(157) ألف متقاعد مبكر تراكمياً حتى تاريخه.. لماذا غابت حملة "بكّير على تقاعدك"..؟!
كتب موسى الصبيحي - أذكر أننا أطلقنا في مؤسسة الضمان الاجتماعي منتصف عام 2017 حملة إعلامية توعوية مهمة ضخمة أسميناها (بكّير ع تقاعدك) بهدف توعية المؤمّن عليهم بضرورة الاستمرار في العمل والبقاء تحت مظلة الشمول بالضمان لأطول مدة ممكنة، وأن لا يلجأوا لطلب الحصول على راتب التقاعد المبكر إلا في حالات الضرورة فقط، والهدف هو تمكين المؤمّن عليه من الحصول على راتب تقاعد مناسب ومقبول يوفر له ولأسرته سُبل المعيشة الكريمة، إضافة إلى حماية النظام التأميني والمركز المالي للضمان من الاختلال.
التقاعد المبكر تم سنّه في النظم التقاعدية لأصحاب المهن الخطرة فقط، لكنه لدينا مفتوح ويتعدّى العاملين في المهن الخطرة إلى العاملين في كافة المهن وكذلك للمشتركين بالضمان بصفة اختيارية، وهذا بالتأكيد قد يكون مهماً بسبب عدم استقرار العامل في سوق العمل ولاسيما في العديد من القطاعات الخاصة، لكن المشكلة في الموضوع تكمن في وجود ثقافة مجتمعية تنظر إلى التقاعد المبكر على أنه حق ومكسب، وهي نظرة تنقصها الدقة والحكمة في كثير من الأحيان، فمتقاعد المبكر يحصل على راتب تقاعد مخفَّض بنسبة تبدأ من (20%) وفي القانون المعدل لعام 2019 تم رفع نسبة الخصم من الراتب المبكر لتبدأ من (22%) للذكور و (25%) للإناث، وهي نسب مرتفعة جداً، ولذا من الأهمية أن تعمل مؤسسة الضمان على تكثيف جهودها التوعوية والإعلامية لتغيير ثقافة التقاعد المبكر في المجتمع، وهذا يتطلب ضخ إعلامي مركّز في إطار حملات توعوية مستمرة كتلك التي تم إطلاقها عام 2017 وتفاعلت معها شرائح واسعة في المجتمع وقطاعات اقتصادية وإعلامية مهمة وكان لها أثرها الإيجابي في الحد من الإقبال الكبير على التقاعد المبكر الذي يضر بالمؤمّن عليه أولاً كما يضر من بعد بالمركز المالي لمؤسسة الضمان ويؤدي إلى الإخلال بنظامها التأميني.
اليوم يواجه النظام التأميني للضمان تحدي وجود تقاعدات مبكرة مهولة من كل قطاعات المؤمن عليهم ولا سيما من القطاع العام، إذ لا تزال الحكومة تحيل أعداداً كبيرة من موظفيها على تقاعد الضمان المبكر دون طلب منهم، إضافة إلى ما نشهده من عدم استقرار في سوق العمل بالقطاع الخاص ما يدفع الكثيرين أيضاً لانتظار لحظة إكمال مدة الحد الأدنى لاستحقاق راتب التقاعد المبكر والمبادرة إلى التقدم بطلب تخصيصه لهم من مؤسسة الضمان، ما أدّى إلى تفاقم معضلة التقاعد المبكر وتهديدها للتوازن المالي للضمان، فقد وصل عدد متقاعدي الضمان تراكمياً إلى حوالي (157) ألف متقاعد ليشكّلوا ما نسبته (49%) من العدد الإجمالي التراكمي لمتقاعدي الضمان، وهي نسبة خطيرة وغير مقبولة بكل المقاييس.
أنصح الزملاء الأعزّاء في مؤسسة الضمان بأن يعيدوا إطلاق حملاتهم التوعوية المكثفة تحت عنوان (بكّير ع تقاعدك) وأن تصل الحملة إلى كل منشأة وبيت ومؤمّن عليه وصاحب عمل.