وسائل اعلام محلية تسقط في اختبار اخر..

 


كتب أحمد الحراسيس - 

نفهم أن لكلّ وسيلة إعلام سياستها التحريرية الخاصة، وأن السياسات التحريرية تكون مستندة لمبادئ المهنية وتوجهات هذه الوسيلة الإعلامية، لكن هناك محددات لا يمكن تجاوزها مهما اختلفت السياسات التحريرية، وعلى رأس هذه المبادئ نقل الأخبار والأحداث التي تشهدها الساحة الداخلية وتستحوذ على اهتمام الجمهور، والتزام المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي، والتزام الحيدة و الموضوعية و الانحياز للحقيقة، والأهم من كلّ ذلك احترام عقل الجمهور ووعيهم، وتجنّب ممارسة الوصاية على آرائهم واتجاهاتهم.

منذ مساء أمس الأحد، بدأت بعض وسائل الإعلام بالضخّ المضادّ للدعوات العالمية للاضراب الشامل عن العمل اليوم الاثنين، حتى وصل الأمر بصحيفة رسمية نشر مادة وصفت بها دعوات الاضراب بأنها "مشبوهة وغير وطنية، وتستهدف خلق شرخ بين الموقفين الرسمي والشعبي"، وفي هذا تحريض واضح على السواد الأعظم من الأردنيين الذين قرروا الاضراب، كما أن فيه اساءة وتشكيكا بالجبهة الداخلية ومحاولة إظهارها وكأنها "هشة" وتنقاد وراء أي دعاية، والحقيقة أن الجبهة الداخلية متماسكة وواعية ومدركة لأسباب الاضراب وأهمية الالتزام به، وأما ما يخلق شرخا بين الموقفين الرسمي والشعبي هو الخروج عن الاجماع الوطني.

ومن أوجه التحشيد ضدّ الاضراب، ذهاب بعض وسائل للاستفسار من وزارة التربية وغيرها حول دعوات الاضراب ليوم الاثنين، متجاهلة أن الاضراب عمل شعبي وليس رسمي أو حكومي، فتطوعت لفتح منصاتها ومنابرها أمام الوزارة لترهيب المواطنين ومحاولة عرقلة مشاركتهم في الاضراب.

الأغرب من ذلك، هو تجاهل عدد من وسائل الإعلام للإضراب الشامل الذي عمّ المملكة، واعتباره وكأنه لم يكن، والأنكى من كلّ هذا أن وسائل الإعلام تلك، قامت بنشر الأخبار المتعلقة بوجود إضراب في الأراضي الفلسطينية، متجاهلة أن الأردن كلّه ينفّذ إضرابا!

لا نفهم المغزى من محاولة تفكيك الحالة التضامنية مع المقاومة والأهل في غزة، فمصلحة الأردن بانتصار المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، وتضامن الشعوب ورسائل الدعم هي إحدى أهم أسباب الصمود، وكان الأجدر بوسائل الإعلام تسليط الضوء على الحالة الشعبية والرسمية المتضامنة والداعمة للمقاومة والأهل في غزة، بل ومحاولة تعظيمها، كما أننا اليوم نعيش مرحلة مفصلية في مسيرة القضية الفلسطينية، والتاريخ يسجّل المتخاذلين كما يسجّل الأبطال الذين يخوضون الحرب، ولا نريد أن تعتقد الأجيال القادمة أن الأردن وشعبه قد تخاذل يوما تجاه القضية الفلسطينية..