عاجل - "أُشربوا في قلوبهم إسرائيل".. مشكلة الانظمة العربية!
كتب كمال ميرزا -
من أجمل التعابير القرآنية قوله تعالى: ".. وأشربوا في قلوبهم العجل.." لوصف استعصاء ومكابرة بني إسرائيل، وشدّة تعلّقهم الوثني والمادي، رغم كل براهين الله تعالى التي شاهدوها بأمّ أعينهم، والنعم والمزايا التي وهبهم إياها وفضّلهم بها على العالمين.
هذا الاستعصاء وهذا التعلّق هو ما جعل بني إسرائيل يعصون نبيّهم موسى بمجرد أن أدار ظهره، ويستقوون على نبيهم هارون، متخذين العجل الذي صنعوه من ذهبهم إلاها يشركونه بالله.
ولاحظ هنا رمزية "الذهب" الذي أصبح دينا ومعبودا لبني إسرائيل!
مشكلة الأنظمة العربية في موقفها الذي تبدّى من خلال "طوفان الأقصى" - إلاّ مَن رحم ربّي - أنّهم قد أُشربوا في قلوبهم "إسرائيل" حتى اختلطت بشحمهم ولحمهم، وسرت في دمائهم، والهواء الذي يتنفسونه، والماء الذي يشربونه.. وبات الكيان بالنسبة لهم العجل الذهبي الذي يعكفون على جسده وخواره!
"إسرائيل" بالنسبة لهؤلاء هي حقيقة من حقائق الكون ومسلّمة من مسلّمات الحياة!
في جميع رؤاهم وتطلعاتهم وآمالهم وطموحاتهم ومخططاتهم واستراتيجياتهم المستقبلية، لا يوجد في عقل ووجدان وضمير الأنظمة العربية تصوّر لعالم يخلو من "إسرائيل" أو يمكن أن يخلو من "إسرائيل"!
هذا احتمال مُسقط وسيناريو مستحيل!
هذا هو السبب الرئيسي وراء ارتباك وتردّد وتلكك الأنظمة العربية، وتفريطهم بالفرصة التاريخية التي منحهم إيّاها "طوفان الأقصى" لحظة وقوعه للانقضاض على إسرائيل، والقضاء عليها، والتخلّص منها للأبد!
ليس الخوف من ردّ فعل أميركا والغرب هو ما منعهم، ولا يعني هذا أنّهم لا يخافون أميركا كخشية الله أو أشدّ خشية.
وليست الخيانة والعمالة، ولا يعني هذا أنّه لا يوجد بينهم خونة وعملاء.
ولكن بالنسبة لهذه الأنظمة العربية فإنّ عالما يخلو من إسرائيل هو عالم مظلم ومجهول وموحش ومرعب!
عالم مجرد التفكير فيه كابوس، والإيمان بإمكانية تحققه كفر وهرطقة!
عالم يخلو من المنطق والمعنى والبوصلة والنموذج؛ فـ "صهيون" هي "الفردوس الأرضي" المفقود، و"اليوتوبيا الأرضية" الموعودة، و"نهاية التاريخ" التي يمنّون النفس بالوصول إليها عبر التطاول في البنيان وسط رمال الصحراء دون الحاجة لـ "مَنّ" السماء و"سلواها"!
ولأنّهم لا يتخيلون لأنفسهم وجودا من دون "إسرائيل"، لم تكتفِ الأنظمة العربية بأنّ قالوا للمقاومة اذهبي أنتِ وربِّكِ فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون، بل ها هم ينتظرون بفارغ الصبر أنّ تستحكم "إسرائيل" من غزّة ليُخرج "الأعزّ منها الأذل"، ويتناسون أنّ "لله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون"!