هل رفع بايدن الغطاء عن الحرب وعن بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة؟


كتب أحمد عبدالباسط الرجوب * 

أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلة أمس الثلاثاء 12/12/2023، بالتصويت بأغلبيّة ساحقة لصالح قرار بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بعد اجتماعها بموجب الميثاق كهيئة لحفظ السلام بسبب إخفاق مجلس الأمن الدولي بإقرار وقف النار بسبب الفيتو الأميركي الاخير. وكان لافتاً أنه باستثناء أميركا و«الكيان الصهيوني» لم يقف ضد وقف النار إلا مستعمرات تحركها الخارجية الأميركية، بينما اكتفى الحلفاء الأقرب لواشنطن بالامتناع، كما فعلت بريطانيا وعدد من الدول الأوروبية الشرقية. بينما أجمعت دول أوروبا الغربية بما فيها فرنسا على التصويت الى جانب القرار الذي حاز 153 صوتاً، وعارضه 10 وسط امتناع 23، بما يعتبر تصويتاً ساحقاً لصالح القرار، وإدانة الفيتو الأميركي والحرب الإسرائيلية الوحشية.

بدأ الطوق يكتمل حول عنق نتنياهو، حيث الفشل العسكري في غزة يضغط على كل مؤيدي الحرب الوحشية على غزة، بينما تبدو المقاومة أشد قوة وتُمسكُ بزمام المبادرة في الميدان. ووجه الحرب الوحيد هو المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق النساء والأطفال وتدمير نصف غزة ومستشفياتها ومدارسها وبيوتها ومؤسساتها، حتى ضاق العالم ذرعاً وخرج إلى الشوارع منتفضاً ملزماً حكوماته بتغيير مواقفها، والانتقال إلى ضفة تأييد دعوات وقف الحرب، كما قال التصويت في مجلس الأمن الدولي قبل أيام.

قبل صدور نتائج التصويت الاممي ليلة امس، كان الرئيس الأميركي جو بايدن، يؤكد التزامه مع «إسرائيل» وأمنها، ويجاهر بصهيونيته مجدداً، لكن ليقول إن الحرب فقدت مشروعيتها وإن العالم ينقلب ضد «الكيان»، وإن «دولة الاحتلال» باتت عبئاً أخلاقياً على أميركا بسبب قتل المدنيين والقصف العشوائي في غزة، داعياً رئيس حكومة الاحتلال إلى تغيير جذريّ بإعلان قبول حل الدولتين، وتولي السلطة الفلسطينيّة أمن قطاع غزة، وتغيير حكومته بإخراج المتطرّفين منها؛ فيما اعتبرته مصادر أميركية علقت على الكلام في وسائل الإعلام الأميركية رفعاً للغطاء عن الحرب وعن بقاء نتنياهو في رئاسة الحكومة واعترافاً واضحاً بالفشل في الحرب التي وضع بايدن ثقله للفوز بها.

لقد بينت تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة بشأن فقدان إسرائيل الدعم الدولي وضرورة تغيير حكومة نتنياهو، كما تعكس تحولا كبيرا في موقف الولايات المتحدة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأنها ربما تكون بداية تسويات كبرى تمثل تصريحات بايدن تحولا كبيرا في الموقف الأميركي، وإنها تنم عن فقدان واشنطن الصبر إزاء الحرب المتواصلة على غزة منذ أكثر من شهرين وبالتالي، فإن تصريحات بايدن تمثل فقدان الثقة الأميركية إلى حد كبير في قدرة إسرائيل على تحقيق إنجاز عسكري، كما أنها تؤكد تزايد عزلة تل أبيب دوليا وتراجع الدعم الدولي لها بسبب الكلفة الإنسانية الكبيرة التي يدفعها أهل غزة.

ما يريدة الارهابي نتنياهو إشعال النار على أوسع نطاق، من أجل أن يكون هناك تدخل من أميركا وحلفائها الأوروبيين بحجة حفظ السلام، وتوسيع دائرة الحرب لتشمل إيران، باعتبار إيران داعمة للمقاومة. وانتصار المقاومة يعدّ انتصاراً لإيران، وتوسيع دائرة الحرب تشمل أيضاً لبنان وحزب الله.

لم يبقَ لغزة غير رجال المقاومة الذين عاهدوا الله على النصر أو الشهادة في زمانٍ قلّ فيه الرجال، ومالت فيه الرقاب، وإن إرادة الحياة والتحرر في فلسطين لا يمكن وأدها بفظائع التدمير وخطط التهجير والتطهير العرقي، وأن التاريخ سيكتب من يقف خلفها في عداد مجرمي الحرب وأعداء الإنسانية وقد كانت الاحتجاجات والمظاهرات في جميع انحاء العالم تعبيرا صادقا عن إرادة " الثوار الصامدين الأحرار الذين ثبتوا في ساحات معارك النصر أو الاستشهاد، كان يقينهم بأن إرادة الحياة أقوى وأبقى وإيمانهم بالنصر على استعمار استيطاني، وعلى آلة عدوانه المدججة بأفتك أسلحة التقتيل والتدمير، والتي أمعنت في سياسة الأرض المحروقة بأبشع صورها "..

خلاصة القول...

نرى بأن تصريحات بايدن ليلة امس تمثل ضربة لدولة الكيان الصهيوني التي ملأت العالم بحديث ينم عن الغرور خصوصا فيما يتعلق بموقف نتنياهو من السلطة الفلسطينية، والذي يناقض موقف واشنطن بشكل كامل.

بينت تصريحات بايدن تحولا امريكياً تجاه الحرب على غزة وان دولة الكيان الصهيوني تدرك تماما بأنه لا وزن لها دون غطاء أميركي، وبالتالي ربما نجد تصدعا سياسيا في داخل هذا الكيان الهش.

اعتقد بان المراهنة والتحدي هو أن تتحول الأقوال الأميركية إلى أفعال لأن البيت الأبيض سبق وأن تراجع عن تصريحات لبايدن وقال إنها فسرت بطريقة خاطئة ، إلى جانب ذلك، فإن الرهان حاليا يتمثل في ممارسة واشنطن ضغوطا فعلية - معلنة أو غير معلنة - على دولة الاحتلال من أجل وضع حد لهذه الحرب، وهذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة..

بايدن في تصريحاتة الاخيرة انما يعمل على إنقاذ دولة الكيان الصهيوني واليهود عموما من نتنياهو خصوصا في ظل حالة الإجماع الدولي على وقف الحرب والذي تجلى في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة صاحبة الفيتو الامريكي.. وهنا لا بد من اقتران تلك التصريحات قولا وفعلا لأن واشنطن ما تزال تزوّد دولة الاحتلال بأسلحة فتاكة وتستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار لوقف الحرب.

 

* باحث وكاتب اردني