مشروع الموازنة وخطة الطورائ



اقرت الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية ٢٠٢٤ ولكن على ما يبدوا انها لم تأخذ بعين الاعتبار مجريات الأحداث في المنطقة والعدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية واحتمالية توسع دائرة الصراع ودخول أطراف إقليمية ميدان الحرب وهذا يعني إطالة أمد العدوان لفترة قادمة لا يمكن معرفة نهايتها.

وبناءً على الأرقام المقدمة في مشروع القانون والذي استند على نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ٢،٧٪؜ وبقاء معدل التضخم عند مستوى ٢،٦ ٪؜ وبالتالي قدرت الحكومة قيمة الإيرادات العامة بنحو١٠،٣ مليار دينار والنفقات العامة بنحو ١٢،٣٧ مليار دينار ،وبناءً على تلك الفرضيات التي ارتكز عليها مشروع الموازنة يتضح أن الحكومة لم تأخذ الانعكاسات السلبية للعدوان على اقتصادنا الوطني وتأثر العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية وخاصة قطاع السياحة والنقل والخدمات ودخول قطاعات أخرى في مرحلة ركود نتيجة تراجع الطلب والتخوفات من تداعيات الحرب وارتفاع أسعار الطاقة وتراجع تدفقات العملة الصعبة وشح السيولة في الأسواق ومن المؤكد تراجع قيمة المستوردات والصادرات بنسبة اكبر مما تتوقع الحكومة .

استمرار الحرب في المنطقة يعني تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي بسبب عزوف المستثمرين عن اخذ قرارات جديدة ويعني ايضاً عزوف الشركات والمؤسسات عن التوسع والاقتراض وزيادة النشاط الاقتصادي وسيكون المواطن حذر جداً في سلوكه الاستهلاكي وسيدفع السائح الأجنبي والعربي للتراجع عن القدوم للأردن ، ولهذه الأسباب جميعها سيكون هناك تراجع واضح في الإيرادات العامة للدولة على عكس ما جاء في مشروع الموازنة الذي توقع زيادة في الإيرادات المحلية بنسبة بلغت ١٠٪؜ لتصل لنحو ٩،٦ مليار دينار معتمداً في الدرجة الأولى على ارتفاع الإيرادات الضريبية بشقيها الدخل والمبيعات لتصل لنحو ٧،٢ مليار دينار.

وفي المقابل رفعت الحكومة قيمة النفقات الرأسمالية بنسبة بلغت ١١،٨٪؜ لتصل إلى ١،٧٢٩مليار دينار وهي الأعلى في تاريخ الدولة وذلك بسبب زيادة النفقات على مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وكذلك على مشاريع الجهاز العسكري والأمني والسلامة العامة وهذا البند من النفقات يعتبر ضرورياً في ظل استمرار الحرب والحالة الأمنية في المنطقة.

الاقام التي وردت في مشروع قانون الموازنة ستواجه صدمة حقيقية إذا ما استمرت الحرب وطال امد الصراع وهنا كان من الأجدى ان تعلن الحكومة عن موازنة طوارئ جديدة تحسباً لبقاء الظروف الحالية لفترات أطول وبالتالي ستكون جميع القطاعات الاقتصادية امام تحديات تحتاج لخطة اقتصادية طارئة تراعي الاثار السلبية التي ستلحق بتلك القطاعات وقدرتها على الاستمرار والإنتاج والمحافظة على الأيدي العاملة ودفع المستحقات المالية للدولة من ضرائب و رسوم واقتطاعات الضمان الاجتماعي ودفع ما عليها من التزامات سواء كانت للبنوك او لغيرها من الجهات واستمرار العجلة الاقتصادية بالدوران دون توقف .


* خبير اقتصادي