تصفية القضية الفلسطينية .. هدف مشترك !



ما يجري في غزة يفوق الخيال ، ويتفوق على أي سيناريو درامي ، فالمشاهد التراجيدية بلغت ذروتها وتعصف بالمشاعر الانسانية الى درجة يصعب تحملها ، ورغم ذلك لا تجد النداءات الموجعة من أهل القطاع المنكوب ، وخاصة من الاطباء والكوادر الصحية وطواقم الاسعاف والدفاع المدني من يستمع اليها من قبل العرب، وكأن هذه الأمة في غيبوبة أو أنها مخدرة وفقدت أحاسيسها !

كل هذا القتل والتدمير الممنهج الذي يقوم به العدو، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الاميركية المتقدمة والمحرمة دوليا بحق المدنيين والأطفال والنساء ، لا يجد صدى في مختلف انحاء " بلاد العرب أوطاني "!

هل يعقل أن يستمر هذا الصمت المريب ، والاكتفاء باصدار بيانات وتصريحات باهتة تشجب وتستنكر، وتناشد ما يسمى "المجتمع الدولي" بالتدخل !، حتى بعض المساعدات الملحة التي تتعلق بأهم ضرورات الحياة، كالغذاء والدواء والمحروقات تتطلب استئذان العدو للسماح بادخالها ؟! الى هذه الدرجة وصل الهوان بأمة يقارب عدد سكانها 400 مليون نسمة وتتكون من 22 دولة ؟

غزة المحاصرة منذ نحو 17 عاما ، يزداد الحصار عليها في ظل عدوان بربري قل نظيره عبر التاريخ ، وتحولت شوارعها وساحاتها وعماراتها السكنية ومستشفياتها الى أنهار من الدماء ، وتلال من جثث الشهداء الى درجة ضاقت بها المقابر ولم يعد ثمة متسع للمزيد !

في تاريخ الحروب يضرب المثل دائما بحصار مدينة لينينغراد السوفيتية ، من قبل الجيش النازي عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية ، وفي ذلك الوقت كان يقارب عدد سكانها سكان قطاع غزة هذه الأيام ، لكن على سبيل المقارنة قصف الالمان لينينغراد بنحو 75 ألف قذيفة واستهدف القصف مخازن الغذاء والوقود ، وما يحدث في غزة هذه الايام يزيد عن ذلك في وحشيته ، حيث يستهدف القصف الصهيوني بأسلحة تفوق بقدرتها التدميرية ما كان يستخدم من قبل الالمان بكثير ، فلم يكن في ذلك الزمن أسلحة "ذكية" ! ولم يكن ثمة طائرات مقاتلة متطورة تقصف بصواريخ وقنابل يصل وزنها الى ما يزيد عن طن !

وخلال الحصار عانى سكان لينينغراد من المجاعة ، وهو ما يحدث في القطاع هذه الايام بل حتى مياه الشرب الصالحة لم تعد متوفرة ، ولم يحدث في لينينغراد نزوح وتشرد فقد بقي السكان في منازلهم ، لكن مأساة غزة مختلفة حيث نزح من شمالها الى جنوبها ما يزيد عن مليون شخص، لجأوا الى المستشفيات والمدارس ومنازل الأخرين ، لكن القصف الهمجي الذي يستهدف الأطفال والنساء والمصابين لاحقهم ، أمام أعين المنظمات الدولية المعنية بالعمل الانساني مثل الاونروا واليونسيف والصليب الاحمر الدولي !

وفي نهاية المطاف تمكن الجيش الأحمر السوفييتي من فتح طريق نحو مدينة لينينغراد المحاصرة ، وبفضل ذلك وفرت موسكو نحو 5 ملايين طن من الغذاء والوقود لأهالي المدينة . وبعد حوالي 900 يوم من الحصار، تمكن الجيش الأحمر من تحريرها التي وكانت أشبه بمدينة أشباح مدمرة ، لكن الدمار الذي يحدث في قطاع غزة لا مثيل له، فهو يطال البشر والحجر وكل شيء !

وليس مطلوبا من الجيوش العربية خوض حرب لتحرير غزة ، وانقاذ أهاليها من هذا العدوان الغاشم فهم صابرون مرابطون ويرفضون الخروج من وطنهم ، لكن لا يعقل أن يبقى سكان غزة يصرخون ويطالبون بايصال احتياجات الحياة الأساسية دون أن يستجيب لهم " أخوتهم "!

! وعليه فان النتيجة التي يمكن استخلاصها ، أن تدمير غزة وابادة سكانها وتصفية القضية الفلسطينية ، هدف مشترك بين دولة الاحتلال والانظمة العربية برعاية اميركية وتواطؤ دولي.