كيف يقرأ الخبراء والسياسيون في العالم.. سيناريوهات ما بعد انتهاء الهدنة
*** الخبراء العسكريون والأمنيون يرسمون سيناريوهين لتطور الموقف الأردني من الحرب على غزة
*** مكانة 360 ومعهد السياسة والمجتمع يطلقان تقريراً رقمياً يحلل أكثر من 40 ألف حوار إلكتروني حول سيناريوهات الحرب على غزة
- أطلق كل من مؤسسة مكانة 360، المتخصصة في تحليل الحوارات والتفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي، ومعهد السياسة والمجتمع تقريراً رقمياً جديداً يتضمن تحليلاً لأكثر من أربعين ألف حوار على موقع X التويتر سابقاً، لمن يصفون أنفسهم على صفحاتهم الشخصية بأنهم خبراء عسكريون (تم اعتماد من هو في مهنته عسكري أو عسكري سابق أو خبير أمني أو خبير عسكري أو عضو سابق في مؤسسة عسكرية معروفة مثل القوات البحرية الأميركية أو حلف شمال الأطلسي الناتو)، وهو التقرير الأول من نوعه عالمياً الذي يستهدف هذه العينة بصورة خاصة من العسكريين والأمنيين والخبراء والمتخصصين في هذا المجال.
يبين التحليل أنّ الغالبية العظمى من التحليلات جاءت من الولايات المتحدة الأميركية، ثم بريطانيا، بدرجة كبيرة، بما يصل إلى ثلثي العينة، كما يوضح تغلب مشاعر الاستياء والحزن والغضب من العمليات العسكرية على أغلب هذه التحليلات، مما يعكس تطوراً ملحوظاً لصالح الرواية الفلسطينية على مستوى العالم مقارنة بالمرحلة الأولى من الحرب التي كانت قد شهدت
تفوقاً كبيراً للرواية الإسرائيلية في ذلك الوقت.
وكما توقع الخبراء (إذ أجري التحليل خلال مرحلة الهدنة العسكرية) فإنّ إسرائيل ستسارع بعد الهدنة إلى استنئاف عملياتها العسكرية بضراوة، واعتماد استراتيجية معينة لتجنب الأخطاء والخسائر، بينما ستحافظ حركة حماس على تكتيكاتها العسكرية التي اتخذتها سابقاً، وستعتمد على أسلوب الكر والفر وحروب الغوريلا، والأنفاق مع محاولة تعزيز الصورة الإنسانية
للضحايا المدنيين والأطفال والنساء لزيادة الضغط العالمي على إسرائيل لوقف الحرب على
غزة.
أما عن الموقف الأردني من الحرب؛ فقد ذهبت آراء الخبراء إلى أنه سيتموضع بين سينارهين الأول يتمثل في النمط الحالي من التدخل الديبلوماسي والإنساني، أما النمط التفاعلي الأكبر في حال زادت الكلفة الإنسانية للعدوان الإسرائيلي، فإنّ الأردن سيزيد بدرجة كبيرة من نسبة تدخله ويرفع سقف الاشتباك مع الحالة الفلسطينية، وسيعمل على تشكيل إطار دولي وإقليمي
لوقف الحرب.
الملخص
يرصد هذا التقرير ويحلل الاتجاهات العالمية في الحوارات المتخصصة عبر الفضاء الرقمي في فترة الهدنة العسكرية في الحرب على غزة، التي بدأت بعد عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق ردًا على أحداث طوفان الأقصى، وتوقفت بعد 49 يومًا، لأربعة أيام وتم تمديدها لستة أيام قبل انتهائها.
يعتمد هذا التحليل على مراجعة للنقاشات والمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً منصة X تويتر سابقاً، وقد ركّز التقرير على الأجابة على مجموعة رئيسية من الأسئلة؛ كيف يقرأ الخبراء العسكريون في العالم موضوع الهدنة العسكرية وسيناريوهاتها؟، وما هي الاحتمالات المتوقعة لمرحلة ما بعد الهدنة من الناحية العسكرية؟ وما هي المعايير التي يمكن الاستناد إليها عسكرياً في تعريف وتحديد المنتصرين والمنهزمين في هذه الحرب؟
تمكّن التقرير من خلال برنامج الاستماع لمواقع التواصل الاجتماعي من الوصول إلى أكثر من 40 ألف حوار من قبل الخبراء والمتخصصين العسكريين.
كما حلل التقرير ما قدمته الاتجاهات العالمية من تقييمات عسكرية لاحتمال تصاعد العمليات العسكرية بعد وقف إطلاق النار، مع توضيح اتجاهات محتملة تتعلق بتطورات الأهداف الاستراتيجية وتعلم الاحتلال من التجارب السابقة.
1.خلفية التقرير؛ التطورات الواقعية
توقف إطلاق النار في غزة بعد بدء العملية العسكرية الواسعة والمدمرة للاحتلال الإسرائيلي على القطاع تاركة عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى إلى قرابة مليون نازح، عملية نفذها الاحتلال رداً على أحداث طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب القسام التي تمثل الجناح العسكري لحركة حماس الإسلامية، التي تسيطر على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر 2023.
تم الاتفاق على الهدنة العسكرية بعد 49 يوماً لمدة 4 أيام جرى تمديدها إلى 6 فقط، وقد استأنفت إسرائيل بعد ذلك عمليتها العسكرية على القطاع مع التأكيد من قبل الوسطاء (حكومة قطر والولايات المتحدة الأميركية والجمهوية المصرية) على استمرار الجهود لإقرار هدن عسكرية جديدة.
2.منهجية التقرير
لقد أجري هذا التحليل لمواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً منصة X تويتر سابقاً، خلال فترة الهدنة العسكرية الموجودة، واستهدف كل من جاء في تعريفه الشخصي (البروفايل على منصة ْX) أنّه عسكري أو عسكري سابق أو من قوات البحرية الأميركية (مارينز)، أو من الأجهزة الاستخباراتية حالياً وسابقاً، أو باحثاً متخصصاً في الشؤون العسكرية، وقد وصل عدد الحوارات التي تمّ رصدها وإجراء عملية تحليل المضمون لها، أكثر من 40 ألف حوار، وكان مفتاح تحليل تلك الحوارات هو الإجابة على أسئلة رئيسية؛ متعلقة بالتوقعات لمصير الهدنة والتطورات العسكرية لمرحلة ما بعد الهدنة وتقييم مؤشرات وإشارات المنتصرين والمنهزمين في هذه الحرب، بالإضافة إلى أبعاد أخرى مثل الجوانب الأخلاقية والإنسانية في الحروب والروايات السياسية التي يتم من خلالها تأطير العمليات العسكرية.
3.التقسيم الموضوعي والجغرافي للحوارات
يوضح المخطط البياني أعلاه أن أكبر اهتمام في الحوارات العالمية المتخصصة كان بما يخص الأسرى حيث تمثل 43.3٪ من الاهتمام العام. تأتي القضايا الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان والمجازر والتطهير الإثني في المرتبة الثانية بنسبة 22.4٪ بالتساوي، يليها انتهاك القانون الدولي بنسبة 6.6% والجرائم بحق الإنسانية بنسبة 4.1%، وباعتبار أن شأن الأسرى ينقسم بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعكس باقي العناوين التي تؤيد بمعظمها الرواية المضادة للاحتلال بنسبة أكبر بكثير من التي تؤيدها ما يشير إلى أن الهدنة لم تساعد إسرائيل فعلاً على تحسين صورتها أمام العالم.
أما على الصعيد الجغرافي، فكما يبين الشكل السابق، فإنّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تصدّرت "حديث الخبراء" الذين شكلوا نسبة تزيد عن 72% من مصدر الحوارات، وإذا كان موقف الحكومتين الأميركية والإسرائيلية داعماً ب صورة جلية للحرب الإسرائيلية على غزة، فإنّ الشكل السابق، الذي يبرز تصاعداً في الرواية الإعلامية المضادة لإسرائيل، يعزز النتائج والخلاصات التي تقول بأنّ هنالك تطوراً نوعياً وملحوظاً في الرواية المضادة للاحتلال.
نماذج على التغريدات المؤيدة لإسرائيل في الغرب
بعض من أبرز المتحدثين مع وضد الحرب على غزة، بريدجيت جابريل وهي كاتبة متخصصة في شؤون الأمن في صحيفة النيورك تايمز، تعتبر أن حماس تستثمر كل لحظة من الهدنة لتطور قدراتها لتحقق أكبر خسائر في قوات الاحتلال، وتشدد على ضرورة إزالة حماس من غزة.
أما المتقاعد والمحلل العسكري دوجلاس ماكجريجور فقد أكد على أن العالم سيشهد حرباً كبيرة في الشرق الأوسط، وبعد الهدنة لا يوجد أي دليل إلا على تطهير غزة، هذا سوجه حرباً واسعة النطاق على إسرائيل.. ويتساءل هل ستنجو إسرائيل؟
بينما اعتبر الخبير الاستخباري مالكوم نانس إن الحرب ستعود من السماء التي ستقصف منها إسرائيل غزة بكثافة وتمطر حماس إسرائيل بالصواريخ.
4.المشاعر المحركة للحوارات
في المقابل بينت بوضوح محركات الحوارات والكلمات المفتاحية لنقاش الخبراء انحيازاً واضحاً نحو الرواية المضادة للاحتلال التي اعتبرت في كثير من الأحيان أن ما فعلته إسرائيل ليس مبرراً ولا يشكل دفاعاً عن النفس.
أما في قراءة لطبيعة المشاعر المحركة لهذه الحوارات فيظهر جلياً اعتبار الغضب كمحرك أساسي للحديث عن الحرب على غزة لا سيما في فترة الهدنة، يتخللها الخوف ويتقدمها الحزن على مشاهد الضحايا.
عادة ما كانت مشاعر الغضب والحزن تساند الرواية المضادة لإسرائيل بينما يشكل الخوف شعوراً يخشى على المستوطنات والإسرائيليين من الهزيمة. كما في الشكل التالي:
5.ما بعد الهدنة: السيناريوهات الرئيسية
إلى ذلك جاءت السيناريوهات المحتملة بعد وقف إطلاق النار حسب قراءات الاستماع الرقمي عالمياً:
1.تكرار وقف إطلاق النار – احتمالية ضئيلة
●إذا تم إطلاق سراح رهائن إضافيين، قد تمدد إسرائيل وقف إطلاق النار، مما يؤدي إلى تقليل الأعمال العدائية مؤقتًا وفتح مجالات لمزيد من المفاوضات الدبلوماسية.
2.استئناف العمليات العسكرية – احتمالية كبيرة
●الأنماط التاريخية في النزاع تشير أيضًا إلى ميل نحو استئناف الأعمال العدائية بعد فترات قصيرة من وقف إطلاق النار، مع احتمال أن تكثّف إسرائيل للأعمال في المناطق الاستراتيجية التي كانت تعتبرها إسرائيل نقاط قوة لها سابقاً.
3.تصاعد وتيرة الحرب غير المتكافئة – احتمالية كبيرة جداً
●نظرًا للاعتماد المسبق لحماس على التكتيكات الحربية بين المباني وفي الشوارع واحتمالية استئناف إسرائيل للعمليات، هناك فرصة كبيرة لتصاعد شكل من الحرب غير المتكافئة، خاصة في المناطق الحضرية المأهولة بالسكان ومناطق الحدود، الذي يعني ضحايا أكبر من المدنيين والنازحين، وخسائر فادحة في القوة البرية للاحتلال.
●قد تلجأ حماس إلى التكتيكات الحربية في شوارع المدن وعمليات الأنفاق، خاصة في المناطق الحضرية وبالقرب من الحدود، لإعادة قوتها على الأرض.
4.زيادة التدخلات الدبلوماسية – احتمالية ضئيلة
●في حين أن الجهود الدبلوماسية الدولية مستمرة، فإن فعالية هذه التدخلات في التأثير فورًا على المواجهات قد تكون محدودة خصوصاً بعد تأييد كامل للولايات المتحدة بصورة مسبقة لأي رغبة إسرائيلية في استمرار الحرب من عدمها. إلا أنه قد تكون مشاركة اللاعبين الإقليميين مثل الأردن وقطر ومصر مفصلية، لكن تأثيرهم ستحدده مختلف عوامل الجيوسياسية.
6.الأبعاد السياسية الدولية والإقليمية
●الاستجابات العالمية والإقليمية: ستؤثر ردة فعل المجتمع الدولي بعد وقف إطلاق النار بشكل كبير على فهم مستقبل النزاع. قد تلعب القوى الإقليمية دورا أساسيا في الوساطة وتخفيض حدة التوتر.
●الضغوطات السياسية الداخلية: يواجه كل من القيادات الإسرائيلية والفلسطينية ضغوطات داخلية بشأن قدرتهم على تمديد وقف إطلاق النار، مما يؤثر على استراتيجياتهم المتقدمة.
●الرأي العام والإعلام: سيؤثر انتهاء وقف إطلاق النار وأي إجراءات لاحقة بشكل كبير على الرأي العام والرواية الإعلامية، مما قد يؤدي إلى التأثير على القرارات السياسية.
7.استراتيجية العمليات الإسرائيلية
أشارت الاتجاهات الرئيسية لأراء الخبراء التي تم رصدها وتحليلها إلى أنّ الاستراتيجية الإسرائيلية ستعتمد بعد انتهاء مدة الهدنة على الركائز التالية:
1.الضربات المستهدفة والعمليات الدقيقة:
●رجح مختصون حول العالم أن من مصلحة الاحتلال أن يطور دقته العسكرية في التعامل مع غزة، حيث أشارت التحليلات إلى فشل إسرائيل في توجيه ضربات عسكرية دقيقة أو تكتيكية، حيث توقعت النقاشات عبر الإنترنت أن تعمل إسرائيل على تكثيف ضربات جوية دقيقة وقصف المدفعية، مستهدفة البنية التحتية الرئيسية لحماس ومراكز القيادة ومخازن الأسلحة التي تم تحديدها من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية خلال وقف إطلاق النار.
●كما ورجحت النقاشات بمعظمها أن إسرائيل ستعطي اهتماماً خاصاً لتقليل الخسائر في الأرواح المدنية والأضرار الجانبية، مع الأخذ في الاعتبار التدقيق الدولي والمحددات الإنسانية.
●توقعت نقاشات الإنترنت أن استئناف العمليات البرية قد يؤدي إلى تحرك إسرائيل بشكل أعمق داخل المناطق التي كانت في السابق تحت سيطرة حماس، مع التركيز على تفكيك القدرات العسكرية المتبقية.
●ستكون تكتيكات حرب المدن حاسمة، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان في غزة. وقد يشمل ذلك وحدات مشاة متخصصة في عمليات التفتيش من مبنى إلى مبنى، وتحييد الأفخاخ والكمائن.
●سيكون تأمين الحدود أولوية، مع زيادة المراقبة والدوريات لمنع محاولات التسلل من قبل مقاتلي حماس نحو مناطق غلاف غزة.
●يمكن تسريع بناء الحواجز أو التحصينات في المواقع الإستراتيجية على طول الحدود لردع الهجمات عبر الحدود.
●من المرجح -حسب النقاشات الرقمية- أن تقوم إسرائيل بتكثيف جهودها الاستخباراتية، وذلك باستخدام القدرات السيبرانية لتعطيل اتصالات حماس وأنظمة القيادة.
●سيكون جمع المعلومات الاستخبارية في الوقت الحقيقي أمراً حاسماً لمواجهة تكتيكات حماس بشكل فعال وتوقع تحركاتها.
●باستخدام تفوقها التكنولوجي، قد تقوم إسرائيل بنشر طائرات بدون طيار متقدمة لأغراض المراقبة والهجمات المستهدفة.
●سيتم الحفاظ على السيطرة الجوية لتوفير الدعم الجوي القريب للقوات البرية وتنفيذ القصف الاستراتيجي.
8.. تكتيكات حماس العسكرية:
اما على صعيد حركة حماس وكيف ستفكر في التعامل مع استئناف الحرب على غزة وما هي خياراتها العسكرية، فقد ذهبت الاتجاهات إلى الركائز التالية
•حرب المدن والحرب غير المتكافئة: من المتوقع أن تقوم حماس بتكثيف تكتيكات حرب المدن، مستغلة المشهد الحضري في غزة لصالحها.
•قد يتم زيادة استخدام الأجهزة المتفجرة المرتجلة، وهجمات القناصة، وأساليب الهجوم والهروب.
•قد تستمر حماس إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة في الداخل، مستهدفةً كلًا من المناطق العسكرية والمدنية لتطبيق الضغط النفسي والجسدي.
•قد يكون استخدام الصواريخ طويلة المدى لاستهداف أعمق نقاط في الأراضي الإسرائيلية استراتيجية عرض القدرات.
•ستستمر شبكة الأنفاق الواسعة في لعب دور حاسم بالنسبة لحماس، سواء لشن هجمات مفاجئة أو للخدمات اللوجستية وتحركات القوات.
•من المرجح أن تستمر حماس في استخدام وسائل الإعلام والدعاية لكسب التضامن الدولي وتصوير مقاومتهم الدفاعية ضد العدوان الإسرائيلي.
•قد تسعى حماس للتواصل مع حلفائها في المنطقة للحصول على الدعم المادي أو السياسي، خاصة إذا تصاعد النزاع أو طال أمده.
9.تطورات الموقف الأردني من الحرب على غزة
بالنظر إلى التطور في موقف الأردن من النزاع بين إسرائيل وحماس، يمكن تصور سيناريوهين مختلفين بناءً على مستوى مشاركة الأردن: التدخل الكبير والتدخل المستمر. هذه السيناريوهات تعكس درجات مختلفة من التفاعل الاستباقي للأردن في النزاع وما يترتب عليه من تداعيات.
تعتبر مواقف الأردن في النزاع الإسرائيلي-الحمساوي محوريا لتحديد تطورات المنطقة، ويقدم التقرير سيناريوهين محتملين لموقف الأردن في المستقبل: التدخل المستمر والتدخل الكبير.
في السيناريو الأول الذي يتعلق بالتدخل المستمر، يظل الأردن ملتزمًا بمشاركته الحالية في الحراك والتدخل، حيث يستمر في دعم وقف إطلاق النار من خلال جهود دبلوماسية مستمرة والتركيز على القضايا الإنسانية في غزة. يحافظ الأردن على دوره كوسيط وموفر للمساعدة الإنسانية، مع التركيز على المراقبة الاستراتيجية والتفاعل الحذر مع التطورات.
أما في السيناريو الثاني الذي يستعرض التدخل الكبير، يتوقع أن يزيد الأردن بشكل كبير من مشاركته في النزاع، حيث يقود مبادرة دبلوماسية كبيرة ويتفاعل بشكل مباشر مع إسرائيل وحماس. يعزز الأردن جاهزيته العسكرية ويبني تحالفًا إقليميًا لمعالجة تداعيات الحرب. يتخذ موقفًا سياسيًا أكثر قوة، يستند إلى دعم الرأي العام ويسعى للتأثير على المشهد الإقليمي والدولي لصالح قضية الفلسطينيين.
السيناريو 1: التدخل المستمر في سيناريو التدخل الحالي، يواصل الأردن مشاركته الحالية، محافظًا على توازن بين المشاركة الدبلوماسية والاستقرار الإقليمي:
1.الدعوة الدبلوماسية المستمرة:
●يواصل الأردن جهوده في الأمم المتحدة ومنصات دولية أخرى، داعيًا إلى قرارات ومناقشات تدعم وقف إطلاق النار وتتناول القضايا الإنسانية في غزة.
●يحافظ على دوره كوسيط لكنه يتجنب أي إجراءات قد تغير بشكل كبير من موقفه الدبلوماسي الحالي.
2.المساعدة الإنسانية والدعم:
●يستمر الأردن في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مركزًا على المساعدة الطبية والإمدادات الأساسية والدعم للاجئين حسب الحاجة.
●قد يزيد من قدرته على تقديم المساعدة، بناءً على الوضع في غزة وفعالية الجهود الحالية.
3.المراقبة والحذر الاستراتيجي:
●يراقب الأردن الوضع بعناية، جاهزًا لضبط مستوى مشاركته بناءً على التطورات في غزة وأفعال إسرائيل.
●يتجنب أي خطوات قد تزيد التوترات مع إسرائيل أو تؤثر سلبًا على أمنه واستقراره الخاص.
4.التعامل مع الشركاء الدوليين:
●يستمر الأردن في التعاون مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، لضمان تمثيل مصالحه ووجهات نظره في أي مناقشات أوسع حول النزاع.
●يسعى للتوفيق بين دعمه لحقوق الفلسطينيين والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي ومصالحه الوطنية.
السيناريو 2: التدخل الأكثر صرامة وتصعيدي، يزيد الأردن من مشاركته بشكل كبير، مما قد يغير ديناميكيات المنطقة:
1.المبادرات الدبلوماسية النشطة:
●يقود الأردن مبادرة دبلوماسية كبيرة، ربما بالتعاون مع قوى إقليمية أخرى، لتحقيق اتفاق سلام طويل الأمد بين إسرائيل وحماس.
●قد يتخذ المسؤولون الأردنيون دورًا أكثر بروزًا في المحافل الدولية، مدافعين بقوة عن حقوق الفلسطينيين وحل الدولتين.
2.دور التفاوض المباشر:
●قد يعرض الأردن التوسط مباشرة بين إسرائيل وحماس، مستغلاً موقعه الفريد كدولة لها علاقات مُطبّعة مع إسرائيل وروابط تاريخية مع فلسطين.
●قد يشمل ذلك استضافة محادثات سلام أو مفاوضات غير رسمية، مستغلاً علاقاته الدبلوماسية مع الطرفين.
3.تعزيز الجاهزية العسكرية:
●على الرغم من عدم المشاركة المباشرة في النزاع، قد يزيد الأردن من جاهزيته العسكرية على حدوده للتصدي لأي تداعيات للنزاع أو لإدارة تدفقات اللاجئين المحتملة.
●زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الحلفاء الإقليميين لمراقبة والرد على أي ت escalate في النزاع.
4.الموقف السياسي والرأي العام:
• مع تزايد شعبية أيديولوجية حماس بين الأردنيين والعرب في المنطقة، قد يتخذ الأردن موقفاً سياسياً أقوى صرامة ضد الأعمال الإسرائيلية، خاصة إذا استمر عدد الضحايا المدنيين في غزة في الارتفاع.
• سيتم تسخير المشاعر العامة في الأردن، وخاصة التعاطف مع حماس والغضب من التصرفات الإسرائيلية، وانعكاسها في سياسات الحكومة. وقد يؤدي ذلك إلى مظاهرات عامة واسعة النطاق، وحملات بموافقة الحكومة، ومبادرات إعلامية لدعم فلسطين.
• يمكن للحكومة استخدام هذا الرأي العام لحشد الدعم الإقليمي والدولي، وإظهار وحدة العالم العربي بشأن القضية الفلسطينية.
5.بناء تحالف إقليمي:
●قد يقود الأردن أو يشارك في تشكيل تحالف إقليمي لمعالجة التداعيات الأوسع للحرب على غزة، مع التركيز على الأمن والاستقرار السياسي والجوانب الإنسانية.
●قد يشمل هذا التحالف دولًا عربية عدة إضافة إلى تركيا وربما يشمل حلفاء غير تقليديين، تأثرًا بتغيرات الخريطة الجيوسياسية.
خلاصة التحليل
من الواضح من التحليل السابق لأكثر من 40 ألف تفاعل من الخبراء العسكريين والمتخصصين في الشؤون العسكرية والأمنية أنّه كانت هنالك قبل انتهاء الهدنة العسكرية (إذا أجري التحليل خلال فترة الهدنة) أنّ التوقعات كانت حاسمة لاستئناف القتال بعد الهدنة، بخاصة من الجانب الإسرائيلي، الذي سيسعى إلى تحقيق أهداف عسكرية واضحة، فيما توقع الخبراء أن تستمر حركة حماس في التكتيكات التي تتعلق بحرب المدن والكر والفر واستخدام الأنفاق والصواريخ ومحاولة كسب الدعم الدولي للظروف الإنسانية والوصول إلى وقف إطلاق نار كامل.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أنّ هنالك تحولات في ميول الخبراء، بالرغم من أنّ العينة الكبرى في الاتجاهات التي تم تحليلها (بما يصل إلى ثلثي العينة) هي من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، إلاّ انّ حضور قضايا التطهير العرقي وحقوق الإنسان والإبادة والمشاعر الغاضبة والساخطة على ما يحدث هو مؤشر على تغير لصالح الرواية الإنسانية والأخلاقية والقانونية الفلسطينية على حساب الرواية الإسرائيلية عالمياً.
أمّا الموقف الأردني فمن الواضح أنّه وفقا لهذه الاتجاهات سيتموضع عبر سيناريوهين رئيسين؛ الأول يحافظ على النمط الحالي من تدخل إنساني وديبلوماسي وجهود لوقف إطلاق النار ودعم الفلسطينيين، أما الثاني فيذهب نحو نمط مختلف من التدخل أكثر فعالية وحضوراً وتأثيراً واشتباكاً لصالح الفلسطينيين؛ سواء على الصعيد الديبلوماسي أو حتى الإجراءات السياسية الداخلية والإقليمية، والدخول في إطارات من دولية وإقليمية للضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة.
الصور اسفل المساحة الاعلانية