الاردن: رغم الفزعة المشبوهة للماركات الاجنبية.. مقاطعة البضائع الصهيونية تتوسع



مالك عبيدات - أجمع متخصصون في حملات مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني، على أن المقاطعة أصبحت ثقافة شعبية لدى الأردنيين منذ بدء حرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث لوحظ أن الالتزام بالمقاطعة في أعلى مستوياته.

وقال المتخصصون لـ الاردن24 إن حجم الالتزام ذاك، جاء نتيجة لقناعة الشعب بأن دول تلك الشركات والعلامات التجارية تساهم وتشارك بشكل فعلي في العدوان على غزة.

وأعلن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن استطلاعه الأخير للرأي، أشار إلى التزام (93%) من الأردنيين بمقاطعة المنتجات الصهيونية والأمريكية وتلك التي تنتجها دول داعمة لعدوان الاحتلال على غزة، وأن نحو (95%) من المقاطعين توجهوا نحو منتجات بديلة محليّة الصنع، فيما رأى نحو (72%) من الأردنيين أن تلك الحملات لا تؤثر على الاقتصاد الوطني.

اللافت، أنه ووسط الالتزام الكبير الذي أبداه الأردنيون تجاه الحملة، والذي يكاد يصل إلى مستوى الإجماع الشعبي، ظهرت حملة مناهضة للمقاطعة برعاية وسائل إعلام شبه رسمية، بحجة أن المقاطعة ستتسبب بفقدان آلاف الأردنيين وظائفهم، متجاهلة أن هناك نحو (20) ألف فلسطيني ارتقوا شهداء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين وعشرات آلاف الجرحى الذين فقد جزء كبير منهم أعضاءهم وأطرافهم نتيجة العدوان الصهيوني والذي شاركت به ودعمته دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

الأمر الآخر المهم، أن المقاطعة دفعت نحو (72%) من الأردنيين للتوجه نحو صناعات وبدائل محلية عن تلك المشمولة بحملة المقاطعة، وهذا يعني نموّ هذه الصناعات والمتاجر والمطاعم المحلية بشكل من شأنه توليد فرص عمل اضافية في تلك المنشآت.

لا يبدو أن دافع الفزعة الإعلامية -وحتى الرسمية- للماركات الأجنبية وطنيّ على الإطلاق، فالأصل أن الوطنية تدفع باتجاه دعم الصناعات والمنتجات الوطنية، وإذا كان أحدهم لا يفضّل المنتج المحليّ بسبب معيار الجودة، فالأولى أن تتمّ مقاطعة هذا المنتج دون الإلتفات لمدى توفّر أو جودة البديل، خاصة وأن غالبية السلع المقاطعة هي كمالية وليست أساسية.

المتحدثون أشاروا الى ان الحملات ساهمت ايضا بالتوجه نحو المنتج المحلي ما يساهم في دعم المنتجات الوطنية ودعم الاقتصاد وتشغيل العمالة.

أداة نضالية فعالة

من جانبه، قال عضو حملة "الاردن تقاطع بي دي اس" حمزة خضر، إن المقاطعة أداة نضالية تاريخية وهي أداة فعالة في التأثير بالقرار الاقتصادي، واستخدمت منذ بدء المشروع الصهيوني، لافتا أنه ومنذ الحرب على غزة سارع الناس للمشاركة في التعبير عن رفضها عن جرائم الاحتلال.

وأضاف خضر لـ الاردن 24 أن المشاركة الشعبية الواسعة واستخدام سلاح المقاطعة يؤسس لاطار جامع لمناهضة المشروع الصهيوني التوسعي بالمنطقة، ويجب تأطيره لتحويله الى اداة لعزل ووقفه.

وأكد خضر على ان هناك التزام كبير من قبل المواطنين وكذلك مشاركة واسعة بالحملات التي حققت نجاحات استثنائية، ومن التأمل أن تستمر لما بعد الحرب للمساهمة في اضعاف الشركات التي تدعم الاحتلال والضغط عليها للانسحاب او التراجع عن الدعم.

الشركات الوطنية مطالبة بتحسين منتجاتها

وحول ذلك، أكد عضو حملة "اتحرك" محمد العبسي، أن الحملة الحالية تختلف عن الحملات السابقة التي انطلقت منذ العام 2000-2023 التي كانت تتزامن مع الحروب من ناحية التوسع والانتشار والالتزام من قبل المواطنين، حيث اظهر استطلاع لمركز الدراسات أن 95% من المواطنين ملتزمون بها حيث أصبح المواطن يبحث عن المنتج البديل.

وأضاف العبسي لـ الاردن 24 أن دور الحراكات والتجمعات تأطير هذه الحملات لضمان استمراريتها لما بعد الحرب على غزة، كما حصل بالحملات الاخرى لكي تصبح ثقافة شعبية تقف بوجه المشروع الصهيوني ومقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال.

ودعا العبسي الشركات الوطنية الى تطوير منتجاتها وتحسين المنتج بحيث يقبله المواطن وبخاصة شركات المشروبات الغازية التي بدأت الانتاج مع حملات المقاطعة واصبحت تنتشر في المحال التجارية.

وشدد على أن حملات المقاطعة ساهمت بدعم المنتج المحلي الأردني لاسيما بعد أن شاهد الناس حرب الابادة في غزة، وتوجه المواطنون الى البدائل المحلية للتعبير عن رفضهم لدعم الشركات الكبرى للمجهود الحربي الصهيوني.

حجم الاستجابة الأكبر 

من جانبه، قال عضو الهيئة الادارية في جمعية مناهضة الصهيونية وعضو حملة "استح_قاطع" زيد الحمد، ان حجم الاستجابة للمقاطعة من قبل المواطنين كان كبيرا، حيث أصبح المواطن يبحث عن منتجات الشركات المحلية كبديل عن منتجات الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني.

وأضاف الحمد لـ الاردن 24 أن المقاطعة أصبحت سلاحا شعبيا ضد الاحتلال، حيث يعمل الشباب من غير المنضوين تحت اطار الحملات وبدافع شخصي على زيارة الشركات ووكلاء الشركات التي تدعم الاحتلال لاقناعهم بوقف التعامل معها والتوجه نحو المنتجات المحلية.

وبيّن الحمد أن الحملات وفرت قوائم للمنتجات البديلة وتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد من المواطنين، إضافة إلى دعم الحملات من قبل المشاهير والنشطاء ما ساهم في انتشارها وأصبحت تأخذ شكلا اخر.

وأشار إلى أن أحد السياقات التي تعمل عليها الحملة هو تحسين المنتج المحلي من خلال زيارة الشركات المنتجة ما يساهم ايضا بدعم الاقتصاد الوطني.

المقاطعة تتوسع 

الجدير بالذكر أن حملة مقاطعة المنتجات والعلامات التجارية الأمريكية وتلك التي أعلنت فروعها دعم جيش الاحتلال الصهيوني منذ بدء العدوان الاسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، قد توسعت وحققت نجاحا باهرا.

وتزايدت حدّة حملات المقاطعة بعدما بثّت منصّات بعض العلامات التجارية رسائل الدعم للصهاينة وجيش الاحتلال الذي يشنّ عدوانا همجيا وبربريا على الأهل في قطاع غزة، فيما كان صادما ظهور جنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يتلقون وجبات مجانية من فروع مطاعم عالمية شهيرة.

ونشر ناشطون صور "طرود" غذائية مقدّمة من "كارفور اسرائيل" كجزء من الدعم، بالاضافة إلى وجبات طعام مقدّمة من مطاعم (ماكدونالدز، برجر كنغ، بيتزا هت، دومينوز بيتزا، بابا جونز).

وبالاضافة إلى "كارفور، ماكدونالدز، برجر كنغ، بيتزا هت، دومينوز بيتزا، بابا جونز"، شملت حملات المقاطعة منتجات وعلامات تجارية، على رأسها "بوما للمنتجات الرياضية، شركة التأمين الفرنسية "اكسا"، بيبسي ومنتجاتها، كوكاكولا ومنتجاتها، نستله، هاينز، والمنظفات مثل تايد واريال، بامبرز، وسجائر مارلبورو، وألعاب هاسبرو، ومنتجات الأدوية والتجميل لوريال وجونسون آند جونسون، وتيمبرلاند المتخصصة في الألبسة والأحذية".

وطالب مواطنون التجار بأداء دورهم الوطني في المقاطعة من خلال عدم التعامل مع تلك العلامات التجارية وتوفير بدائل محليّة أو عربية لهذه السلع، كما طالبوا الصناعيين برفع جودة منتجاتهم.

ولم تفلح العروض التي حاولت بعض المطاعم والمتاجر المشمولة بالمقاطعة تقديمها (وجبة والأخرى مجانا، مشروب والآخر مجانا، تخفيض الأسعار) في التأثير على زخم المقاطعة، فيما أكد مواطنون تمسّكهم بالمقاطعة حتى لو اضطروا للاستغناء عن سلعة معيّنة في حال لم يجد لها بديلا محليّا.

وتسببت حملات المقاطعة بانخفاض في أسهم بعض الشركات.

ووفق تقرير صادر في فبراير (شباط) من العام الحالي، عن المجلس الإقليمي للغرف الأميركية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، فإن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية و17 دولة عربية، بلغ نحو 121.52 مليار دولار خلال عام 2022. وذكر التقرير أن حجم صادرات أميركا للدول العربية بلغ نحو 57.67 مليار دولار في 2022، بينما بلغ حجم صادرات الدول العربية لأميركا نحو 63.85 مليار دولار.