عن دلالات رغبة جيش الاحتلال باستكمال عدوانه على غزة
كتب باسل العكور - سجل الكيان الصهيوني المحتل عددا كبيرا من الاختراقات لاتفاقات الهدنة خلال الايام الستة الفارطة .. هذا الكيان المارق يثبت كل يوم انه لا يحفل لا بالاتفاقات ولا بالوسطاء ، وهو غير معني بتنفيذ ما يعتقد انه يتعارض مع مشروعه واهدافه ، وكأننا امام عدة كيانات داخل هذا الكيان المارق الواحد ، طرف يوقع الهدنة ويقر شروطها ، وطرف اخر يراجع جدوى ما تم الاتفاق عليه ،ويقرر الانقلاب على كل التفاهمات التي وقعت مع الطرف الاول ..
المساعدات الانسانية لم تصل الى مناطق وسط وشمال قطاع غزة كما كان متفقا عليه ، وهذا يشي بان هذا الكيان العنصري الغاصب ما زال ماضيا في سعيه للتهجير وتفريغ هذه المناطق من السكان ، وانهم مستمرون في تحويل حياة القاطنين فيها الى جحيم مقيم ، لا فرص للبقاء ولا امكانية للتشبث بالارض بعد عمليات القصف والابادة والحصار وتدمير المستشفيات ، والان منع دخول المواد الغذائية والمساعدات الطبية طوال ايام الهدنة الا في حدود دنيا لا تساهم في انهاء معناة مئات الاف المرابطين في بيوتهم رغم حجم الدمار و الاجرام و الوحشية ..
واضح ان الوساطات للان لم تنجح في اطالة امد الهدنة ، وان الكيان المحتل ينوي استكمال عملياته العسكرية ، استئناف اجرامه في شمال غزة وجنوبها ، وهو بذلك يتجاهل تماما الدعوات الدولية لايقاف الحرب وانهاء هذا الفصل البشع من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية والابادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال النازي في قطاع غزة المنكوب ..
هذا التصميم على استئناف اطلاق النار من جانب حكومة الاجرام الصهيونية يؤكد مجموعة من الخلاصات :
اولا : جيش الاحتلال النازي لم يحقق هدفا واحدا من اهدافه المعلنة او غير المعلنة يعتد به طوال امد العدوان ، وبذلك لن يقبل اية هدن جديدة او وقف نهائي لاطلاق النار تخرجه مهزوما مندحرا منكسرا يجر اذيال الخيبة ..
ثانيا : حكومة الحرب وحلفاؤها يدركون الكلف السياسية لفشلهم في تحقيق اهدافهم من هذا العدوان ، و خاصة انهم رفعوا سقف توقعاتهم ، واستهانوا بقدرات المقاومة على نحو يكشف هزالة استخباراتهم و هشاشة تقديراتهم .
ثالثا : موافقة العدو الصهيوني على التسوية لم يكن لغايات تبادل الاسرى او ضمان وصول المساعدات او رضوخا لضغط الوسطاء والمجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات الانسانية ، و لا خشية من تنامي مشاعر الادانة الدولية للكيان المحتل و جرائمه الوحشية ، ولو كان كذلك لقبل بتمديد الهدن وصولا الى وقف اطلاق نار نهائي .. جيش الاحتلال كان له حساباته الخاصة ، ويبدو انه كان بحاجة ماسة الى هذه الهدنة بعد استنزافه تماما ، يريد ان يعيد تنظيم صفوفه وترتيب اوراقه لمرحلة جديدة من العدوان ..
رابعا : ضغط المجتمع الاسرائيلي لاطلاق اسراه كان سببا مباشرا للهدنة ، ولكنه من يكن سببها الرئيسي ،فما زال هناك عشرات الاسرى بحوزة المقاومة الباسلة ،فكيف ستفسر حكومة الاحتلال الان انهاء الهدنة دون ان تستكمل عمليات التبادل والافراج عنهم جميعا ؟!!
جيش الاحتلال لا يملك الا ان يلجأ الى ذات المقاربات - قصف جوي و بحري و بري عشوائي مجنون ، قتل اكبر عدد ممكن من المدنيين و هدم اكبر قدر ممكن من المنازل والمجمعات السكنية -، مفترضا الوصول لنتائج مختلفة ، و هذا قمة العبث و الفشل الاستراتيجي، فكيف تلجأ لذات المقاربات و الادوات و الخطط و تنتظر نتائج مختلفة ؟!!
حماس اظهرت رباطة جأش منقطعة النظير ، واكدت جهوزيتها و استعدادها لجولة جديدة من القتال ، ولكنها ايضا ابدت تجاوبا و انفتاحا للمفاوضات وصولا الى هدن انسانية جديدة او وقف نهائي لاطلاق النار ، هذه المرونة تعكس ادراكا متقدما للمتغيرات وفهما للمعاني والدلالات ..