جرحى غزة يعانون طول انتظار الموافقات الامنية في معبر رفح
عادت أنات الجرحى وآهات المرضى في قطاع غزة، عقب استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف الأحياء السكنية واستهداف المدنيين، بعد انتهاء الهدنة المؤقتة صباح الجمعة الماضي.
على بوابة العبور بمعبر رفح البري التي تعتبر شريان حياة لأهالي القطاع المحاصر، تصطف سيارات الإسعاف استعدادا لنقل المصابين الذين يصلون بعد عناء وانتظار لنقلهم للعلاج بمستشفيات مصرية.
أمام المعبر بالجانب المصري، لا تقع عين الناظر على الجرحى، إلا ومنهم باك حزين، أو متجلد يحاول إخفاء الأسى، ولكن الدموع تبرزه، أو مُظهِر للصبر ولكن حشرجة صوته تخونه، ينتظرون التنسيق الأمني، لكن هذه المرة من السلطات المصرية.
تجولت الجزيرة نت بين الجرحى الذين ينتظرون التنسيق الأمني المصري، وهم يأنون داخل سيارات الإسعاف التي فتحت أبوابها وظلت متوقفة انتظارا لإشارة الانطلاق.
الانتظار لساعات
"ننتظر بالساعات للدخول إلى مصر من أجل التفتيش الأمني"، هكذا تقول "أم سمر" التي اكتفت من اسمها بهذا، بصوت خافت، وهي مرافقة لزوجها الذي أصيب في قصف إسرائيلي على خان يونس وسط قطاع غزة في اليوم الثاني لانهيار الهدنة.
وأضافت السيدة بحزن "هناك العشرات من الجرحى بقطاع غزة يتم إرجاعهم بعد وصولهم لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، بحجة الإجراءات الأمنية المعرقلة التي تنتهجها سلطات الاحتلال، ولا يمكن لأي جريح العبور للعلاج إلا بعد فحصه من قبلهم والموافقة أمنيا على عبوره".
لم يحالف الحظ فلسطينيين اثنين من مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، بعد أن اكتفت سلطات الاحتلال بالتأشير على عدد محدود من الجرحى الذين سيعالجون في مصر، وعادوا حيث جاؤوا، هكذا يقول -محمد خالد- وهو اسم مستعار نزولا على رغبته، يعمل مسعفا بهيئة إسعاف شمال سيناء.
ويشير المسعف المصري، إلى أن السلطات الأمنية في مصر، توقف سيارات الإسعاف التي تدخل من الجانب الفلسطيني بعد تسلم الجرحى بالمنطقة المحايدة لمعبر رفح البري، لحين التأكد من هوياتهم وهوية المرافقين لهم، وقد يطول الانتظار لساعات.
وأكد أن الحواجز الأمنية "الأكمنة" الموجودة بطول الطرق في سيناء "رفح – العريش"، و"العريش – القنطرة الشرق"، يستوقفون سيارات الإسعاف وينتظرون تجمع ما لا يقل عن 6 سيارات للسماح لهم بالمغادرة بعد التفتيش على الهويات، وتتكرر تلك العملية عند كل حاجز أمني.
جهود الأطباء
في السياق ذاته، قال مصدر خاص للجزيرة نت داخل مستشفى العريش العام -فضل عدم ذكر اسمه- إن الأطباء يبذلون جهودا مضنية للحفاظ على أرواح الجرحى في مستشفيات شمال سيناء.
وأكد أنهم يعملون بجد في مستشفى العريش العام ومستشفى بئر العبد التخصصي، حيث يقومون بإجراء عمليات جراحية دقيقة يوميا للحالات الحرجة، لكن وبسبب تأخر وصول الجرحى خاصة أصحاب الإصابات الخطرة، لا تجدي أي محاولة لإنقاذهم نفعا، ويموت منهم الكثير.
بدوره، قال رئيس قسم التخدير في مستشفى العريش العام سامي أنور، إن فريقه الطبي يقوم بجهود مضاعفة على مدار الساعة لإجراء عمليات دقيقة للمصابين، موضحا أنهم يركزون خصوصا على الحالات المهددة ببتر الأطراف وإصابات الدماغ التي تحتاج لتدخل جراحي فوري.
وأشار الطبيب المصري إلى أن الإصابات التي يُعالجها فريقه "بشعة للغاية"، وكثير منها يحتاج إلى إجراء عمليات تجميلية. ومع ذلك، يوضح أن ضغط العمل الكبير على الأطباء يجعل من الصعب تنفيذ هذه العمليات، حيث تستغرق العملية الواحدة أكثر من 10 ساعات.
طول الانتظار
وبغصة في الحلق، قال الجريح الفلسطيني "محمد صبري" 27 عاما، إن طائرات الاحتلال قصفت منزل عائلته بشكل مفاجئ ودون أي مبررات واضحة، ما تسبب في تدمير المنزل بشكل كامل.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف صبري "للأسف، كان أفراد العائلة نياما في تلك اللحظة، ولم يكن بإمكانهم الخروج في الوقت المناسب نظرا لتكدسهم". وتمكن صبري فقط -بدون أي فرد من عائلته- من الدخول لمعبر رفح للعلاج بمستشفيات مصر وبدون مرافقين، بسبب إجراءات الاحتلال الأمنية، حسب قوله.
وأضاف "يزيد من مأساتي وآخرين من جرحى قطاع غزة، إجراءات الاحتلال المجحفة في حقنا، نصل إلى معبر رفح بشق الأنفس، وننتظر كثيرا لنعبر للجانب المصري، نتفاجأ أن علينا الانتظار وقتا طويلا بالأراضي المصرية لإنهاء السلطات أمورا أمنية، ويستغرق الوقت ساعات أو أقل قليلا".
وأردف بالقول "لا تجدي الإسعافات الأولية نفعا لوقف أنين جراحنا التي في الغالب تكون صعبة للغاية، ونتمنى أن نصل بشكل أسرع للمستشفيات لتلقي العلاج، وإلا نموت في بلادنا وتحت ركام بيوتنا المقصوفة".
وبحسب مصدر خاص للجزيرة نت في معبر رفح البري، فإن المعبر يفتح بواباته فقط لعبور الجرحى والمرضى من الجانب الفلسطيني للجانب المصري، وذلك في اليوم الثالث لانهيار الهدنة المؤقتة.
المصدر : الجزيرة