المقاوم الإنسان: المقاومة الاسلامية في غزة نموذجاً

 

أثناء تسليم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر، يظهر عناصر من كتائب عز الدين القسام يربتون على الأطفال ويترفّقون بالمسنين، في فصل واضح بين صورة المقاوم الفلسطيني ذي البأس الشديد في الميدان، وصورته كإنسان يعطف على الضعيف والصغير ويحترم الشرائع والمواثيق.

وأمام الكاميرات يظهر الأسرى المفرج عنهم وهم يتمتعون بصحة جيدة ويرتدون ملابس جديدة ومرتبة، وتظهر الفتيات والسيدات يبتسمن لرجال المقاومة ويلوحن لهم بالود والتودد.

على الجانب الآخر، تتعرض الأسيرات الفلسطينيات المحررات، والأطفال المحررين من سجون الإحتلال وقد تعرضوا لمعاملة سيئة من قبل افراد الجيش الصهيوني وصلت إلى حد الركل والضرب والحرمان من النوم والطعام والدواء.

ومن اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن انتقاماً ما أدى للضرب الشديد على أيدي الجنود الإسرائيليين، حيث بدت الأسيرات الطفلات يبكين، لأنهن تعرضن لانتهاكات كثيرة في السجن، وزادت حدة هذه الممارسات بعد السابع من أكتوبر الماضي.

وكذلك تحدث الأطفال الفلسطينيون الأسرى المحررون عن تعرضهم للضرب والتجويع، وتعمّد الاحتلال لإذلالهم وإهانتهم حتى في لحظات الإفراج عنهم.

وعودة إلى غزة حيث تجد في شخصية المقاوم الفلسطيني والذي يبدو أنه في بداية عمره قلعة من القيم الإيمانية، فكل القيم الأخلاقية تندرج تحت قيم الإيمان، حتى إذا حاصرته بربرية العالم الجديد وقذفت أسواره بأسلحتها المتنوعة، بينما تهتز في الجانب الآخر تلك القلعة الأخلاقية التي كان يظنها الجميع أنها حصينة منيعة، لتنكسر القيم الإيمانية واحدة تلو الأخرى.

لو أمعنا النظر قليلاً في الأمر لوجدنا أننا مع مقاومة مستمرة تثبت للعالم يوماً بعد يوم، أن الإنسانية الحقة مستقرة تحت سماء الإسلام والإيمان لمن يفهم الإسلام فهمًا صحيحاً، ولأن عمر المقاومة سيطول ولأن الأحوال لا تثبت، جاءت الحاجة لتوضيح بعض الملامح في مفهوم الإنسان المقاوم.

تفهم المقاومة الاسلامية في غزة الإسلام بشموله جوانب الحياة كافة، وصلاحيته لكل زمان ومكان، وروحه الوسطية المعتدلة؛ وتؤمن أن الاسلام دين السلام والتسامح، في ظله يعيش أتباع الشرائع والأديان في أمن وأمان؛ كما تؤمن أنَّ فلسطين كانت وستبقى نموذجاً للتعايش والتسامح والإبداع الحضاري.

تؤمن هذه المقاومة بأنَّ رسالة الإسلام جاءت بقيم الحق والعدل والحرية والكرامة، وتحريم الظلم بأشكاله كافة، وتجريم الظالم مهما كان دينه أو عرقه أو جنسه أو جنسيته؛ وأنَّ الإسلام ضدّ جميع أشكال التطرّف والتعصب الديني والعرقي والطائفي، وهو الدّينُ الذي يربّي أتباعه على ردّ العدوان والانتصار للمظلومين، ويحثّهم على البذل والعطاء والتضحية دفاعاً عن كرامتهم وأرضهم وشعوبهم ومقدساتهم.

هذه المقاومة ترفض اضطهاد أيّ إنسان أو الانتقاص من حقوقه على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وترى أنَّ المشكلة اليهودية والعداء للسامية واضطهاد اليهود ظواهر ارتبطت أساساً بالتاريخ الأوروبي، وليس بتاريخ العرب والمسلمين ولا مواريثهم. وأنَّ الحركة الصهيونية - التي تمكّنت من احتلال فلسطين برعاية القوى الغربية- هي النموذج الأخطر للاحتلال الاستيطاني، الذي زال عن معظم أرجاء العالم، والذي يجب أن يزول عن فلسطين.

نعود للصور الرائعة التي وقف العالم امامها متسمراً وهو يتسائل، كيف لهؤلاء ان يكونوا ودودين إلى هذا الحد مع اناس دمرت آلتهم العسكرية وابادت وقتلت وبطشت إلى الحد الذي تم فيه محو مدن وبلدات ومخيمات عن الأرض.

المرأة أو الطفلة التي تلوح بيدها للمقاوم، ليست سوى ابنة العدو الأول لهذا الرجل المدجج بالسلاح، حيث يمطره كل يوم بالقنابل ويمنع عنه الغذاء والدواء ويضرب عليه حصارا مطبقا منذ سنوات.

وأثناء تسليم الأسرى الإسرائيليين للصليب الأحمر، يظهر عناصر المقاومة يربتون على الأطفال ويترفّقون بالمسنين، في فصل واضح بين صورة المقاوم الفلسطيني ذي البأس الشديد في الميدان، وصورته كإنسان يعطف على الضعيف والصغير ويحترم الشرائع والمواثيق.

واليوم على العالم ان يعرف أن الفرسان المؤمنين بالقرآن، يثخنون في عدوهم في ساحات المعارك وفي الوقت ذاته يعطفون على الأطفال والنساء، ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيراً.