الأردن دائما مستهدف
رغم أن موقعنا الجغرافي محكوم بمنطقة هي الأشد اشتعالاً في العالم، والمحيط مليء بالمشاكل السياسية والمعارك العسكرية، وصراع الهيمنة على الإقليم إلا أن تاريخ هذه الدولة التي بنيت في أحلك الظروف، رغم أنف من حاول إفشال مشروعها، يشهد لهذا عبر تاريخها كله أنه لم يمرّ يوم من عمرها إلا وشهدت صعاباً وتحديات، كما يشهد التاريخ بأن الأردنيين على اختلاف مشاربهم ومنابتهم استطاعوا تجاوز هذه التحديات، التي من أهم أسبابها مواقفهم المشرّفة مع الأشقاء العرب أينما وُجدوا.
ومنذ ما يقارب العقد ونحن نتحدث حول ضرورة العمل لتحصين الداخل الأردني، خصوصاً أن الأردن مُحاط بمخاطر عدة من جهات ودول عديدة سواءً من شرق الحدود أو شمالها وحتى غربها، ولا تنفك هذه الجهات عن محاولة العبث في أمننا واستقرارنا الداخلي.
أما سياسياً وديمغرافياً، فإن الأحداث التي تدور في فلسطين وخاصة ارتفاع مستوى العنف الذي تشهده الضفة الغربية وتصريحات بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وخصوصاً بعد معركة طوفان الأقصى التي تطالب بضرورة تهجير سكان الضفة الغربية من الشعب الفلسطيني الشقيق إلى الضفة الشرقية (الأردن) يدل على المكنونات المبيتة التي تعمل إسرائيل من أجلها لإنهاء كابوس إقامة دولة فلسطينية، ولضمان استقرارها في الوقت ذاته، ولن تكون هذه إلا خطوة أولى لإتمام مخططها بالتوسع وتحقيق حلمها المزعوم من النيل إلى الفرات.
طبعاً هذه الفرضيات والمكنونات الواهمة تعتقد الحكومة الإسرائيلية أنها سهلة الإنجاز والتحقيق، ولكن هذه الفكرة الساذجة حتماً يستحيل تطبيقها أو تنفيذها أصلاً، كما لن تحدث إلا في حال كانت الضفة الشرقية (الأردن) دولة من ورق.
إن الحديْن الشمالي والشرقي من المملكة يشهدان منذ سنوات حراكاً عسكرياً استخبارياً وقواعد اشتباك زادت في العاميْن الأخيريْن، تماماً كما حصل قبل عدة أيام من محاولات لتجاوز الحدود لغايات عدة استطاعت قواتنا الباسلة الاشتباك ومن ثم إحباطها، ورغم المحاولات السياسية مع الحكومة السورية لحماية الحدود إلا أنه لا استجابة ولا فاعلية، الأمر الذي جعلنا نتخذ الخطوات التي تحمي أمننا الوطني بالرد القوي على المحاولات الخبيثة الناتجة عن محاولات ميليشيات وجماعات مسلحة وإرهابية تحاول تهريب أسلحة، ولا يخفى على أحد الهدف منها وهو زعزعة الداخل الأردني ومحاولة إيجاد مساحة للدول الداعمة لهذه المليشيات فيه، وفي الوقت ذاته تهريب المخدرات، كما تقوم هذه الجماعات بمحاولة إدخال شحنات كبيرة من المخدرات للأردن لأهداف واضحة كي تصل لدول الجوار وخاصة الخليج العربي؛ فالحد الشمالي مشتعل ولن نتوانى كأردنيين بالضرب بيد من حديد لمن يحاول زعزعة أمننا الوطني، عدا عن أن الحد الشرقي يعج بالمتظاهرين عند الحدود الذين يقومون بقطع الطريق على شاحنات النفط القادمة للمملكة قبل أسابيع مع إمكانية إعادة نفس المشهد، ويستغرب بأن هذه الجهات ومليشياتها تحاول في الآونة الأخيرة دعم المعارك في غزة وتريد تحرير فلسطين عبر بوابة الأردن، علماً بأن هذه المليشيات المدعومة من دول إقليمية تبعد عن حدود فلسطين من الجنوب السوري واللبناني مسافة لا تتعدى في بعض الأحيان الكيلو متر الواحد، فلماذا ترغب بالذهاب لفلسطين عبر الأردن؟.
لهذا يجب علينا أن نكون كشعب أردني متيقظين، وعلى قدر من المسؤولية والحذر لتبقى قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية صامدة في وجه الأيدي الخبيثة التي ترغب بالتأثير سلباً على أمننا واستقرارنا، وبإذن الله سيبقى الأردن سداً منيعاً وصامداً يقف لهؤلاء المرتزقة والدول الداعمة لهذه الفئة بالمرصاد.