الاضراب ورقة بيد الاردن وليس إستقواء على الدولة..



وضع الاضراب العام الذي شهدته المملكة تضامنا مع فلسطين وأهالي غزة ورقة هامة بيد الدولة الاردنية يمكن إستخدامها إن ارادت التصعيد بوجه العدو الصهيوني النازي من ناحية ، ومن ناحية أخرى وبالتحديد بوجه الولايات المتحدة الامريكية بشكل ناعم لا يؤدي الى تخريب العلاقات أو وصولها الى حالة التأزيم بين عمان وواشنطن ، خاصة ان الحكومة واجهزتها لم تعمل على التصدي للاضراب بشكل حازم كما كان يجري سابقا ، بل كانت الامور واضحة ان هناك رضى لكنه استتر خلف بعض التصريحات الاعلامية .

فورقة الاضراب التي تمثل تصعيدا شعبيا ضد الولايات المتحدة الامريكية التي منحت الصهاينة كرت أخضرلارتكاب المجازر بحق أبناء غزة وفلسطين تشهد على ان هذه المجازرلا يمكن السكوت عنها، خاصة مع دخول العدوان الشهر الثالث واستمرار المجازر الاجرامية والابادة الجماعية التي تقوم بها العصابات النازية الصهيونية " الجيش الإسرائيلي" بين المدن والمخيمات والأحياء حاصدة الأرواح البريئة من المدنيين اطفالا ونساء وكبار سن ، فيما حكومات الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية الداعمة للكيان لم تهزها الصورال موجعة التي تبث من القطاع ،وعلى نهجها سارت وتسير حكومات كل جهات الأرض الا قلة قليلة، ولم يتحرك ضميرها "إن وجد" والذي تواطأ ويتواطأ على الدم الفلسطيني ، بينما اكتفت بعض الحكومات العربية وللاسف بمواقف وبيانات لا تساوي قيمة الحبرالذي كتبت به .

إن قيام النشطاء حول العالم والذين اخذوا على عاتقهم التصدي للعدوان النازي الصهيوني بالدعوة لوقف الحرب على غزة، من خلال الاضراب العالمي الشامل يوم أمس الاثنين ، بهدف الضغط على الحكومات وإجبارها على التحرك بشكل جاد لوقف المجازرالإسرائيلية وجرائم الإبادة المتواصلة التي يرتكبها العدو بحق الفلسطينيين، وبشكل اوضح ضد مواقف الولايات المتحدة في مجلس الامن، حيث استخدمت اكثر من مرة حق النقض الفيتو ضد أي مشروع يتضمن وقف العدوان على أبناء غزة، وبالتالي لم يكن هذا الموقف الشريف من نشطاء العالم يخضع لاية اجندات للمس بالدول من حيث الامن أو الاقتصاد، بل كان صرخة مدوية بوجه الظلم وازدواجية المعايير وغياب العدالة واحتجاجا على استمرار القتل والابادة الجماعية التي تمارسها العصابات النازية الصهيونية التي تسمى"بالجيش الاسرائيلي" .

والاردن بإعتباره الاقرب الى فلسطين ومنها بالطبع غزة والتي حَجزتْ وتحجز لنفسِها مَقعداً في قلوب الاردنيين وشرايين دمهم بكافة مواقعهم منذ أن كانت الارض، لم يكن غريبا أو مستهجنا أن لا يلبي شعبه الدعوة العالمية بالمشاركة في هذا الاضراب، بل عكس ذلك هو الصحيح ،فالمناسبات والاحداث تؤكد ان الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي اعتبر ولا يزال المتحدث الرسمي بإسم فلسطين القضية أرضا وشعبا وحقوق أبدية إنسانية أو قانونية ،وهومن حمل القضية الى المنابر الدولية ،وقد اطلق جلالة الملك والاردن بحكومته ومؤسساته للعالم الصرخات المدوية حول عذابات الفلسطينيين تحت الاحتلال من اجل ان يسمع العالم صوت أنينَهم ،ويظهروا حجم بشاعة ما يرتكبه الاحتلال النازي الصهيوني من قتل وقهر وتشريد وهروب من جحيم الموت إلى جحيم اللجوءِ في دول العالم منذ اكثر من 75 عاما ، وبالتالي فأن الاضراب الذي قام به الاردنيين في مختلف المواقع التجارية والاقتصادية والمحافظات والقرى هو تعبيرعن الالتحام والتضامن الشعبي والرسمي للانتصار لفلسطين .

واليوم ونحن نشاهد ونسمع ما يجري في غزة من إبادة جماعية ومن عدوان يومي على الضفة الغربية والمقدسات فيها، فإن الاردن يتعرض للتهديد الاسرائيلي ايضا، وهذا التهديد يجب ان يكون في اجنداتنا الرسمية والشعبية فوق كل اعتبار اخر، حتى وإن حاول البعض الترويج بأن المظاهرات والاحتجاجات والمسيرات أو الاضراب تؤذي الاردن داخليا وهو بالتأكيد منطقا ليس صحيحا ، لان السيادة الوطنية اكبر من كل الاعتبارات وهي الملاذ لتوحيد الموقف والكلمة من أجل التصدي للمشاريع النازية الصهيونية وخاصة في مجال تهجيرأهل الضفة الى الاردن .

وانطلاقا من ذلك كنت اتمنى ان لا يصدرعن الناطق بإسم الحكومة وزير الاعلام الصديق والزميل السابق مهند مبيضين ما يؤشر الى التناقض بالمواقف من خلال ما ورد على لسانه بأنه يرفض فكرة الاضراب ، خاصة ان الزميل السابق مهند مبيضين كان واحدا من الذين يشاركون او يساهمون بالمسيرات والاعتصامات قبل سنوات ، وبالتالي فأن التشنج في مواجهة الاضراب أو شيطنته كما فعلت احدى الصحف اليومية الكبرى أو التهوين من اثره على المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة، وتأثيره النفسي على أهلنا في غزة وفي الضفة الغربية من خلال رسالة الاضراب التي مفادها انهم ليسوا متروكين او مكشوفي الظهر .

إن نجاح الاضراب لا يجب ان يترجمه بعض المسؤولين على أنه ضد الدولة أو محاولة للاستقواء عليها ، فليس في الاردن من يقبل الاستقواء على الدولة ، واذا كانت هناك انتقادات لبعض المسؤولين حول تعاطيهم مع هذه القضية او تلك ،او انتقاد الحكومة على هذا الموقف او ذاك ، فهذا كله يدخل في باب حرية الرأي التي كفلها الدستور ، اضافة الى ان الشعب بغالبيته يريد من حكومته مواقف اكثر حزما وقوة تجاه الكيان النازي الصهيوني، فيما يتعلق بغزة والمجازر الدائرة هناك، ويملك الاردن العديد من الاوراق ومنها الان هذا التعبير عن الغضب الشعبي الذي تمثل بالاضراب .

باختصار الاضراب والمسيرات والاحتجاجات والتظاهر قرب السفارات التي هي تعبيرعن الغضب الشعبي ،هي أوراق بيد الدولة لا عليها ، وعلى كل مسؤول لديه شك أن يراجع حساباته ، فكل المؤشرات تقول أن جلالة الملك والحكومة والشعب كلهم في خندق الدفاع عن فلسطين وليس في خندق اعدائها .

إن كل الاساطيل الغربية ومعها النازية الصهيونية لم ولن تهزم شجاعة شباب فلسطيني ينبع من فوق الارض ومن تحتها فالمقاومة تكتب برصاصها على الدمار وبقايا المنازل والابنية المدمرة والاحياء الممسوحة حكاية الشعب الذي أمسك جنود وضباط الاحتلال النازي الصهيوني في معسكراتهم ومسح بهم وبمدرعاتهم واسلحتهم الارض ومرغ انوفهم بالتراب، وشباب غزة ابناء الارض وجنودها اليوم هم من يحاصر جنود الاحتلال النازي الصهيوني ، بالرغم من ما يرتكبه العدو من اجرام وابادة بحق المدنيين الفلسطينيين، كتعويض عن غياب النصر أو حتى النجاح في بعض اهدافه التي حددتها قيادة هذا العدو لدى العدو ، وعلى الهدو ان يفهم ان ما سيواجهه في الاردن او اية ساحة عربية لا يقل عن مايفعله ابطال غزة في حال اعتدى بأية وسيلة على بلدنا او البلدان العربية الاخرى ، والاضراب هو انذار اولي للامريكان قبل الصهاينة ولمن يتحالف معهم ضد الامة وضد قضيتها الاولى فلسطين من بحرها الى نهرها .. يتبع