لماذا تغير الموقف الامريكي من حرب الابادة على غزة ؟ محللون يوضحون..



مالك عبيدات - أكد محللون سياسيون أن تغير الموقف الأمريكي من العدوان الصهيوني على قطاع غزة مرتبط بخلافات بين الادارة الأمريكية وقادة الكيان الصهيوني، سيّما بعد فشل جيش الاحتلال في تحقيق أيّ من أهدافه التي سبق أن أعلنها لدى بدء هذه في السابع من اكتوبر.

ورأى المحللون السياسيون أن الموقف الأمريكي من الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة تأثر بعدة عوامل، أبرزها تأثير هذا الموقف على وضع الرئيس الأمريكي جو بايدن في انتخابات الرئاسة القادمة، وتأثر مصالح الولايات المتحدة وصورتها حول العالم، بالإضافة إلى حدوث اختراقات في الادارة الأمريكية تعارض ممارسات الكيان الصهيوني وترفض موقف واشنطن منها.

الحسبان: استقطابات غير مسبوقة لدى المجتمع الأمريكي وداخل الحزب الديمقراطي

قال الكاتب السياسي وأستاذ الإنثروبولوجيا، الدكتور عبدالحكيم الحسبان، إن قوة كبرى مثل الولايات المتحدة لا تنظر للمصالح في العالم بعين واحدة، ولذلك أعلن الرئيس الامريكي جو بايدن موقفا جديدا من الحرب في غزة، مبيّنا أن اختيار التوقيت كان مهمّا وذكيا جدا، ليكون مؤثرا بالقرار السياسي بالنسبة لاسرائيل.

وأضاف الحسبان لـ الاردن24 أن هذا السيناريو كان متوقعا، حيث أرادت أمريكا أن يدخل نتنياهو الحرب والتخلص مما عنده من ذخائر، وارضاء الرأي العام الاسرائيلي بعد عملية (7) اكتوبر التي مسته وجوديا، سيما وأن تقارير مدير الأمن القومي الاسرائيلي كانت تشير إلى أن ردع حماس والتخلص من خطرها يحتاج إلى عقدين من الزمن.

وأشار الحسبان إلى أن عقلية التفكير الاستراتيجي لدى الاحتلال تختلف عنها لدى الولايات المتحدة، حيث أن تفكير نتنياهو لا يتجاوز غزة وشمال الكيان ودول "محور المقاومة"، فيما التفكير الاستراتيجي الأمريكي يكون على مستوى العالم وحساباته مختلفة وتتدخل فيها مؤسسات الدولة مثل البنتاغون والخارجية والسي اي ايه، لافتا إلى أن نتنياهو يتصرّف وكأنه ملك لاسرائيل نظرا لامتداد ولايته إلى (16) عاما وينظر له الشعب الاسرائيلي هكذا لوجود خلفية تاريخية لذلك.

ولفت الحسبان إلى أن عقلية الادارة الأمريكية في عهد بايدن تختلف عنها في عهد ترامب، لكنّ عهد بايدن شهد انتخاب الحكومة الأكثر تطرفا في الكيان الصهيوني.

وبين الحسبان أن هناك حسابات مختلفة لدى الادارة الأمريكية في ظلّ اقبالها على انتخابات ستؤثر على مستقبل بايدن، واستمرار الحرب ليس في مصلحة بايدن، منوّها أن الخلافات بين الادارة الأمريكية وقادة اسرائيل موجودة منذ بداية الحرب، ولكنها الآن ظهرت بشكل علني، مشيرا إلى أن أمريكا أولويتها الآن روسيا والصين ويعتبرونها خطرا استراتيجيا.

وقال الحسبان إن الشعب الأمريكي يمرّ في مرحلة استقطابات غير مسبوقة بين التيارات والأجنحة المختلفة، وهناك خلافات كبيرة داخل الحزب الديمقراطي بين فئة الشباب التي تقف ضد الحرب وبين قادة الحزب، ما نقل الصراع إلى داخل البيت الأبيض اضافة إلى وجود تمرّد في وزارة الخارجية وهذا يحصل لأول مرة بتاريخ أمريكا.

وختم الحسبان حديثه بالقول إن الوضع الميداني في غزة سبب رئيسي في القرار السياسي الأمريكي، نظرا لوجود قادة أمريكيين لديهم تجارب في حرب المدن يشيرون إلى أن الأمور ليست في صالح اسرائيل.

الحوارات: خلافات مع قادة الاحتلال

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور منذر الحوارات، إن هناك خلافات بين الادارة الأمريكية والكيان الصهيوني حول بعض القضايا الجانبية، ومنها سلوك المستوطنين وموعد إنهاء العملية البرية وتعديل الحكومة واخراج المتطرفين منها، وهذا يعني عمليا انهاء نتنياهو بشكل رئيسي.

وأضاف الحوارات لـ الاردن24 أن الولايات المتحدة مازالت تدعم الاحتلال وتمدّه بالمال والسلاح، وما يجري الاعلان عنه جاء لغايات انتخابية بالنسبة لبايدن الذي بات محرجا بسبب الابادة الجماعية التي تقوم بها قوات الاحتلال والتهجير والتدمير، كما أن ادارته تعرّض لعدة انتكاسات.

وبيّن الحوارات أن صمود المقاومة وعدم قدرة جيش الاحتلال على إنهاء المعارك له دور كبير أيضا في تغيير لغة الخطاب في أمريكا، اضافة إلى الخلافات مع نتنياهو حول من سيدير غزة بعد الحرب.

شنيكات: صمود المقاومة.. وقناعة امريكية بعدم تحقيق اي هدف

قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، إن الموقف الأمريكي من حرب الإبادة على قطاع غزة بدأ يتغير بعدما شعرت الولايات المتحدة أن هذه الحرب لم تحقق أية نتاج بعد مرور (68) يوما على بدئها، خاصة أن قوات الاحتلال لم تتمكن من الدخول إلى الشجاعية وتحتاج أسابيع عديدة لتحقيق ذلك، وهو ما لا تتحمّله دول العالم الأخرى.

وأضاف شنيكات لـ الاردن24 أن الخسائر الكبيرة التي مُني بها جيش الاحتلال وخاصة في لواء غولاني الذي يعتبر من قوات النخبة وقتل بعض قادته، جعلت الولايات المتحدة تتحقق من طول أمد الحرب، الأمر الذي دفعها للبحث عن بدائل لوقفها.

وأشار شنيكات إلى أن الخسائر الكبيرة التي تكبدها جيش الاحتلال وصمود المقاومة له دور كبير في تغيير الرأي العام العالمي وداخل المجتمع الاسرائيلي، لافتا إلى أن جيش الاحتلال والمجتمع الاسرائيلي لا يمكنه تحمّل استمرار تكبد الخسائر الكبيرة في الأرواح.

ولفت شنيكات إلى أن تصريحات بيني غانتس وهو من القادة الثلاثة في مجلس الحرب بأن "الحرب كبيرة والخسائر أكبر" دليل على عدم تحمّل تلك الخسائر وبداية التململ، مبيّنا أن رفض حماس للمفاوضات دون وقف اطلاق النار سيكون شرطا للتوصل إلى اتفاق هدنة جديد.