بـ "لجنة الاستعمار" والتي نادت بإقامة كيان يهودي على أرض فلسطين نصها كالتالي:
"على الدول ذات المصلحة، أن تعمل على استمرار تأخر المنطقة وتجزئتها، وإبقاء شعوبها مضلّلَة جاهلة متأخرة. وعلينا محاربة اتحاد هذه الشعوب، وارتباطها بأي نوع من أنواع الارتباط، الفكري أو الروحي أو التاريخي، وإيجاد الوسائل العلمية القوية، لفصل بعضها عن بعض. وكوسيلة أساسية مستعجلة ولدرء الخطر، توصي اللجنة بضرورة العمل، على فصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة، عن جزئها الآسيوي. وتقترح لذلك، إقامة حاجز بشري قوي وغريب، بحيث يشكل في هذه المنطقة، وعلى مقربة من قناة السويس، قوة صديقة للاستعمار عدوة لسكان المنطقة ".
بدأ تطبيق مقررات المؤتمر عمليا في الوطن العربي، مع اكتشاف النفط وإرساء أسس السيطرة عليه وعلى الوطن العربي، الذي تم تقسيمه وتفتيته من خلال اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 و وعد بلفور عام 1917 ومؤتمر فرساي عام 1919 الذي أسس وأرسى قواعد الهيمنة والسيطرة الغربية على العالم، من خلال مسميات : الشرعية الدولية، والقانون الدولي، واعطوا الاستعمار الجديد اسم " الانتداب ".
ثم جاء " مؤتمر سان ريمو " في عام 1920، والذي حدد مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية في الوطن العربي، وكانت خلاصته وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ووضع العراق وفلسطين وشرقي الأردن، تحت الانتداب البريطاني، مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور. واستمر تنفيذ المقررات، إلى أن اتخذت الأمم المتحدة، قراراتها بتقسيم فلسطين، وإعلان دولة إسرائيل بتاريخ 11 / 5 / 1945.
هكذا كانت خطط الدول الاستعمارية، في تفتيت وتدمير الأمة العربة والإسلامية، وخلقت هذا السرطان الخبيث في فلسطين العربية، لتحقيق أهدافها الاستعمارية البغيضة. وبما أننا نعيش هذه الأيام أجواء حرب " طوفان الأقصى المبارك "، فعلى الأمة العربية والإسلامية، أن تنهض من سباتها وتتخلص من الاستعمار المقنّع، لتستعيد كرامتها وحريتها الحقيقية وتحرر أرضها المغتصبة، من خلال "طوفان أقصى جديد"، ليعود المحتل مهاجرا إلى موطنه الأصلي، في الدول الأوروبية وفي بلاد الخزر.
مقاتلو القسام . . أولئك الفتية الذين آمنوا بربهم وأخلصوا النية، والذين انتصروا للمسجد الأقصى وأحيوا قضيتهم المقدسة، رغم عددهم القليل نسبيا وإمكانياتهم المتواضعة، إلاّ أنهم بإيمانهم وإرادتهم القوية، استطاعوا أن يزلزلوا الأرض من تحت أقدام المغتصبين. وهذا ما يؤكد على أن الأمة العربية والإسلامية، بأعدادها المتفوقة وإمكانياتها اللا محدودة، قادرة على استئصال هذا الداء الخبيث، من جسد الوطن العربي في فلسطين، إذا خلُصت النوايا وتوحدت الأهداف . . !
* * *
المرجع : كتاب الهيمنة الصهيونية على الأردن الطبعة الثانية / للدكتور المهندس سفيان التل.
التاريخ : 28 / 11 / 2023