وزير الخارجية من مجلس الامن: لا حقّ لمحتلّ في الدفاع عن النفس



نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي: ثلاثة وثلاثون يوما مضت منذ جئتكم وزملاء آخرون نطلب قرار بوقف العدوان على قطاع غزة، لم يصدر القرار ولم يتوقف العدوان، استشرس أكثر وزاد همجية ووحشية ودموية.

- اعتبرت اسرائيل صمت المجلس على عدوانها تغطية لجرائمها، فسرقت حياة (3700) طفلا آخر منذ اجتماعنا الأخير، ليصل مجموع عدد الأطفال الذين ارتقوا نتيجة العدوان إلى (6150) شهيدا، دون احصاء من بقي تحت الأنقاض، ودون احصاء (61) طفلا ارتقوا في الضفة الغربية آخرهم طفلان قتلهما الاحتلال أمس

- بعض هؤلاء الأطفال قتله فسفور الاحتلال الأبيض، وبعضهم قتلهم مرض منع الاحتلال وصول دوائه، وآخرون ارتقوا في ركام بيوت دمرتها قنابل اسرائيل الدقيقة..

- هذه هي انتقامية اسرائيل الفجة التي مازال البعض يبررها دفاعا عن النفس، في تجاوز آخر للقانون الدولي الذي ينصّ حاسما بأن لا حقّ لمحتلّ في الدفاع عن النفس

- تغذّي هذه المجازر غرائز عنصريين اسرائيليين جعلوا منابرهم الوزارية والبرلمانية منصات كراهية

- من يريد أمن شعبه لا يستعمر أرض شعب آخر دون محاكمة أو رحمة، الاحتلال هو سبب الصراع وأساس الشر، زواله هو السبيل إلى السلام للجميع

- يكذب من يقول إن الصراع ديني، يحاول عبثا أن يزوّر التاريخ والواقع، هناك صراع لأن هناك احتلالا غاشما

- التنمر أداة منعدم الحجة وفاقد المنطق، لا تذعنوا لمن اعتمد البطش منهجا، فيهاجم كلّ من يقول لا للقتل ولا للتجويع

- نحن العرب قدّمنا طرحا كاملا للسلام، ومبادرتنا تعود للعام 2002، ماذا قدمت اسرائيل غير تكريس الاحتلال؟

- نطلب أن يفرض مجلس الأمن وقف العدوان، وأن يفرض المجتمع الدولي انهاء الاحتلال

- ثمة سبيل واحد للسلام، وهو أن يعتمد مجلس الأمن قرارا ملزما بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 ويفرض خطوات عملية لتنفيذه

- الاحتلال والسلام ضدان لا يجتمعان، والاحتلال والأمن نقيضان لا يلتقيان

 

شارك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، اليوم الأربعاء، في أعمال الاجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.

وألقى الصفدي كلمة، خلال أعمال الاجتماع، تالياً نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

ثلاثة وثلاثون يوماً مضت منذ جئت وزملاء آخرون نطلبكم قراراً يفرض وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المُحتل. لم يصدر القرار. ولم يتوقف العدوان. استشرس أكثر. وزاد همجية، ودموية، ووحشية.

اعتبرت إسرائيل صمت المجلس على عدوانها تغطية لجرائمها، فسرقت حياة 3750 طفلاً فلسطينياً آخر منذ اجتماعنا في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، ليصل عدد الأطفال الذين ارتقوا نتيجة عدوانها إلى 6159 من دون إحصاء من يزال منهم مدفوناً تحت الأنقاض، ومن دون عد، 61 طفلاً ارتقوا منذ بدء العدوان في الضفة الغربية، وآخرهم آدم سامر الغول (8 أعوام)، وباسل سليمان أبو الوفا (15 عاماً) قتلهما الاحتلال أمس.

بعض هؤلاء الأطفال قتله فسفور الاحتلال الأبيض. بعضهم قتله مرض منعت إسرائيل وصول دوائه.

وآخرون ارتقوا في ركام بيوت دمرتها قنابل إسرائيل الدقيقة.

دمهم نور. دمهم حـــق.

هذه هي العدوانية الإسرائيلية الانتقامية الفجّة، التي ما يزال البعض يبررها دفاعاً عن النفس، في تجاوز آخر للقانون الدولي، الذي ينص حاسماً، أن لا حق لمحتل في الدفاع عن النفس.

هذه هي الانتقامية التي قتلت 15 ألف فلسطيني من أهل غزة، والتي لم تسمح منذ الحادي والعشرين من الشهر الماضي بدخول إلا حوالي 4775 شاحنة مساعدات، أي ما لا يكاد يغطي حاجة ثلاثة أيام ونصف خلال 38 يوماً حسب تقديرات الأونروا، التي قالت إن قطاع غزة المحاصر يحتاج 800 شاحنة من المساعدات يومياً.

تغذي هذه المجزرة غرائز عنصريين إسرائيليين اعتادوا نكران إنسانية الفلسطينيين، وجعلوا منابرهم الوزارية والبرلمانية منصات كراهية، تنطلق منها سياسات قتل الفلسطينيين، وتشريدهم، وتهجيرهم، وتجويعهم، وانتهاك حرمة مقدساتهم، واستباحة حقهم في الحياة، وحقهم في الكرامة، وحقهم في الحرية.

من يريد حماية شعبه، لا يسرق حياة شعب آخر، ويسلح المستوطنين، ويحمي إرهابهم. من يريد أمن شعبه، لا يستعمر أرض شعب آخر، ويسجن أطفاله، من دون محاكمة، وبلا رحمة.

الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية هو سبب الصراع، وهو أساس الشر. زواله هو سبيل الأمن، وطريق السلام، للفلسطينيين، وللإسرائيليين ولكل شعوب المنطقة.

يكذب من يقول لكم إن الصراع ديني. يحاول عبثاً أن يزور التاريخ، وأن يزور الراهن الذي تتحدى بشاعته التي يفاقمها الاحتلال بدم الأبرياء، ومعاناتهم إنسانيتنا المشتركة. هناك صراع لأن هناك احتلال غاشم، وظلم سافر، سرق ماضي شعب كامل، ويدمر حاضره، ويحاصر مستقبله في ضيق قمعه وكراهيته.

التنمر أداة منعدم الحجة، وفاقد المنطق، وهشيش الطرح. لا تذعنوا لتنمر من اعتمد البطش منهجاً، فيهاجم أمين عام الأمم المتحدة، مرة، واليونسيف وهيئة الأمم المتحدة للمرأة مرة أخرى، وكل من يقول لا للقتل، ولا للتجويع، ولا للحصار، ولا لخرق القانون الدولي.

نحن، العرب، قدمنا طرحاً كاملاً لسلام كامل ينعم في ظله الفلسطينيون والإسرائيليون بالأمن. مبادرتنا العربية تعود للعام 2002. ماذا قدمت إسرائيل التي رفضت مبادرتنا لتحقيق السلام لتجلب السلام لشعبها وللفلسطينيين؟ ماذا فعلت غير تكريس الاحتلال؟

نطلب أن يفرض مجلس الأمن وقف النار لينته العدوان. ونطلب أن يفرض المجتمع الدولي زوال الاحتلال لينته الصراع.

كلكم تدعمون حل الدولتين، الذي يعني، تعريفاً، انتهاء الاحتلال.

عملية سلمية جديدة تمتلك إسرائيل قدرة جعلها مفاوضات عبثية لن تنتج هذا الحل.

ثمة سبيلٌ واحدٌ للسلام الذي ننشده جميعاً، وهو أن يعتمد مجلس الأمن قراراً ملزماً يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة بحدود الرابع من حزيران 1967، ويفرض أيضاً إطلاق خطوات محددة الزمن لتنفيذه، ويمنع الخطوات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية، التي تكرس الاحتلال، وتقتل فرص السلام، والإيمان به.

استجابة إسرائيل لهذا القرار تحقق السلام والأمن للإسرائيليين وللفلسطينيين، وتضع المنطقة على طريق مستقبل لا خوف فيه، ولا قهر، ولا كره.

رفضها يعني إصرارها على أن يظل الصراع مصير منطقتنا، ويجب أن يضعها في مواجهة فعل دولي لاجم، يحاصر غطرستها، ويعاقب تعنتها، ويجعل كلفة احتلالها عالية حد استحالة استمراره.

بغير ذلك، سيبقى الصراع، وستتفجر بعد الحرب على غزة حروب، فللحرية باب، في كل زمان، وفي كل مكان.

أحبطت إسرائيل جهد تحقيق السلام على مدى الثلاثين عاما الماضية، فحالت دون المنطقة وحقها بالأمن والاستقرار.

لا تسمحوا لها أن تُغرق المنطقة في دوامات دم وصراع لثلاثين سنة أخرى.

إرادة الحياة أقوى من غرائزية القتل. فطرة الحرية أصلب من نزعة البطش.

ما إن أتاحت الهدنة للفلسطينيين مساحة تنفس حتى سار غزيون شمالاً نحو حواريهم المدفونة بركام بيوتهم.

ما إن توقفت قنابل إسرائيل عن تدمير غزة حتى خرج أطفالها إلى شوارعها يلعبون، ويحلمون.

ما إن دفن وائل الدحدوح زوجته وابنته وابنه وحفيدته الرضيعة حتى امتشق مايكرفونه، يحكي صمود شعبه، الشعب الفلسطيني، الذي يريد العدالة، ينشد الحرية، يطلب الحق، ويستحق الحياة.

اليوم، هو اليوم الدولي للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. ليكن التضامن حقيقياً، ينهي سفك دم أبنائه في غزة وفي الضفة الغربية، ويؤكد له أن العالم يقف مع حقه في الحرية، وتقرير المصير، وضد الاحتلال، وظلم الاحتلال.

الاحتلال والسلام نقيضان لا يجتمعان.

الاحتلال والأمن ضدان لا يلتقيان.

نحن نريد السلام عادلاً وشاملاً ودائماً، سلاماً سبيله الوحيد هو إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، والقدس المحتلة عاصمة أبدية لها، على خطوط الرابع من حزيران 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

هذا السلام، حق لكل شعوب المنطقة، حق للفلسطينيين وحق للإسرائيليين. طريقه واضحة، وتحقيقه مسؤولية دولية.

قفوا بوجه من يحول دونه.

افرضوا هذا السلام.

شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

كما شارك الصفدي في الفعالية التي أقامتها الأمم المتحدة، اليوم، لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.