إلزم بيتك.. ألا تستحق غزّة منا الإضراب ليوم واحد؟



ما لم تكن طبيبا جرّاحا مرتبطا بموعد مسبق لعملية حرجة غير قابلة للتأجيل، أو طبيب طوارئ تتعلّق أرواح الناس بعملك وتواجدك..

وما لم تكن رجل دفاع مدنيّ يملي عليك الواجب أن تبقى متأهبا على مدار الساعة من أجل إنقاذ الناس وإغاثتهم..

وما لم تكن رجل أمن لا تستطيع أن تغفل عينيك لحظة عن حفظ الأمن والنظام..

وما لم تكن جنديا مرابطا على أحد ثغور الوطن..

وما لم تكن مهندس كهرباء أو مهندس مياه يقع على كاهلك إدامة الشبكة وضمان التزويد..

وما لم تكن صاحب وظيفة حساسة أو مهنة دقيقة أو مسؤوليات جسام تحاكي ما هو مذكور أعلاه، فلا يوجد هناك أي عذر في الدنيا يمكن أن يبرر لك عدم تجاوبك مع الدعوة العالمية للإضراب غدا الاثنين للضغط من أجل وقف إطلاق النار الفوري في غزّة!


وبالنسبة لأبنائك فإنّ عبقريتهم لن تتأثر في حال تغيّبوا يوما عن الحضانة أو الروضة أو المدرسة أو الجامعة، هم يتغيّبون عادة لأتفه الأسباب!

أمّا إذا كنتَ مدير نفسك، وتمتلك مهنتك الخاصة أو عملك الخاص صغُر حجمه أو كبُر، فإنّ مسؤوليتك مضاعفة، إلاّ إذا كان جشعك وطمعك وشحّ نفسك يُملي عليك أنّ أهل غزّة لا يستحقون منك التضحية بإيراد أو غلّة يوم واحد!

ولا تخف، السلطات لن تعتبر إضرابك غدا موجّها ضدها أو تحدّيا لها، والأجهزة الأمنية لن تضع "دودة" مقابل اسمك لقاء "فعلتك" هذه..

فأولا منتسبو أجهزة الدولة هم أخي وأخوك وابن عمّي وابن عمّك وجاري وجارك وابن بلدي وابن بلدك، وهم مثلي ومثلك يحبّون فلسطين ويعتبرونها قضيتهم المركزية، ويعتصرون ألما ويستشيطون غضبا ويتفلّتون حميّة وهم يرون حرب الإبادة والتهجير التي يتعرّض لها أهلنا في غزّة وعموم فلسطين.

وثانيا الإضراب هو تعبير عن اللُحمة الوطنية وتكامل الموقفين الشعبي والرسمي تجاه ما يحدث في فلسطين وما يحاك لها في ضوء السعار الصهيوني الذي بلغ مستويات حرجة ومفصلية ومصيرية.

وثالثا مسؤولو الدولة ومنتسبو الأجهزة الأمنية لن يرضيهم أن تتنادى جميع أمم وشعوب العالم للإضراب من أجل غزّة، ونتقاعس نحن وفلسطين تجري منّا مجرى الدم في الوريد، والفرق بين الأردن وفلسطين هو كالفرق بين بطين القلب الأيمن وبطينه الأيسر.

وتذكّر، نحن نتكلّم عن إضراب وليس عن "إجازة" للتريّض أو شمّ الهوا.

الزم بيتك، واجمع عائلتك، ولتكن القضية وفلسطين وغزّة هي شغلكم الشاغل لذلك اليوم، سواء بالحديث عنها (خاصة مع الأطفال)، أو بمتابعة أخبارها، أو بالدعاء والابتهال لها.

وحبذا لو نذرنا للرحمن صياما نختمه بفطور متقشّف، وذلك من قبيل المشاركة الوجدانية لما يتعرض له أشقاؤنا في غزّة من حصار وتجويع وتعطيش.

من حيث المبدأ غزّة تستحق أن نُضرب من أجلها العمر كلّه لو استدعى الأمر، ولكن المطلوب هنا هو أن نُضرب يوما واحدا فقط، فهل هذا كثير على غزّة وأهالي غزّة؟!